23 ديسمبر، 2024 1:03 ص

کردستان…حاميها حراميها

کردستان…حاميها حراميها

مرات نقرأ مقالات حول اقليم کردستان فيها شطحات و عدم الانصاف، اما تفريطا من قبل الاخوان کتاب العرب أو افراطا من قبل اقلام مأجورة لسلطة حکم الاقليم،في هذا الخضم يهمل الاغلبية الصامتة والمقهورة من الشعب الكردي و يجحف بحقوقهم، فمن هم الذين يدافعون عن حقوق الاغلبية؟ نادرا ما نقرأ مقالة ما تتطرق الی معاناتهم و واقعهم المأساوي.
لو أمعننا النظر في تأريخ الحديث للاحزاب الکردية لنری بوضوح هيمنة و جبروت الحزبين الرئيسيين: الحزب الديقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الکردستاني علی اقليم کردستان منذ انتفاضة الشعب الكردي سنة 1991‌، فاستغلوا الفراغ السياسي والاداري و بدءوا بخلع الاحذية البلاستكية و لبسوا الملابس الانيقة، وزعموا انهم هم اصحاب الثورة والانتفاضة، بدءوا بتصفيات للاحزاب والقوی الضعيفة والشخصيات المعارضة ثم مقاتلة القوی الاخری کالحزب الشيوعي والحرکة الاسلامية و بي کا کا…ثم بدءوا بمقاتلة البعض و هدروا فيها دماء 12 الف من الشباب الکردي منتهکا فيها کل الاعراف والقوانين البشرية، الی ان انتهت حقبة النظام البائد ثم تعرفوا علی مصادر اخری للسرقات، فبدلا من ان ينهبوا التجار و يغرموهم، استولوا علی آبار النفط و حفر آبار جديدة و استکشاف الغاز ثم مرحلة تواقيع العقود الخمسين سنة مع شرکات اجنبية شتی والحصول علی مبالغ الصفقات الزهيدة مسبقا، ناهيك عن مصادرة الدخل الداخلي کالکمارك و فواتير الخدمات الغير المتوفرة و غرامات المرور و رسومات شتی.. ثم رجعوا بخفي الحنين و زعموا انهم مديونون، دون ان يعرف المواطن لمن ولماذا؟ الی ان انتهت الامر بهم الی سرقة راتب شهرين لموظوا الاقليم والتي ارسلت عن طريق الحکومة المرکزية مؤخرا.

لقد مر مواطنوا الاقليم بظروف قاسية وصعبة جدا دون ان يلتفت اليهم احد،علی سبيل المثال عندما فرض الامم المتحدة عقوبات علی العراق 1991 لمدة 6 سنوات، قامت حکومة النظام البائد بتفعيل حصار علی الشعب الکردي، والحزبين الرئيسيين قاموا بدورهم بفرض الحصار علی مناطق نفوذ البعض، کما فعل حيدر العبادي الظالم نفس الفعلة و استوقف جميع الدعم المادي لمواطنوا الاقليم، حتی وصل بعنجهيته الی ان فرض الحصار علی سفر المواطنين جوا كذلك، دون ان يمس مصلحة الحکام اي نوع من الحصار، وهم في ملذاتهم و سرقاتهم لماضون، اذا اين تکمن السر في بقاء هذه السلطة الغاشمة في اقليم؟ و ما هو الحل لتحرير الشعب الکردي البريء والمظطهد المظلوم؟ هل بقی لبارزاني و طالباني خيانة لم يفعلوها؟ لماذا قد بکی طالباني علی ضريح الخميني و قبر أتاتورك و تصفح صدام؟ في حين کان يزعم الثورة والنضال ضده، ومن جانب آخر يمتد شراين نفط الشعب الکردي المحروم بأراضي ترکية لذا علی البارزاني ان يطبق أوامر العسکر الترکي و يسكت عن خروقاتهم اليومية لأراضي الاقليم، تارة يزعمون القومية وتارة الوطنية و الديمقراطة وهم من قمعوا و اسکتوا الصوت الحقيقي للشارع الکردي عندما انتفض الشعب الكردي بوجههم تماشيا مع الربيع العربي في شباط 2011 لکن عصابات السلطة قمعوا الانتفاظة بشكل وحشي و قتلوا بدم بارد 23 متظاهرا سلميا، کان من بينهم الاطفال والشيوخ.

ان بطش الطغمة الحاکمة في کردستان وصلت لدرجة ما تأبه بردع أي جهة داخلية ولا خارجية و ان أوهن الفعلة عندهم اغتيال مواطنين العزل والقابعين تحت نفوذ سلطتهم؛ کالصحفيين والسياسين والادباء، فالنفرض ان %25 من مواطنوا الاقليم هم المنتسبين والموظفين، فان من بين هؤلاء نصفهم من توظفوا عن طريق التزكية الحزبية والمحسوبية، والـ%75 الباقين ليس لديهم أي حقوق سوی المکوث في الظلام لعدم توفر الطاقة الکهربائية المناسبة و شح مياه الشرب النظيف، لکن علی سبيل المثال و من الجهة الاخری يشاهد الجميع قنوات افراد السلطة کقناة (روداو) التابعة لنيجرفان، والتي تنافس من حيث الجودة قناة الجزيرة، لها مراسلين في جميع انحاء العالم و يبث بلغات شتی، کما ان لهذه المؤسسة صحف منشورة و اذاعات صوتية، فهلا سألنا نيجيرفان من أين لك کل هذه الاموال التي تصرفها علی ابواقك في حين ان الشعب يتضور جوعا و هم في غنی عنها؟ لماذا انتم مدينون و يعتبر التحدث عن واردات النفط الخط الاحمر يمنع المواطن من التحدث عنها؟
ان من انجازات هذين الحزبين الرئيسيين تدمير البشر والحجر والحشر في بيئة الاقليم و تهريب البنی التحتية للأقليم الی ايران و ترکيا و جعل کردستان انسب مناخ لخلق طفيليات الفساد وشبکات التجسس العالمي و تجار مزيفين، في حين وعلی الارض الواقع يتحکم ما يقارب من 20 شخصية سياسية بقوت ومقدرات الشعب، بل بکل شيء في کردستان و من بينها المليارات من الدولارات المسروقة، فالرجاء من الجميع ان تنصفوا أغلبية (%90) من الشعب الکردي المسکين والبريء من فعلة هؤلاء، ليست بأيدهم أي حيلة ولا تحشروهم في سلة واحدة، ان الشعب الکردي و منذ مطلع التأريخ مشهور بأنسانيته و لطفه وکرمه، يحب الخير للجميع و يمتدد بيد العون للمنکوب، فأن قلعة اربيل و کرکوک کانتا امثلة حيا للتعايش السلمي بين کل الاقوام ومنذ آلاف السنين، کما قدم للمظلومين شخصية کصلاح الدين الايوبي مثالا حيا للشهامة و الشموخ، فاليوم هم بأمس الحاجة الی من يخلصهم من هؤلاء الافاعي؛ صحيح أننا متفقون جميعاعلی ان الشعب اذا اراد الحياة فلابد ان يستجيب القدر، لکن قدر الشعب الکردي ومنذ 28 عاما الماضية : القمع والقتل والتنکيل والتحريم.. فهل من مستجيب؟
في الاخير يکفيني ان اقول مع الشاعر الكردي المشهور عبدالله گوران حين قال قبل أكثر من نصف قرن:
أخي العربي
ياذا العينين السوداوين
مـُرّاً كان نصيبك
مُـرّاً كان نصيبي
قد جرعنا المرارة من كأس واحدة
فأضحت أخوتنا عسلاً شهيـّا
فتعانقنا وبكينا معاً
فجعل البكاء منا أخوين