4 نوفمبر، 2024 9:35 م
Search
Close this search box.

يونسي والحلم الفارسي .. حقيقة صارخة واستغلال لجهل العراقيين

يونسي والحلم الفارسي .. حقيقة صارخة واستغلال لجهل العراقيين

لطالما سمعنا بمصطلح (ضحك كالبكاء) دون أن نجرّبه ، لكننا اليوم مدينون بالشكر والثناء لمستشار الرئيس الإيراني حسن روحاني (علي يونسي) الذي جعلنا نضحك ضحكاً كالبكاء ، عندما أدلى بتصريحاته المدوّية بأن (إيران اليوم أصبحت إمبراطورية كما كانت عبر التاريخ وعاصمتها بغداد حاليا، وهي مركز الحضارة والثقافة والهوية الفارسية اليوم كما في الماضي) ..!

ومن البديهي أن الرجل ليس مخبولاً ولا هو بمعزل عن مركز صناعة القرار الإيراني ، فهو مستشار الرئيس.. مستشار رئيس الجمهورية الإيرانية ، اليد اليمنى لروحاني ، تربى تربية خمينية خامنئية منذ وصول الخميني من باريس في أعقاب سقوط نظام الشاه ، ما يعني أن رأيه هو رأي الحكومة الإيرانية بحذافيره ، وكلامه يعبر عن سياسة بلاده تجاه العراق والمنطقة ويفصح عن حقيقة الخارطة التي رسمتها إيران للمنطقة.

ويتمادى يونسي – الذي شغل منصب وزير الاستخبارات في حكومة الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي – ويذهب أبعد من ذلك ، فيهاجم كل معارضي النفوذ الإيراني في المنطقة ، معتبرا أن “كل منطقة شرق الأوسط إيرانية”، قائلا “سندافع عن كل شعوب المنطقة، لأننا نعتبرهم جزءا من إيران، وسنقف بوجه التطرف الإسلامي والتكفير والإلحاد والعثمانيين الجدد والوهابيين والغرب والصهيونية”، على حد تعبيره.

ويؤكد يونسي أيضا استمرار دعم طهران للحكومة العراقية التي وصفها بـ (الموالية) ، ويهاجم تركيا ضمنيا، قائلا “إن منافسينا التاريخيين من ورثة الروم الشرقية والعثمانيين مستاؤون من دعمنا للعراق”، في تلميح إلى استياء تركيا من التوسع الإيراني ، كما ويؤكد أن بلاده تنوي تأسيس “اتحاد إيراني” في المنطقة، قائلا “لا نقصد من الاتحاد أن نزيل الحدود، ولكن كل البلاد المجاورة للهضبة الإيرانية يجب أن تقترب من بعضها بعضا، لأن أمنهم ومصالحهم مرتبطة ببعضها بعضا ، ولا أقصد أننا نريد أن نفتح العالم مرة أخرى، لكننا يجب أن نستعيد مكانتنا ووعينا التاريخي، أي أن نفكر عالميا، وأن نعمل إيرانيا وقوميا”.

وهنا يجب أن نعترف نحن العراقيون – باعتبارنا أصبحنا جزءاً من إيران – بالشكر والعرفان مرة اخرى للملا يونسي ، لأنه لايريد أن يفتح العالم ، فالفتوحات الإيرانية ستجعلني – أنا العراقي – مجبراً على ارتداء البزة العسكرية الإيرانية لأذهب لمحاربة الأتراك تحت إمرة المجاهد هادي العامري خادم الولي الفقيه وراعي المصالح الإيرانية في العراق والمنطقة ، أو قد تصدر لنا الأوامر من القيادة العليا في طهران للزحف نحو المملكة العربية السعودية بجيش يقوده قاسم سليماني وإسقاط النظام (الوهابي) التكفيري وهدم الكعبة الشريفة التي تذكّر حكومتنا الفارسية بهزائمها أمام جيش رسول الله محمد العربي (عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة والسلام) ، وفي تلك اللحظة سيزول قناع (التشيع) الذي تختبئ خلفه ديانة حكومتنا الفارسية – بعد أن صار الشغل علني والكلام عالمكشوف – فتعود أمجاد الديانة المجوسية الى سابق عهدها ، وندور في حلقات رقص حول النار المقدسة مع قاسم سليماني وهادي العامري وقيس الخزعلي ونوري المالكي وحنان الفتلاوي ومريم الريس وابراهيم الجعفري (المنفتح على داعش) وحثالات القرن الحادي والعشرين ، وسيقرر النائب كاظم الصيادي وللمرة الاولى في حياته دخول الحمام والإغتسال وسيلامس الصابون جلده التمساحي للمرة الاولى احتفالاً بإعلان بغداد عاصمة للإمبراطورية المجوسية ، وسيُجري سليم الجبوري عملية جراحية لنفسه في السويد لتغيير… ، فلا حول ولاقوة إلا بالله.

والعجيب أن بعض الإخوة من أصحاب الضمائر الحية والأقلام الشريفة (سنة وشيعة) ممن استفزتهم تصريحات الملا يونسي باتوا يهاجمون الحكومة العراقية وقادتها وأعضائها وأحزابها ومهرجيها ، وانا أقول لهؤلاء الإخوة : تهاجمون من؟ تهاجمون أناساً يعبدون الكراسي ومستعدون لمقايضة المناصب بأعراضهم؟

إن كنتم تعتقدون بأن الحكومة العراقية ستهتز لها شعرة بسبب تصريحات الملا يونسي فانتم واهمون ، فحكومتنا (من الرئيس الى الجايجي) حكومة عهر ، أناس بلا كرامة ، بلا ضمير ، بلا شرف ، وفاقد الشرف والكرامة والضمير مخلوق بلا شعور ولا إحساس ، فالملا يونسي من خلال تصريحاته هذه ، كأنه ضرب كل من يحكمونا بحذائه ، وكم هو سهل على رجال حكومتنا استقبل الأحذية الطائرة!

المخطط الإيراني واضح ومكشوف منذ عام 2003 ، وبات أكثر وضوحاً خلال الإبادة الجماعية التي ارتكبتها الميليشيات الإيرانية بحق أبناء المكون السني في عامي 2006 و 2007 ، ثم جاء تنظيم داعش وبدأت الحرب ضد داعش (الفرصة الذهبية التي اختصرت الطريق كثيراً نحو الحلم الفارسي) ، واليوم قاسم سليماني يصول ويجول في المحافظة الإيرانية (التي حملت اسم العراق سابقاً) ، وصور خميني وخامنئي تملآن شوارع بغداد وساحاتها الرئيسية ، وأمريكا تتفرج ، وأوروبا سكرانة ، والعالم محشش ..!

لو كان فينا مجرد ذرة من الغيرة والشرف ، لاقتدينا بأبسط الشعوب التي ثارت ضد الغزاة حفاظا على هويتها القومية والثقافية او الدينية ، فإذا لم ننطلق من كوننا مسلمين وورثة نبي الهدى والرحمة محمد (صلى الله عليه وعلى آله وصحبه) الذي كسر شوكة المجوس، وإذا لم ننطلق من كوننا أحفاد البطلين العظيمين عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب سلام الله عليهما ، فلننطلق من تاريخنا البابلي على الأقل ، ولنعيد قراءة التاريخ – بدلاً من تشفير عقولنا وانضمامنا الى ميليشيات تحمل عدة مسميات من اجل 500 ألف دينار شهرياً بحجة محاربة داعش – ولنعرف تاريخ الصراع مع جارة السوء الذي يعود الى العصر البابلي عندما قام الملك الفارسي داريوس الأول بإعدام حوالي 3000 بابلي بالخازوق عندما استولى على مدينة بابل ، وإذا كنا جاهلين تمام الجهل بالتاريخ ، فلنقتدي بالشعوب التي خاضت كفاحاً مسلحاً ضد غاصبيها في التاريخ الحديث والمعاصر ، كالشعب الفيتنامي الذي كسر شوكة أمريكا ، والشعب الصيني الذي ناضل ضد الفاشية اليابانية ، وشعوب امريكا اللاتينية التي قهرت الإمبريالية ، أما يوجد بقية عقل لدى شعبنا العراقي؟ ألا يصحو احد العراقيين فيسأل نفسه يوماً (لماذا أكون إمعة نكرة لاعقلي لي؟ لماذا أكون موجهاً بالريموت كونترول لعبادة إيران أو عبادة التطرف والإرهاب؟ ) ، متى يتبدد الجهل من عقول أبنائنا الذين يرددون كالببغاء دون وعي أو فهم (سأتطوع في الحشد لمحاربة داعش) أو (سأبايع الخلافة الإسلامية لمحاربة الروافض؟ ) .

نحن لانكره الشعب الإيراني الواعي المثقف الذي يحصد مخرجوه جوائز السينما في المهرجانات العالمية ، لانكره الشعب الإيراني الذي قدم موسيقيين وفنانين عمالقة ، لانكره الشعب الإيراني الرازح تحت ظلم الولي الفقيه ، لانكره الشعب الإيراني الذي أعلن معارضته لنظام الولي الفقيه ، فالإيرانيون ليسوا وحوشاً ، ونحن لسنا نازيين نقتل البشر بإسم عروبتنا ، لكننا بشر يفترض أننا لنا عقل وقلب ، ولنا كرامة وشرف ، ولنا تاريخ من حقنا أن نعتز به ، ولنا ثقافتنا وهويتنا التي لن نقبل بطمسها ، ولكن للأسف ، حجارة الأرض تفهم ونحن لانفهم ، والله تعالى لايغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم ، والسلام على من اتبع الهدى .

أحدث المقالات