كانت فخورة بهم لديها سبعة ابناء، ستة من الاولاد وفتاة واحدة، جاءت الفتاة بعد ان توفي زوجها، عرض عليها احد المزارعين، استبدال الفتاة بنعجتين وبقرة، فرفضت رفضا قاطعا، وانبرت تعيل ابناءها، تعمل في حقول الرز حتى تتخشب ساقاها من البرد ، لكنها لاتكل من العمل، وترفض الازواج وهي تقول بفخر لدي سبعة ابناء، كانت تقودهم بحكمة وروية ولاتفرط باحد منهم مهما كانت الاغراءات، صممت على البقاء معهم، وفرضت عليهم الدخول الى المدرسة، وكانت تحتج: على الاقل تقرون وتكتبون.
عندما وهنت قواها انتقلت بهم الى المدينة وتركت الريف، كانت تبيع السمك وتعيل الابناء السبعة، كبروا وهي تتمنى الا يكبروا، تعدهم على اصابعها، وتنادي باسمائهم واحدا بعد الآخر، تخاف عليهم كثيرا، فقدت اثنين منهم، اعدموا بوابل من الرصاص، فاقنعها السيد الذي يصلي بالناس، ان الله قد دعاهم اليه، وانهم سيشفعون لها يوم القيامة، بكت كثيرا، ولكنها لم تفارق قولها القديم: لدي سبعة ابناء، تنادي باسمائهم وكأنهم حاضرون لاتستثني احدا ، الاموات والاحياء، في الحرب التالية فقدت اثنين آخرين، فافهمها موظف دائرة الشهداء، انهم شهداء وسيشفعون لها يوم القيامة، وان الله دعاهم اليه.
بكت كثيرا وصارت كالقصبة تميلها الريح في كل اتجاه( يمّه لو ظالين ازغار ما كبرانين)، تقف في اوقات الغروب وتنادي باسمائهم، الاموات والاحياء، لم تزل تقول: لدي سبعة ابناء، ولكن الله دعا اربعة منهم، لكنهم احياء، السيد يقول ان الاثنين الذين اعدمهم صدام احياء وسيشفعون لي يوم القيامة، والموظف في دائرة الشهداء يقول: ان الاثنين الآخرين ايضا احياء، وسيشفعون لي يوم القيامة، لكن السيد لايقبل، اللذين استشهدا دفاعا عن صدام لم يدعهم الله، اما اللذين اعدمهم صدام فقد دعاهم الله.
اقتنعت اخيرا بفكرة ان اثنين منهما سيشفعان لها يوم القيامة، وربما شفعا لاخويهما اللذين استشهدا بالحرب مع ايران، لدي سبعة ابناء، تجلس في باب الدار وتعدد اسماءهم وتبكي على المغادرين منهم، 1700 شاب قتلوا في سبايكر، تنظر الى التلفزيون فلمحت ابنها الاصغر بينهم، احتارت اين تذهب ، وباي اتجاه، هرولت نحو المسجد، وجدت السيد بعمامته السوداء يؤم المصلين ، لم تنتظر حتى يفرغ من صلاته، (سيد اشلون شفت وليدي ويه ذول الالف والسبعميه، اللي كتلوهم)، صبرها
قليلا، قال لها ربما تكون عيناك قد تصورت الامر، متى التحق؟ فردت: اول البارحه، هو بتكريت؟ فردت : اي بتكريت، انتظري وسينكشف الامر، انتظرت شهرا وشهرين، بلافائدة، ذهب اخوه الى مجلس النواب واعتصم مع المعتصمين، بلا فائدة، عادت الى السيد ثانية.
اخبرها السيد انه شهيد وسيشفع لها ولاخويه اللذين استشهدا دفاعا عن صدام، كانت تقول : لدي سبعة ابناء وتعدد اسماءهم، وتنادي عليهم في الغروب: ( منكم بعد ما اظن جيّهْ…. يحلوين شوفوا الصار بيّه… يمّه ربيتكم ورباي اريدهْ)، اندفعت بالبكاء وكأنها فقدتهم دفعة واحدة، تنتظر شهر المحرم بفارغ الصبر لتبكي وتبكي وتبكي، لكنها كانت تقول : لدي سبعة ابناء، صدرت فتوى السيد الكبرى بالجهاد الكفائي، فهرول ابنها الاخير، تمسكت بردائه، وين رايح، يمه راح اجاهد، فترد بعبرة تكسر الفؤاد: (جا آنه عدمن اتخلوني)، لم تثنه رغبة والدته، واندفع لتلبية دعوى السيد: (يمّه الساده مو هذولاك ولدهم كاعدين يمهم).
كان الخبر كالصاعقة اوصله السيد الذي يصلي جماعة في الناس،( ام حسين، ابنج شهيد) ، وسيشفع لك ولاخويه اللذين دافعا عن صدام، لقد دعاه الله فلبى النداء، وهو هناك في الجنة، جلست في باب الدار: لقد كان لي ستة اولاد دعاهم الله.