22 ديسمبر، 2024 2:31 م

يوم مشهود في حياة الكرد!

يوم مشهود في حياة الكرد!

الضغط السياسي والاقتصادي مازال مستمرا من قبل الأحزاب الشيعية الحاكمة في بغداد على إقليم كردستان الذي يديره ويتولى السلطة فيه حزب الديمقراطي بزعامة “مسعودبارزاني، ولم تمارس هذه الضغوط العدوانية التي ارهقت الشعب الكردي وانهكته على نطاق واسع الا بعد ان فاز رئيس الوزراء الأسبق“نوري المالكي”بولاية ثانية (2010) بدعم مباشر من ايران مقابل الخضوع لاجندتها السياسية في المنطقة ، واشتدت الضغوط اكثر عندمااتفق  بارزاني  مع مقتدى الصدر وجلال طالباني على سحب الثقة من المالكي عام 2012 ، ولكن المحاولة فشلت بسبب انسحاب الصدر وطالباني من الاتفاق بشكل مفاجيء وبقي بارزاني لوحده امام سطوة المالكي الذي مارس صلاحياته “التنفيذية” الواسعة للنيل منه ومن شعب الإقليم ، ولم يترك طريقا الا وسلكه لالحاق اكبر قدر من الأذى بالكرد وحقوقه الدستورية وخاض صراعا لا هوادة فيه مع بارزاني ، ومازال هذا الصراع محتدما لغاية اليوم .

كان من الممكن لمسعودبارزاني ان يجنب الإقليم والشعب الكردي الكثير من العقوبات الجائرة  لو حذا حذوا المالكي واستسلم للاجندة الخارجية ودخل في محاور إقليمية توسعية ، ولكنه رفض المساومة على خصوصية الإقليم واستقلالية قراره السياسيورفض”نقل تجربة الأمن المنهارة في باقي أجزاء العراق ومحافظاته الى كردستان الامنة على حد قول محمدصالح القلاب! ، وفضل الجوع على الخضوع ، وحض الشعب على الصبروالصمود وقال  “مثلما صبرت أربيل ‏على الهولاكو القديم، فإنها ستتحلى بالصبر وتصمد في وجه الهولاكو الجُدد”، داعيا الشعب الكردي إلى “التحلي ‏بالصبر إزاء هذه التهديدات والهجمات!

ولكن كما ان للصبر حدود عند السيدة ام كلثوم في رائعتها الخالدة ، فان للصبر الكردي أيضا حدود على الاعتداءات المستمرة من قبل الأحزاب والميليشيات الحاكمة في بغداد ، فاتجه الى آخر الحلول وهو الانفصال عن العراق وتشكيل دولته المستقلة ، وفي صبيحة يوم 25 سبتمبر من عام 2017 توجه الشعب عن بكرة ابيه نحو صناديق الاقتراع ليصوت على اعظم قرار“تاريخي” اتخذه وهو التصويت على الاستقلال في عملية استفتاء لم تشهد المنطقة مثيلا لنزاهتها و ديمقراطيتها... ولكن كان لدى قوى الشر المتمثلة في المجتمع الدولي الزائف والولايات المتحدة الامريكية حساب آخر ومعادلة استراتيجية تماما مغايرة تماما للمشروع الكردي ، حيث رفضت نتائج الاستفتاء بحجة انها تفتقد الى الشرعية كما جاء على لسان وزير الخارجية الامريكية (ريكس تيلرسون) ، ولا ندري ماذا تعني الشرعية في قاموس الأمريكيين! هل هي الشرعية التي فرضتها القوى العظمى على الشعوب ، ام شرعية النظام الطائفي في العراق؟ فاي شرعية اعظم واصدق من شرعية الشعوب ؟! يبدو ان مفهوم الشرعية مثل مجمل المفاهيم المعاصرة الأخرى قد انحرف عن معناه الحقيقي وخضع للمصالح الاستراتيجية .

وهذا التخاذل الاممي الأمريكي تجاه الكرد ، اعطى ضوءا اخضر للنظام العراق في الزحف نحو المناطق المتنازع عليها واحتلالها ، ومن ثم فرض عقوبات هائلة على شعب إقليم كردستان لم يسبق لها مثيل ،  منها تشديد سياسة التجويع وقطع العلاقات السياسية والاجتماعية والمنادات بطرد الكرد من بغداد والمدن العراقية الأخرى وفرض الحظر الجوي الشامل على مطارات أربيل والسليمانية وتحريك القوات العراقية نحو عاصمة الإقليم والدخول في اشتباك ضاري مع قوات”البيشمركة والقيام “باجراء مناورات عسكرية تركية عراقية ، وبالتزامن مع تنسيق عسكري عراقي إيراني” بهدف ترهيب السلطات الكردية واخضاعها لهيمنة بغداد ، واستئصال فكرة الاستقلال نهائيا من رؤوس قادتها ، ولكن هذا مستحيل لان الله سبحانه هو الذي اودع  في قلب كل كردي ان يعيش حرا او يموت!واذا كان مسعودبارزاني زعيما لحزب قبل الاستفتاء فانه تحول بعد إعلانه عام 2017 الى زعيم امة!