23 ديسمبر، 2024 12:58 ص

يَمتَه الفَرج ياربي…وحكايات حَمَد

يَمتَه الفَرج ياربي…وحكايات حَمَد

في تسعينيات القرن الماضي تَفاجئ الجمهور العراقي بأًغنية للفنان باسم العزيز بعنوان (يَمتَه الفَرج يَاربّي)، كان سبب المُفاجأة هو ظهور هذه الأغنية من على شاشة تلفزيون الشباب الذي يملكه عُدي صدام حسين، ورغم عدم فهم قصديّة معاني الأغنية من ذلك الجمهور المُستمع لها حينذاك وعبورها من تحت مِقص الرقيب وإجتيازها بوابة التحكّم الحكومي للرأي العام، إلا أن هذه لم تستغرق وقتاً طويلاً حتى أصبحت مثلاً يتغنّى بها الناس وكلمات يُرددها اليائسين والبائسين من ذلك الوضع المعيشي المأساوي الذي كانوا يعيشونه في ظل ظروف حصار إقتصادي صعب وقاسي كان يَفرض شُروطاً أقسى ومعاناة جوع وفقر وحرمان جعلت الشعب يَقرَف حتى مِن أيامه وحياته.

ورغم إنتباه أجهزة النظام السابق في ذلك الوقت لمعاني ومقاصد هذه الأغنية ومنعها من العرض على شاشات التِلفاز إلا أنها أصبحت شِعاراً وتقليداً أو حتى إهزوجة يتداولها العراقيين للتعبير عن سُخطهم وإستنكارهم للوضع القائم آنذاك.

لم تُحدِث حكايات حَمَد التي يسخر بها العراقيين في الوقت الحالي من أوضاعهم المُزرية أي تغيير في سلوكيات هذا الشعب وشخصيته بالرغم من تغيير الأنظمة والأزمنة وتَبدّل الأسماء والمُسمّيات من نظام ديكتاتوري إلى نظام ديمُقراطي مُفترض، لكن الغريب أن هذا الشعب ظل يتنابز بالألقاب ويتعامل بالشخصيات الوهمية ويَصب جام غضبه عليها ويَلعن تلك الصور الكارتونية لتفريغ شُحنات مُعاناته وإشمئزازيته من الوضع الذي يعيشه والمشهد الحالك الذي يُحيط به رغم كُل ذلك الوهم الفكري وتلك الحُرّيات المزعومة التي جاء بها المُحتل الأمريكي بإدعائه مُحَرِراً وليس فاتحاً، فأي إستنتاج نضع أنفسنا فيه عندما نكتشف أنَّ لامُتغير قد تغير ولا جديد قد إستجد سوى تحديث بسيط في الحياة وهو من سيء إلى أسوء.

ظل هذا الشعب كما هو مهزوماً مُستسلِماً للواقع الذي صنعه هو وليس غيره ومُتماشياً مع لُغة الرضوخ للأمر الواقع والقبول بالنتيجة حتى ولو كانت على حساب حياته ومُستقبله وبلده. لم يستطع أن يُغيّر من سلوكياته المهزومة وشخصيته المُنهزمة تجاه أي طارئ يُفرض عليه وواقع مريض يُخيّم بِظلاله عليه.

لَم تتغيّر نبرته في إستنكار وشجب الحالات والظواهر السياسية التي أرهقت حياته ودمرت مُستقبله دون اللجوء إلى عناوين أو شخصيات ربما تكون وهمية من صُنع خياله للتنفيس عن غضبه ومُعاناته، لكن هل يكون هذا هو الحل المنشود؟ وهل يكون ذلك النقد المغشوش هو طريق الإنقاذ أو حتى الخلاص؟ بالتأكيد سيكون الجواب بالنفي، لكن ليت القوم يُدركون معنى هذا النفي.