20 ديسمبر، 2024 7:17 ص

ِ4مديريات المرور ، وشرعنة النهب المنظم ..

ِ4مديريات المرور ، وشرعنة النهب المنظم ..

في السابق ، كانت كل رسوم الحكومة لا تتعدى أجورا رمزية ، بضعة آلاف من الدنانير ، خصوصا ما يخص المعاملات اليومية التي يجريها المواطن ، لكني تعجّبت منذ أيام من الرسوم العالية جدا ، تلك التي تتقاضاها مديرية المرور العامة ، والتي بجب على الحكومة – إن كان فيها نفَس من ضمير أو حياة- أن تعيد النظر فيها لأجل تخفيضها ، فمنذ حوالي الشهر ، راجعت مديرية مرور الحسينية لأجل تجديد سنوية سيارتي التي لا يتجاوز سعرها سعر لوحة التسجيل ، لكنهم رفضوا تجديدها بحجة أنها ستنفذ بعد يومين ! ، وأنهم سيجرون معاملة التجديد بعد نفاذها ، وسيترتب على ذلك غرامة تأخيرية ! ، ومنذ أيام راجعت هذه المديرية ، وتفاجأت أن إستمارات التجديد لا يجري سحبها إلا ليلا وكأنها خفاش ، وتوجد حول هذه المديرية العشرات من أكشاك (العرضحالچية) ، تقوم بسحب هذه الإستمارات بمبلغ 15 ألف دينار للإستمارة الواحدة ، ولا تظهر إلا باليوم النالي ! ، والطريق بين منزلي وهذه المديرية يبلغ 30 كم ، أي 60 كم ذهابا وإيابا ، في اليوم التالي سحبت هذه الإستمارات وتوجهت لفحص المركبة وسألت أحد القائمين على الفحص متسائلا عن مبلغ 30 ألف دينار لإستمارتين تحوي بضع كلمات على ورقتين من حجم A4 ، فأجابني إن بإمكاني الحصول عليها مجانا من داخل المديرية ! ، وعندما إقترحت عليه وضع لافتات تحذر المواطنين خارج أسوار المديرية من هذا الإبتزاز ، قال بالحرف الواحد (الدولة طايح حظها) ! ، فإذا كان رجل الأمن هذا مستصغر الدولة لهذه الدرجة ، فكيف الحال بالمواطن العادي ؟! ، زال تعجبي عندما عرفت أن الإستمارة توزع مجانا بعد إنتظار لعدة أيام ، أي هذا ثمن (ابو البلاش) ! ، علمت بعدها حجم الأتاوات التي تتقاضاها هذه المديرية من الأكشاك المحيطة بها مع (المقسوم) من الكراجات ! ، راجعت عدّة شبابيك لدفع الرسوم ، والوصولات لا يمكن قرائتها وكأنها (خراميش بزونة) ، أحد هذه الوصولات بمبلغ 30 ألف دينار رسوم سنوية ، وشباك آخر تقاضى مني 60 ألف دينار رسوم (طرق وجسور) ! ، لهذا أصبحت شوارع وجسور بغداد الأسوأ في العالم ! ، وتوجهت للتدقيق ، ثم البصمة ، ثم تدقيق آخر ، فقال لي الضابط (عليك دفع وصل آخر بمبلغ 35 ألف دينار) وسيكون مجموع المبلغ (عدا الغرامات) فقط لتجديد السنوية ، فأقفل صندوق الرسوم في الساعة الواحدة ظهرا بالضبط وكأنه توقيت ساعة (بك بن) لحظة وصولي لشباك الرسوم ! ، فعدت للمنزل ، لقد إستهلكت الوقت كله واقفا في الطوابير منذ وصولي لتلك الدائرة في الساعة 8 صباحا ! ، عدت في اليوم التالي لدفع الرسوم ، لكنهم لا يعطونك تلك البطاقة السحرية ، إلا بعد مراجعتهم بعد عدة أيام ! ، اي أن مجموع المبلغ الذي صرفته على مجرد تجديد سنوية 165 الف دينار بضمنها أجور الإستمارات ! ، أربع مرات راجعت هذه الدائرة للحصول على هذه السنوية وقدت ما مجموعه 240 كم ، كل ذلك بسبب نزعة إحترام القانون والبقاء في الجانب السليم في دولة لا سلامة فيها ! .

كنت استمع إلى الكثير من عبارات التبرم والضيق عند المراجعين ، خصوصا من سائقي سيارات الأجرة الذين تلاحقهم الدولة بلا هوادة ، وتحاربهم في لقمة عيشهم ، خصوصا خوفهم من مشروع عجيب غريب ، هو مشروع تحويل سيارات الأجرة من البنزين إلى الغاز ! ، والتي على سائق سيارة الأجرة دفع 500 ألف دينار من أجل هذا التحوير السخيف ! ، ويبدو أن هذا المشروع من تباشير زيارة السيد (روحاني) ، وبوجود هكذا إمّعات ووكلاء له ، ستنزاح العقوبات الأمريكية بهذه الطرق وغيرها من إيران إلى حيث كواهل العراقيين الذين أدمنوا الضيم ، أي أن هذه العقوبات ستوضع بفضل هؤلاء (بروس الزُواج) ! ، وسيأتي زمن سنحنّ فيه إلى أيام الحصار بسبب هذه السياسات الرعناء من الذين لا يمتلكون ذرة من المواطنة ، لا أعرف إن كان هذا المشروع إشاعة أم غير ذلك ، لكني أعتقد أنه سيُنَفّذ أسوة بمشاريع الخصخصة الغريبة والتي إمتصتنا حتى النخاع ، وتدّعي الدولة إنها تحارب الفساد ، لكن بدلا من ذلك إتّجهت إلى شرعنته بوصولات رسمية ، وإلا لا يوجد نفسير آخر لرسوم غير معقولة ، وإن كانت بنظرهم زهيدة ، فهي ليست كذلك بالنسبة للغالبية المغلوبة على أمرها ، وأنا أعلم أن كتاباتي هذه لن تجد لها أي صدى ، لسبب بسيط ، فأذا خاطبتَ أحدا قائلا (أنت ساقط) فسوف لن يأبه ، لأن السقوط بيئته الطبيعية ، لكني أجده نوع من التنفيس عن الغضب واليأس والشعور بالحيف والظلم والضياع في متاهة من المافيات ، كل هذا وأنا أتذكر نصيحة صاحبي وهويقول لي (أنت تكتب لِمَنْ) !؟ .

 

Virus-free. www.avast.com

أحدث المقالات

أحدث المقالات