17 نوفمبر، 2024 12:25 م
Search
Close this search box.

يوم العمال العالمي والطبقة العاملة في ظل الأوضاع ألراهنه

يوم العمال العالمي والطبقة العاملة في ظل الأوضاع ألراهنه

يحتفل العمال عبر نقابات واتحادات وحركاتهم العمالية في العالم اجمع في (الأول من أيار) كل عام (بعيد أو بيوم الطبقة العاملة) تخليدا لضحايا مذبحة العمال الإجرامية التي وقت في مدينة (شيكاغو – الأمريكية) عام 1882، بعد إن سقط عشرات الضحايا من العمال الأبرياء قتلى وجرحى، نتيجة صدامات دموية حدثت بين العمال المطالبين بحقوقهم المهنية وبين قوات الشرطة للنظام (الأمريكي) الرأسمالي التي لم تبالي بها الشركات والمصانع (الأمريكية)، والتي كانت تستغل جهودهم في العمل والإنتاج الذي كان يوفر لهم إنتاج فائض القيمة بما كان يثري أرباب العمل في هذه الشركات والمصانع ويزيدهم ثراء؛ في المقابل مزيدا من الذل.. والاضطهاد.. وتجويع للعمال الكادحين، ليخرجوا بتظاهرة سلمية مطالبين بتخفيض وتحديد ساعات العمل اليومية بثماني ساعات فقط .

وبعد هذه الجريمة النكراء بحق العمال؛ عقدت الأحزاب الاشتراكية الأوروبية في عام ١٨٨٩ مؤتمرها السنوي الدولي الثاني في (باريس)، وأصدرت نداء وجهته إلى العمال تدعوهم فيه إلى اعتبار (الأول من أيار) من كل عام يوما للنضال من أجل ضمان حقوق العمال والكادحين، وذلك عبر التظاهر والتجمعات ميدانية في مراكز العمل وفي الشوارع والساحات المدن؛ ومنذ إن قامت انتفاضة العمال في (الولايات المتحدة الأمريكية) ضد الظلم.. والاضطهاد.. والاستغلال؛ الذي مارسته الطبقة الرأسمالية ونظامهم المستغل في قمع العمال ومصادرة حقوقهم؛ إلا إن هذا النظام الرأسمالي ما زال إلى يومنا هذا يمارس نفس أساليبه القذرة في تهميش حقوق العمل والعمال في ظل غياب العدالة الاجتماعية واتساع رقعة الظلم.. والاضطهاد.. والاستغلال.. وغياب فرص التوزيع العادل للثروات.. والضمان الاجتماعي؛ وما زال العمال سواء في الدول (الرأسمالية) أو في دول العالم الثالث؛ رغم مرور هذه الأعوام العديدة؛ يعانون وبشكل أكثر قسوة من الماضي من جشع الطبقة الرأسمالية ومن استغلال والاضطهاد ومن طغيان شركاتهم الاحتكارية الرأسمالية وهيمنتها على مقدرات الشعوب ونهب خيراتها، هذه الشعوب التي ما زالت تعاني من تغول الدول الرأسمالية الصناعية التي تحاول احتكار السلع.. والإنتاج.. والتقدم العلمي والتكنولوجي لخدمة مصالحهم وسيطرتهم على الأسواق العالمية ومنع إيصالها إلى دول العالم الثالث حتى تستمر هذه الدول خاضعة لإرادتهم كأسواق لتصريف بضاعتهم فحسب، ليبقوا على التبعية بكل أشكالها إلى مركز القرار في (أمريكا) بنظامها الرأسمالي الامبريالي، و(أمريكا) بهذه السياسة الاحتكارية المهيمنة تمارس دورها في نشر ثقافة الرأسمالية في عصر العولمة لتضمن مصالحها الحيوية من اجل استمرار هيمنتها على مجريات السياسات الدولية والتحكم في حل صراعاتها الداخلية والخارجية؛ من أجل أن يستمر الاستغلال في نهب خيرات إنتاج العمال لمصالح وأهداف الطبقة الرأسمالية؛ وان كان الثمن سحق العمال والشعوب المناضلة من اجل الحرية والمساواة.. والعدل.. والعدل الاجتماعي بكل ضراوة ووحشية، لان هذه الطبقة الرأسمالية المستغلة لا تنظر إلى العمال إلا بكونهم سلع بعد إن شيئتهم في أشياء المادة وإنتاجها المهيمن على الحياة العامة؛ وخاصة بعد إن أدخلت العالم في عصر العولمة وعولمته، لان الرأسمالية بقوتها المهيمنة على قدرات الشعوب تسحق كل من يقف في تطلعاتها أين كان.. ومهما كان؛ لان حياتهم لا تعني شيئا بقدر ما يكون تعاملهم معهم كتعامل السلع في سوق العرض والطلب.

ورغم ما خاضته الطبقة العاملة من نضال عبر مؤسساتهم النقابية والاتحادات؛ إلا إن مسيرة نضالهم ما زال يصطدم بجدار الهيمنة الرأسمالية المتوحشة التي تضرب بكل قوة تطلعاتهم في نيل حقوقهم ومحاولاتهم بناء مجتمعات خالية من الاستغلال.. والظلم.. والاضطهاد، مجتمعات تبنى بأسس العدالة.. والعدالة الاجتماعية، ولكن ما نجده على ارض الواقع وخاصة في العالم الثالث ومنطقتنا الشرقية إن هذه النقابات والاتحادات وقعت تحت هيمنة السلطة الحاكمة في بلدان الشرق والعالم الثالث؛ التي هي الأخرى تسير في ركب العولمة الرأسمالية، لذلك فان هذه النقابات التي تعتبر حواضن تنظم وتعبر عن تطلعات الطبقة العمالية نجدها متقوقعة على ذاتها تعاني الشرذمة والضعف وغياب دور النضال الحقيقي عنها؛ بابتعادها عن هموم وتطلعات النضال الحقيقي لطبقة العاملة؛ بقدر ما يبرز نشاطها في تنظيم فعاليات احتفالية ومهرجانات قبيل عيد العمال فحسب؛ التي هي مجرد شعارات إعلامية لا تقدم ولا تؤخر؛ يغيب عنها القول.. والفعل.. والعمل.. والتنفيذ.. والتطبيق؛ لغياب تشريعات قوانين العمل.. وإقرار الحد الأدنى للأجور لضمان حقوق العمال.. والحماية الاجتماعية.. والصحة.. والسلامة؛ بغياب خطط تنموية توفر فرص للعمل للحد من نسبة البطالة والفقر والتكافل الاجتماعي التي تتفاقم في اغلب بلدان منطقتنا الشرقية.

وكل هذه الأوضاع السلبية التي تحيط محيط العمل والعمال وصل الأمر لدرجة التي افرغ هذا اليوم من مضمونه النضالي والثوري؛ في ظل الغياب دور لأحزاب الاشتراكية واليسارية التي تراجع دورها النضالي؛ بعد إن تنصلت من أداء دورها الثوري في تغيير أوضاع العمال لدرجة التي يشير إليها بكونهم خانوا طبقة العمال والكادحين وتنكروا لحقوق العمل والعمال، لأننا وخاصة في منطقتنا الشرقية والعالم الثالث نجد وبشكل واضح ودون التباس غياب دور الحركات الاشتراكية واليسارية بكل مكوناتها غيابا كاملا؛ لدرجة التي وصل الأمر بهم بكونهم فعلا وصلوا إلى حالة الموت ألسريري؛ ولم يبقى من الاشتراكية واليسارية إلا شعارات بلا مضمون، في وقت الذي نشاهد على ارض الواقع كيف ينشط القطاع الرأسمالي ويمسك بزمام الأمور في قرارات السلطات وفي أنظمة منطقتنا والعالم اجمع؛ لتعيش الطبقة العاملة والكادحين أسوأ مراحلهم في الاضطهاد.. والتهميش.. والاستغلال؛ ليصدق قول المناضلة (لورا لوكسمبورغ 1871– 1919) البولندية – الألمانية؛ وهي مناضلة من طراز الأول سياسية اشتراكية وثورية ومنظّرة ماركسية وفيلسوفه أثرت في الحركة العمالية الأوربية والحركة الأممية البروليتارية والماركسية، حين قالت بـ((أن العالم اليوم أمام طريقان لا ثالث لهما الاشتراكية بمفهومها الإنساني الواسع أو الدمار والخراب الذي تقوده الرأسمالية المتوحشة.. ))، نعم انه ما يشهده عالمنا اليوم هو الدمار والخراب في ظل شراسة الهجمة الامبريالية الرأسمالية (الأمريكية) على العمال ومكتسباتهم؛ وهي ظواهر غير مسبوقة لم نشهدها منذ 1882 ولكن نشهدها في هذه المرحلة؛ وقد أتى هذا الأمر نتيجة الخصخصة.. والعولمة.. وبيع القطاع العام.. ليتم تسريح ملايين العمال من عملهم في كل دول العالم، لتفرز هذه المعطيات حجم التشويه والشلل الذي أصاب مضمون (عيد العمال الأول من أيار) وهو يوم الذي يفرض إن يكون حافزا للبشرية جمعاء لنهوض والعمل الجاد بما يحقق ضمان حقوق الإنسان والعمال تحديدا؛ ليتم تكريمهم بما يستحقوا من تكريم نتيجة جهودهم الجبارة التي بذلوها ويبذلوها (ليل – نهار) في العمل والإنتاج الذي يرد مردودة لنهضة العالم وتقدمه وازدهاره.

لذلك فان معطيات (عيد العمال في الأول من أيار) يتطلب منا اليوم إعادة النظر في السياسات الدول الرأسمالية الصناعية وعدم السكوت لما يحدث في كل بلدان العالم وخاصة الشرقية منها تحديدا؛ من بيع لمؤسسات الصناعة الوطنية لان ذلك من شانه تقوية النشاط الرأسمالي الذي يستغل العمال لمصالح خاصة في الإنتاج والربح على حساب جهودهم وطاقاتهم واستغلالهم ليتم تسريح عدد كثير من العمال وفق مصالح الطبقة الرأسمالية التي تستثمر في هذا القطاع وذاك.

ونتيجة لهذه الأوضاع التي تهيمن عليها الطبقة الرأسمالية ونظامهم المعولم فان من يدفع الثمن هم الكادحين والطبقة العاملة باعتبارهم شرائح تعاني التهميش وعدم التمثيل في مؤسسات الدولة تمثيلا حقيقيا؛ لكي (لا) يكون لها دورا فاعلا في صنع القرار وبما يخدم مصالح الطبقة العمالية الأكثر شرائح المجتمع الأقل دخلا؛ والذين يشكلون نسبة كبيرة من السكان في كل دول منطقتنا بل والعالم اجمع، بما يعكس تفريغ مفهوم (الديمقراطية) التي تتبجح بها(الرأسمالية الأمريكية) قبل دول المنطقة التي اغلب دساتيرها تتبناه ولكن الحقائق على ارض الواقع تنسف مفهومه شكلا ومضمونا؛ لان انتهاكات في حقوق العمل والعمال والمواطنة تجري على قدم وساق في كل مؤسسات ومرافق الحياة العامة.

ونظرا للأوضاع ألراهنة من تفاقم الأزمة الاقتصادية بعد جائحة (كورونا) وتداعيات التي افرزها الوباء في القطاع الاقتصادي والاجتماعي وما تم فرضه من التدابير والإجراءات الاحترازية تمثلت في العزل.. والحجر الصحي.. والتباعد الاجتماعي؛ والذي انعكس سلبا على اقتصاد دول العالم والنظام العالمي الذي أصاب حالة من الركود نتيجة تدهور اقتصاديات اغلب دول العالم ومنها الدول الرأسمالية المهيمنة بعولة العالم على العالم؛ وتعرض القطاع الصناعي العام إلى التراجع بشكل كبير أدى إلى تفاقم أوضاع الطبقة العمالية والكادحة نتيجة إغلاق المعامل؛ فانتشرت البطالة بشكل مرعب؛ في وقت الذي أغلب دول منطقتنا تفتقد إلى قوانين الضمان الاجتماعي ورعاية ذوي الدخل المحدود، لان النقابات العمالية للأسف لم تستطع فرض إرادتها على المؤسسات التشريعية لإصدار مثل هكذا تشريعات في حماية المواطن والعمال الكادحين وأصحاب الدخل المحدود مما اتسعت في المجتمعات ظواهر البطالة والفقر وتفاقم ظاهرة عمل الأطفال والصبية بعد تراجع دخل الأسرة إلى مستويات خطيرة .

وفي ظل هذه الظروف والمتغيرات المعقدة واحتدام الصراع بين دول العالم لحسم شكل النظام العالمي بقطبه الأحادي الذي تسيطر علية (الرأسمالية الأمريكية) التي عولمة العالم باقتصادها الرأسمالي؛ والذي يوجه له انتقادات الطبقة العاملة بكونها وقعت فريسة للإدارة الرأسمالية المستغلة لجهود عملها، لذلك لابد من استمرر نضال الطبقة العمالية ومواصلة مسيرة نضالهم لبناء حركة عمالية قادرة على تغيير الأنظمة العميلة للرأسمالية المهيمنة على مقدرات العمال والتي تعمل على تسليعهم وفق أسس الإنتاج والصناعة.

ومن هنا تأتي أهمية النضال وبناء الاتحادات والنقابات العمالية غير مسيسة لتفرض سيطرتها على مقاليد السلطة لتغيير التشريعات بما يخدم مصالح الطبقة العاملة والكادحين وفق ثوابت وأسس وطنية والتمسك بأهداف العمال في مناهضة كل أشكال الاستغلال.. والعبودية.. والظلم.. والاضطهاد الذي تمارسه الامبريالية الرأسمالية ضدهم .

أحدث المقالات