23 ديسمبر، 2024 1:04 ص

٩ نيسان والتحول من الدكتاتورية المفرطة إلى الديمقراطية المُنفلته بدون مقدمات…!؟

٩ نيسان والتحول من الدكتاتورية المفرطة إلى الديمقراطية المُنفلته بدون مقدمات…!؟

علي قاسم الكعبي…كل شي في الحياة لا بل وحتى الموت أيضاً لابد أن تسبقةُ ” مقدمات ” وهذا ما أعتاد علية الكتٌاب والفلاسفة عندما ينشرون كتاباً إلى جمهورهم بغض النظر عن نوعه سياسياً كان أم علمياً أو أي معرفة أخرى ، لأبل حتى أنه في حديث البسطاء و العقلاء والواعظ وشيوخ العشائر رغم أنهم ليسوا بمستوى علمي معتمد وكبير فقد تكون هنالك مقدمة يبدأ بها الكلام عادة وهي لا تخلوا من الموعظة والحكمة والتمهيد للموضوع وقد تغنيك كثيراً في استخدام كلمات ومصطلحات للوصل إلى الهدف بأسرع وقت ممكن، حيث أن للمقدمة دوراً كبيراً في تهيئة الأذهان إلى المتن ومن ثم إلى الخاتمة، وكلما كانت المقدمة بليغة ومختصرة وبأسلوب محبب يجذبُ القارئ كان الكتاب واضحاً وسهلاً ونافعاً فهي الجسر الذي يربط كل الأجزاء مع بعضها البعض ، اما أن تدخل بدون مقدمات فإنك ستضيعٌ على القارئ فهم ما تريد توضيحه ويدخل في متاهات الدروب الوعرة ، ولسنا بصدد السبر غور مفهوم المقدمة والتمهيد والفرق بينها لان في ذلك نظريات عدة بقدر ما نريد توضيحها بشكل مبسط للقارئ الكريم وما يخص ( مَقالنا ) هذا ما حصل معنا في العراق عندما تحولنا من شكل من أشكال الأنظمة الاستبدادية الديكتاتورية المفرطة التي عشنا معها ردحاً من الزمن مع نظام البعث الفاشي إلى الديمقراطية المُنفلتة التي لم نسمع عنها مطلقاً لان مجرد كتابتها وتداولها على الألسن هو جريمة بحد ذاته، تلك الديمقراطية التي منحتها السماء لنا جاءت مُطلقة لا قيود لها وهذا أمر طبيعي أنها ستفعل فعلتها كما لو أنها جسم غريب اخترق جسدك وانتصر على كريات الدم البيضاء التي استسلمت وجعلت جسدك في حرارة مفرطة وفوضى عارمة فشلت معظم المسكنات في تسكين الألم .عندها غرقنا جميعا لأننا في مركب واحد هذا التحول السريع من الكبت إلى التميع.أدى إلى تدمير كامل للدولة كمنظومة ومظلة يعيش تحتها ملايين المواطنين فتعددت المصطلحات وصرنا نسمع بأسماء ما انزل الله بها من سلطان يقابلها شهادة وفاة مصطلح (الوطنية) الذي نعرفه جميعا، كونه صار غير واضحاً لا بل ومبهماً ، لذا فإن مصطلح” الدولة والوطنية” تمدد اليوم كثيراً و تجاوز الحدود التي نعرفها فمثلاً الوطنية ليست بالضرورة تعني انك عراقي تحمل جنسية بلدك بل ربما تكون كويتياً أو سعودياً أو ايرانياً أو تركياً أو حتى امريكياً وبريطانياً و كل البلدان هي موطنك !؟ وجميعها تريد منك ولاء ومواطنة وفي رقبتك دين وعليك حقوق المواطنة لتلك الدولة وليس ضروريا تقديم المواطنة لبلدك الأم لان لا أحداً سيُحاسبكَ عليها اما المواطنة للدولة المزدوجة فهذا واجب حتمي ليس لك إلا أن تقدم كل الولاء والطاعة وأن كانت على حساب البراءة من موطنك الأم . فالوطنية وبفعل الحرارة والمشاعر الجياشة تمددت كثيراً والبلد لم يعد تلك الحدود التي اعتدنا أن نراها في الجغرافية والنهران الخالدان دجلة والفرات والمقدسات والحضارة أنها مجرد حجارة و محطات وأماكن نُحدث أبنائنا عنها وهي أقرب للخيال منها للواقع فلماذا نبقى نبكى على الأطلال دائما ، اننا في عصر العولمة والحداثة وما بعد بعد الحداثة ! .هكذا بات المشهد عندنا بعدما فقدنا بوصلة المواطنة وانهارت تلك المنظومة الكبيرة مقابل مصطلح (العمالة) لغير البلد.حتى انة لم يتضح السلوك والمتبنى للفرد الذي يعمل في السياسةْ ان كان علمانياً أو دينياً أو أي فكراً ايدلوجياً آخر فقد تنصهر كل هذه المُتبنيات والأفَكار والمذاهب السياسية في جوفه ويخفي ما هو أهم لنفسه انه اسهل الطرق في الوصول لغايات يُقنع بها الآخرين من أجل استمالة عواطفهم والتصويت لقائمتهِ أو لاسمه لان هناك صيدا ثمين ينتظره؟ ومن النتائج الحتمية التي ستظهر هو أن ينتشرُ الفساد إرضاءٍ لتلك الدولة التي استحمرتهُ !!؟. وفي عودة إلى البدء سيبقى يوم التاسع من نيسان ٢٠٠٣يوماً للاختلاف ولن يكون يوم للتوافق فإن ما يفرقنا أكثر مما يجمعنا رغم أنه أسقط صنماً كبيراً كان جاثماً على صدورنا وانه يوم شهادة المفكر الكبير السيد محمد باقر الصدر وأخته العلوية بنت الهدى، لكنه رغم محاسن هذا اليوم ومأسية يبقى يوما تحولنا به سريعاً نحو الهاوية ، وعليهم اللعنة لقد أفسدوا علينا تلك الفرحة وصرنا نلعن هذا اليوم مع ان انهارا من الدماء سالت على مذبح تلك الحرية ، وبطبيعة الحال فإن معظم الدول التي شهدت التغيير هي تعاني أيضا مانعاني فخذ ليبيا واليمن وتونس وحتى سوريا ومصر فإنها تعيش في أسوا الحالات لأنها أيضا تمر بمرحلة التحول ، واذا ما استبعدنا سوريا واليمن فإن الدول الأخرى التي حصل بها التغيير فإنها بحقيقة الأمر تعيش حالة من الفوضى العارمة لأنها أيضا كانت ترزح تحت أنظمة استبدادية ومباشرة تحولت للديمقراطية بدون مقدمات أيضا ورغم اننا في العراق سبقناهم ونحن ندخل اليوم العام ١٨ ولكن مازلنا نحبو كالطفل الصغير وأمامنا وقت طويل حتى نقف على أقدامنا عندها سنقول كلمتنا وسنرمي بتلك الأحزاب إلى مزبلة التاريخ فإن ١٨ عام كافية لكشف حقيقتهم فالذين ولدوا أثناء التغيير أصبحوا هم قادة المجتمع وعصاة الغليظة للتغيير فلن تمر بعد ترهاتهم على العقول وكفى قتلا وتدميراً و فساداً بنا فارحلوا غير مأسوف عليكم …