23 ديسمبر، 2024 1:49 م

يوم خسفت المنصة… قصتي مع المالكي

يوم خسفت المنصة… قصتي مع المالكي

اعتقد ان الكثير ان لم يكن الجميع يتفق معي ان هنالك بعض الامور لايمكن البوح بها الا في الوقت المناسب، كما انه ما كل ما يعرف يقال، والان وبعد ان انتهت مهمة الرجل اصبح كلامنا ليس لغرض الاستجداء او الاستصراخ انما لغرض العبرة والاستفادة من تجاربنا فعلى مايبدو نحن اناس لانتعظ واكثر ما يغرينا هو الكرسي من بين المهلكات الثلاث ( المال والمرأة والسلطة )، وننسى او نتاسى المقولة الكبرى ( لو دامت لغيرك ما اتصلت اليك )، وقد اهاجني اكثر لكتابة هذا الموضوع هو ما تناقلته الاخبار من منح السيد المالكي لمناصب جديدة لمن يريد في آخر ايامه.

وحكاية المنصة هي حكاية آخر لقاء لي بالسيد المالكي وهو اللقاء الخامس فقد التقيته لاول مرة يوم ترشيحي له لمنصب رئيس الوزراء ويوم تبريكي له عند تنصيبه ومرتان في بناية رئاسة الوزراء ويوم المنصة وهو الاخير. كان ذلك بعد ترشيحي لمجلس النواب في ولايته الاولى وكان معارضاً اشد المعارضة لهذا الترشيح حتى ان السيد هاشم الموسوي ( امين عام حزب الدعوة تنظيم العراق ) تدخل شخصياً لقبول هذا الترشيح وعند زيارته للمرشحين وبعد القاءه لخطاب الانتخابات بدء بالسلام على المرشحين حيث كنا في صف واحد على المنصة ولكنه عندما وصل الي وفي لحظة مد يده نحوي خسفت المنصه وعثر قليلاً ولكنه تدارك الامر طبعاً وتم السلام واستمر الى آخر الصف، ولا ادري ان كان ذلك صدفه ام هي شدة الغيض الذي كان يحمله نحوي عندما شاهدني امامه وعدم تحمله لمصافحتي حتى انهدت المنصة، ام هي عبرت اخرى ارادها الله له.

اما اللقاء الاول وهو المهم وبيت القصيد هنا فكان في مجلس النواب حين كان يشغل وقتها رئيس اللجنة الامنية

فقد مهدت لهذا اللقاء بعد ان لاحظت ان ورقة اخينا العزيز الدكتور الجعفري لم تعد مقبولة آنذاك فكان علينا ايجاد بديل لامحالة فطرحت اسم جواد المالكي بعد ان تهيأ لي انه رجل المرحلة من خلال اطلاعي على ما يمتلكه من خلفية طبائعية اكثر منها خلفية ادارية باعتبار ان لكل زمن ضرورياته فكانت تلك الايام ايام سوداء بحاجة الى شدة وصرامة. وقد طرحت الامر على بعض الاخوة المتنفذين من الوزراء والنواب الافاضل بل اول من كلمته بهذا الموضوع هو احد وكلاء السيد السيستاني (حفظه الله) وقد رحب الجميع بالفكرة وايدوها عندها طلبت لقاءه في مجلس النواب كما اسلفت وقلت له لدي حديث معك لمدة عشرة دقائق فقال على الرحب وجلسنا فاخبرته بكل ما قمت به وان كل الذين تكلمت معهم ايدو ترشيحه لهذا عليك اعداد نفسك لتسلم المنصب ( نعم هكذا والله على ما اقول شهيد ) قلت له بالحرف الواحد جهز نفسك لرئاسة الوزراء وكانني مطمئن للامر ، غير انه اجابني بان هذا الامر ليس على طاولته وانه لايفكر به واننا يجب ان ندعم اخينا الجعفري وهذا ما اكده لي ويجب عليّ ذكره شهادةً للتاريخ. وما هي الا بضعة اسابيع لاتتعدى الثلاث حتى اعلن ترشيح السيد المالكي للمنصب وكان اسمه آنذاك جواد المالكي. اننا نعلم ان انتخابات داخل التحالف قد جرت وكان التنافس بين الدكتور الجعفري والاستاذ عادل عبد المهدي وربما تكون ايران قد تدخلت بالامر على ما سمعنا ولكن هذا الامر وتدخل القوى الاقليمية الاخرى لاعلم لي به ولايهمني، ما يهمني واقعاً هو انني اول من طرح اسم جواد المالكي لرئاسة الوزراء واول من تكلم معه واوصاه بتهياة نفسه لهذا الامر.

وفي المرة الثانية عند تبريكنا له حين القى خطابه الصحفي وكنت واقفاً بالقرب منه وقد ظهر الامر على شاشات التلفزه.

بعد ان تحقق هذا كتبت انا مقالةً بعنوان ( الارتياح الحذر ) وقد نشرت في بعض المواقع الالكترونية الموقرة ومنها صوت العراق وكتابات وبامكان المشاهد الرجوع اليها حيث ذكرت فيها امرين ارى انهما مهمان جداً ولايجب ان تثيرى حفيظة الانسان الذي يبتغي الاصلاح والبناء ورضاء ربه ، وهما:

* اتمنى ان تكون شخصية نوري المالكي نفسها شخصية جواد المالكي ولايتغير علينا.

* اتمنى من كوادرنا الخيرة ان تقوم برصد شخصيتين وتتولى اعدادهما او تعتني بامريهما على الاقل لتولي منصب رئيس الوزراء في حال حاجتنا لذلك لاي امر طارء ولا يجب ان نقع في نفس المحنة التي مرت علينا آنذاك.

بعدها ورغم مقابلتي له مرتين في مبنى رئاسة الوزراء ولكن كانتا مصادفة فمرة كنت مع اخينا العزيز صاحب ( الكارزمه ) المحترمة الدكتور طارق نجم فدخل علينا ولكنه سلم بسرعة وخرج وكان يبدو عليه الامتعاظ مني وثانية كنت في جمع المستشارين لمقابلته وقد مزق ورقة اوصلتها له وفيا رأي حول قضية معينة … وهكذا لم ار منه اي ريق يدلل على الابوة كرئيس لكل العراقيين او ملامح ذكرى تلوح في عينيه لذلك اللقاء الذي كان بحق لقاءً استثنائياً.

ومضت الايام وانا اعظ على جرحي لكثرت اعتراضه على كل الترشيحات التي رشحت لها فقد رشحت الى وكالة وزارة مرتين عن طريق الحزب ومستشار رئيس لجنة اعمار البصرة ومستشار وزير حقوق الانسان وكلها رفضت او قل انها لم تسند على ان اشدها هو ترشيحي وبقوة من قبل السيد رئيس هيئة النزاهة موسى فرج وكان كتاب الترشيح يتكلم وبكل قوة ويتعهد الرجل باخذ نجاحي في هذه المهمة على عاتقه ولكن كانت المفاجئة ليس برفض ترشيحي فقط انما تمت تنحية الرجل من منصبه بعد اقل من اسبوع لهذا الترشيح ولا ادري ان كان هنالك رابط بين الحالتين ام لا ولكني اسرد واقع حصل. وقد اشار السيد وزير التجارة الدكتور فلاح السوداني في استجوابه على منصة البرلمان عندما حصل حديث مطول عن مفتش عام الوزارة وكيف ابعد الى الصين فتطرق الى موضوعي دون ذكر الاسم فقال ( لقد تم ترشيح مفتش جديد ولكنه لم يقبل ) ومعلوم ما آل اليه امر الوزارة آنذاك.

ولازال الوضع الى الان وقد اخذ الامر بتتبع الصغيرة والكبيرة وهو اشبه ما يكون كالتصيد في المياه العكرة ولسان حالي يقول ( ارى العداوة ولا ارى اسبابها) ، الا اللهم ذلك المقال الذي ذكرت به تلك النقطتين من موقع الاخلاص بكل عفوية والله على ما اقول شهيد، وقد اثبتت الايام صدق حدسي فما اقوانا بل وما احلانا لو كنا نملك بدائل جاهزة يشير لها بالبنان كي لانتعب ونجتهد من جهة ونختصر الوقت من جهة اخرى.

ولا يفوتني الان في هذه المفصلية بالتقدم بالشكر الكبير للدكتور قؤاد معصوم صاحب العقل النير بل الهمة العالية التي احوج ما نكون لها في هذا الزمن القاسي لاختياره الصائب الى رجل صاحب الخلفية التي لايشق لها غبار سائلينه تعالى كل الموفقية والسداد له والامن والبناء لبلدنا الحبيب.

ويسمح لي اخي ابا اسراء المالكي كي اخاطبه من القلب الى القلب فربما سنلتقي يوماً في مكان ما، هل ان الاخوة مع كل اعتزازي لهم علي الموسوي وعلي الشلاه وابي رحاب وغيرهم افضل من غيرهم فنحن نعلم بتواريخهم وخصوصاً الاخ علي الموسوي فقد كنا معاً في العمل التنظيمي قبل اكثر من ثلاثين عاماً.

ام ابنه احمد حفظه الله له اكثر خبرةً وكياسةً منا ومن الكوادر الدعوتية المهمشة التي تربت على مفاهيم المدرسة الدعوتية العظيمة ليضعه في اهم واعلى موقع في بلد مهم كالعراق وهو رئاسة الوزراء بل ويظهر على شاشات التلفزة ليمدحه بالقول ( ان مشكلة احمد انه شجاع ) ولا ادري متى كانت الشجاعة مشكلة اخي ابا اسراء وهل ان بقيت الدعاة لايمتازون بها؟!.

لاتعتقد اخي العزيز اننا مسرورون بما آلت اليه الامور بك ولكننا بكل صراحة مكلومين بهذا الواقع المؤسف كنا نتمنى ان تكون عوناً لاخوانك من الكوادر الدعوتية التي لولاها لما اصبحت رئيساً للوزراء وتنتفظ انتفاضة كبرى ولاتجلس في كرسيك لحظة وتستعمل آخر الدواء الكي للخونة عندما سقطت الموصل وتهب وتصرخ وتخرج الى الشوارع بل وتعلن النفير العام عند ابتلاء العراق بفاجعة مذبحة خيانة سبايكر وليس الذهاب لها متبجحاً لاعلان النصر من هناك بعد خراب البصرة فللتاريخ عيون ولسان. وفوق كل هذا وذاك فانت تمنح مناصباً لايمكن اعتبارها من قبل المراقبين في هذه الايام الاخيرة الا استغلالاً للمنصب لارضاء من تريد ارضاءه وهو ما نراه من تعليقات في الصحف المرئية والمكتوبة ولا اقلها موقفكم ضد ترشيح اخينا العبادي والتصريح الناري بفتح ابواب جهنم لمجرد ذهاب المنصب وبعد ثمان سنوات من تمتعك بهذه الفرصة لاخيك الذي لايقل عنك اهمية في الجهاد وهي بحق مثلبة لا ادري كيف ستعالجها.

صدقني اخي لو انك سرت كما ينبغي لكان العراق بل العالم كله معك ليس لاعطائك ولاية ثالثة بل ربما للاستمرار حتى خاتمة العمر بل واكاد اجزم لتنازل الاخ الدكتور العبادي عن الامر وربما لم يرتضيه اصلاً لانه رجل لايبخس الناس اشيائها.

انا ادعوك اخي الى الجلوس في مكان هادء لوحدك يوماً كاملاً دون مستشاريك الذين حولك مبتدءاً بلعن الشيطان مئة مرة وتنوي ذلك قربة الى الله بعد الصلاة ركعتين لتقييم الوضع الذي مر خلال السنوات الاخيرة الاربع فنحن احوج ما نكون الى اخينا الفاضل جواد المالكي في هذا الزمن فليته يعود.

وفقك الله ووفقك عراقنا لكل خير وهو تعالى من وراء القصد.

*[email protected]