23 ديسمبر، 2024 6:06 ص

استمع اليه وهو يتحدث عن امر حدث له اسماه(يوم في الذاكرة)
احيانا يأخذك الظرف الى مواقف تظن انك لن تتخذها ومن خلال ذلك تتغير نظرتك وتتحول فكرتك الى مؤشرات مختلفة .
هكذا حدث الامر في عصر احد ايام شهر حزيران من عام 2007 وكانت الامور الامنية شديدة الخطورة اذ نفثت السموم لتفرق بين مذهبين ولشعب واحد .
انا اعمل سائق سيارة اجرة وفي عصر ذاك اليوم استوقفني رجلان كانا واقفين والى جوارهما بضائع مختلفة فطلبا اليَّ ايصالهما الى الكراج مقابل مبلغ من المال ,كان الوقت لم يزل متسعا لإيصالهما قبل اوان الحضر اليومي وفعلا مضيت معهما واوصلتهما الى الكراج ولكنا فوجئنا بالإغلاق وكان لابد لهما من مركبة توصلهما الى محافظتهما ,لذا عرضا علي ان اقوم بهذا الأمر ونظرا لحراجة الوضع اعلنت لهما موافقتي وحين سارت المركبة باتجاه معين اعترضا على ذلك طالبين مني تغيير الاتجاه نحو محافظة كربلاء إذ يبدو انني لم انتبه الى حديثهما وتعاملهما فما كان مني الا ان توقفت وطلبت اليهما ان يغادرا المركبة لأني لست مستعدا لأن اقدم نفسي ضحية للإرهاب والعنف الطائفي .
بدى انهما مقتنعان بمخاوفي التي تسبب في نشرها بضعة قتلة وعدد من البنادق وقررا ان يغادران المركبة و فعلا ارادا انزال بضائعهما الا ان مباغتة الحظر وخلو الشوارع من اي مركبة يمكن ان تقلهما إضافة الى تعاملهما الاخلاقي والانساني فرضا علي ان اعيد النظر في تركهما بهذا الظرف معرضين للخطر ,هنا اخبرتهما بأني سأمضي بهما الى تلك المحافظة بشرط ان يبرزان لي هويتهما ويزوداني بأرقام الموبايلات وانا بدوري اتصلت بأخي الذي عارض الفكرة اولا ثم رضي بها وظل يتحدث الى ثلاثتنا طوال الطريق حتى وصلنا الى احد الاقضية وكان المساء قد بدء زحفه علينا فبدت مخاوفي من عدم امكانية ايصالهما الى المحافظة لأن الامر يستوجب عليَّ المبيت في المحافظة التي يمكن ان يعرضني وجودي فيها للخطر فخيراني بين ان اتركهما في ذلك القضاء او ان اوصلهما على ان اقضي الليل ضيفا عندهما فاخترت ان اتركهما في ذلك القضاء ولكن ما لبث ان استوقفتنا احدى السيطرات حين عرفت وجهتنا فتحت لنا الطريق وشددت في ان نذهب الى المحافظة المقدسة بسلام ترافقنا دعواتهم لنا بالسلامة والعافية وهكذا كان الامر فقد وصلنا المحافظة بسلام وبت ليلة طيبة هانئة في بيت مضيفيَّ اللذين لم يقصرا في ضيافتي حيث امضينا الليل نتسامر رغم ما واجهنا من متاعب السفر.
في الصباح تناولت فطوري ورافقني احدهما الى الكراج وعدت وانا آمن من ان اتعرض لأي خطر اذ توضحت لي حقيقة الاكاذيب والمنشورات المشبوهة التي ارادت ان تنال من وحدة الوطن والشعب واذ استخدموا الحرب النفسية التي تهدف الى تحطيم الروح المعنوية وتشمل كل شيء وهي موجهة للعدو ,اذن من ينشر هذه الاكاذيب هم اعداء الشعب وهم يستخدمونها حربا شاملة تعتمد الاجراءات والاستعدادات النفسية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية وكل ما يملكه المجتمع وفي الحرب النفسية تستخدم عدة اساليب منها الدعاية وهي كما يعرفها ليونارد بوب: محاولة التأثير على الشخصيات والسيطرة على سلوكهم في مجتمع ما وفي وقت معين لتحديد اهداف تعد غير علمية ومشكوك فيها .
……………….
هنا اقدم لكم هذه الخاطرة من كتاب (الى وطني) التي كتبتها في تلك الاعوام التي شهدت مأسي الوطن والشعب.

نحيي العراق
نحيي العراق وطننا … نحيّ دما مراق على جنبات وادينا … يا نهر الدم العبيط إلامَ تجري…؟ ومن أين كانت البداية …؟ والى أين وكيف تكون النهاية…؟ من يسأل وهذا التراب ضمخّه دم الشهادة والأبرياء والقتل على الهوية أو بلا هوية والقاتل مجهول الهوية متى كان هذا الجبروت الجاهل قد استشرى كما الوباء في جنبات ارض العراق أخوتي يا أخوتي يا من تحبون العراق أناشدكم متى تسقط الحجب عن الظالمين متى يسكن الأنين … متى تعود للطفل ابتسامته آه ما اقل كلمة متى وما أجلها… تقل إذ لا حيلة في الجواب وتجل إذ يقال الآن وهذا الآن لا يحدث اعتباطا فهناك أقوام استغلوا الستر والحجب للوصول إلى غاياتهم الدنيئة غير مكترثين للمظالم بل ربما ساهموا في اشتداد أوراها وساهموا في إطالة أمد الحرب الضروس على الحاكم بلا معين وفتحوا أبواب الفتن مقنعين .ترى هل يعيد التاريخ نفسه فحذار حذار يا عراق حذار يا عراقيون لقد مد الظلم سطوته واغتال نشيد الطفولة وصار القناع فوق الحجاب سترا للظالمين ففي الحجاب تعرف الهوية وفي القناع تختفي الوجوه فيتيسر طريق الجريمة وتغتال براءة الأطفال بالرصاص وبالقنابل وتذبح طيور الحب بالسيوف الصقلية وتهدم أبنية ما قامت إلا بعد جهد متواصل لفعلة متعبين تغضنت جباههم وسالت عرقا ودم يا ظالمون ما تهدمون ،يا جاهلون ما تهدمون اصرخ بنار الغضب والحزن هذا العراق … أبكى خبايا الضيم في سماء العراق ألا تكتفي أيها الظالم الجبار من حفر دركات الهوة السحيقة تريدها قبرا كبيرا للعراق تتشدق بلا كلمات ولا معاني وتختلق أصناما هنا وأصناما هناك للمادة صنم وللمعنى صنم وهناك جهلة سباقون يتسابقون ..إلى أين إلى هوة قبر كبير يراد بالعراق .. ولكن كلا وألف كلا ذلك لن يكون لملم جراحك يا عراق وامضي قدما في طريق القيام .. وطني يا وطن الحب والخير والسلام لملم دموع اليتامى ولتكن شاطئ حب وفجر حنان يا حبيبي يا عراق يا حبيبي يا وطني يا اجل من كل وطن عراق في أعماق شرايين قلبي حروفها وناظري كل نور فيه هو العراق وطني وأي وطن مرّ بمحن مثل هذا الوطن وهل إي ارض حملت فوق أديمها نعم الإله مثل العراق لكنما الوحوش حولوها إلى نقم وعذاب .