23 نوفمبر، 2024 5:55 ص
Search
Close this search box.

يوم في دائرة خدمية: إذلال متعمد يغذي ضعف الولاء والانتماء لهذا الوطن

يوم في دائرة خدمية: إذلال متعمد يغذي ضعف الولاء والانتماء لهذا الوطن

رافقت صديقاً لي في متابعة معاملته لتبديل لوحات سيارات كردستان في المشروع الوطني للمرور في البصرة ورأيت العجب ابتداء من عدم وضوح أماكن المراجعة وتباعدها، لينطبق على المراجع القول (غريب الدار ليس له صديق – فكل سؤاله أين الطريق)، وفي كل متابعة لجزئية بسيطة في المعاملة ترى وقوف الناس مصطفين متدافعين، نعم هناك ملصقات تشير الى بعض المتطلبات ولكن اليات وأماكن اكمالها غامضة ومتناثرة، وأضرب على سبيل المثال لا الحصر الاتي: طلبوا من صديقي ان يجلب تعهداً يسمى تعهد (التشغير !) من المكاتب الموجودة خارج بناية المشروع، وعندما رجعنا فاذا بطابور طويل على شباك صغير فيه مفوض مرور والذي عثرنا على مكانه بعد عدة استفسارات، ولا أبالغ اننا وقفنا أكثر من ساعة ونصف لأن المفوض الذي يملأ التعهد واحد فقط ويدخل عليه أشخاص من باب الغرفة بعضهم من منتسبي مرور والبعض الاخر ..!!، علماً ان بعض المراجعين الذين انتظموا في الطابور وصلوا الى الشباك ثم قيل لهم ان مراجعتكم ليس هنا إذهبوا الى الشباك الاخر، وقد سمعت دعواتهم المتكررة (الله لا يوفقكم، الله لا يعطيكم، ..) والغريب وبعد معاناة الانتظار واكمال مليء التعهد الذي لا يزيد عن ثلاثة أو أربعة سطور، قال المفوض إذهبوا الى نقيب فلان ليوقعه، أين النقيب؟ خلف البناية !! ثم بعد النقيب إذهبوا لدفع رسم التعهد !! (وما أكثر الرسومات … !) ولما سألناه في أي مكان أشار بغموض الى مكان ما، ذهبنا وبعد استفسارات وجدناه فاذا هو طابور اخر، حوالي ثلاث ساعات صرفناها لاكمال تعهد بسيط تافه، هذا مثال ينطبق على معظم المتطلبات الأخرى وما أكثرها. كما وجدنا ان الذين يعملون في الامور الكتابية جميعهم تقريباً من منتسبي المرور وكأن واجب مفوض المرور الصادرة والواردة!!. روتين قاتل لا يمكن لمواطن موظفاً كان أو طالباً أو كاسباً ان يترك عمله لأيام طويلة الا أن يضطر لدفع (الرشوة) مغلّفة بعنوان (المعقب) والكل صامت عن هذا الروتين، لأن الكل منتفع بشكل لا يوصف الا المواطن على الرغم من خسارة المواطن وبشكل رسمي الى الاف مؤلفة من الدنانير بين رسوم تأخير وغرامات ووو.. أنا وصفت معاناتي ليوم واحد مع صديقي بالاذلال المتعمد وبضياع المواطن وباجباره على دفع الحرام، فكيف بصديقي وقد مضى على مراجعاته
أكثر من اسبوعين؟ هذه واحدة من الصور التي تنطبق على مراجعات المواطن الى دوائر الدولة الخدمية بشكل عام والتي يفترض أنها جاءت لخدمته، على الأقل هذا يعطي صورة لماذا لا يشعر العراقي بالانتماء والولاء لوطنه؟ الجواب لان الوطن الذي تمثله الدولة يقوم بإذلاله وتسليبه وإهانته متعمدة مع سبق الاصرار، فالرسالة هي إذا أردنا أن نعزز ولاء المواطن وانتمائه، يجب أن نجعله يشعر أنه عزيز في وطنه تتبارى دوائر الدولة ومؤسساتها لخدمته، ويبدو أن هذا بعيد المنال.

أحدث المقالات

أحدث المقالات