يعتبر الإعلام؛ النافذة التي تعبر من خلالها الجماهير عن تطلعاتها وأهدافها وصوت من لا صوت له، والإعلام الذي يترفع عن القضايا المهمة التي تعيشها الجماهير يعد إعلاما فاشلا، كونه ابتعد عن الوسط الذي يؤثر فيه ويتفاعل معه.
كما إنه الوسيلة التي يتم من خلالها تعبئة الرأي العام تجاه الإحداث، وتغذيته بالمعلومات والأخبار التي يتبعها اتخاذ القرارات المهمة، على الصعيد السياسي والاجتماعي والثقافي، ويكون هو البوصلة التي تقود الجماهير والمحركة لها، في تكوين رأي جماهيري معين تجاه حدث مهم.
كان الإعلام العراقي مسيطر عليه من النظام البعثي الفاشي، الذي امسك بكل مفاصل الدولة بقبضة من حديد، فكان يعيش حالة البؤس التي يعيشها النظام، كونه ابتعد جملة وتفصيلا عن التأثير في المجتمع العراقي، وكان عبارة عن بوق يردد ما يقوله الجلاد وما يسعى إليه، من الهيمنة على صدر العراقيين الذين ما عادوا يطيقون الكذب الواضح والأخبار المثيرة للسخرية، التي كان يرددها الإعلام البعثي.
بعد سقوط هذا النظام وانفتاح العراق على جميع الأصعدة لاسيما الإعلامية منها، انتشر كم هائل من القنوات الفضائية والصحف والمجلات والمواقع الالكترونية، التي ربما تتفوق في عددها وفي مساحة الحرية الممنوحة لها على كثير من الدول في المنطقة، ولكن رغم من ذلك بقي الكثير منها بعيدا عن تطلعات أغلب الجماهير، وأصبحت هذه الوسائل تطبل لأشخاص وكيانات سياسية ومشاريع مشبوهة، تحاول ترويجها على حساب أبناء الوطن ومصلحة العراق.
مرة أخرى غاب الإعلام الوطني، عن كثير من وسائل الإعلام العراقية، التي أصبحت تتحكم فيها الأموال السياسية، التي جيرتها لأهدافها ومصالحها الحزبية، وابتعد عن القضايا المهمة والأحداث المصيرية التي يعيشها الشعب العراقي، وصار يردد أهداف ومشاريع تلك الجهات السياسية على حساب المواطن ومعاناته، والأحداث التي يتأثر بها ويتفاعل معها، بل إنها فقدت القدرة على تثقيف الناس وممارسة دور التوعية وبناء الفكر المجتمعي، إنما أصبحت وسيلة للتنافس والتسقيط السياسي.
من الأحداث المهمة التي يحاول الإعلام تغييبها وتناسيها، هو يوم الشهيد العراقي في الأول من رجب، الذي اقره البرلمان العراقي منذ 15 عاما، وأصبح يوما رسميا للشهيد العراقي، ودافع ذلك هو لإغراض سياسية كونه يصادف ذكرى إستشهاد آية الله العظمى السيد محمد باقر الحكيم ( قدس سره )، وكأن هذا اليوم خاصا بجهة سياسية معينة دون غيرها، بينما هو مناسبة لاستذكار شهداء العراق جميعا الذين دافعوا عن وطنهم قدموا في سبيله أغلى ما يملكون، وما نعيشه من حرية ورفاهية وأمان هو بفضل دمائهم الطاهرة.
على الإعلام العراقي أن يكون منصفا حياديا، ويتفاعل مع الأحداث المهمة التي يمر بها المجتمع العراقي، لكي يكون صوتا معبرا عنه، وما يوم الشهيد العراقي إلا مناسبة مهمة تعود أن يحييها العراقيون إحتفاء بدماء الشهداء، التي سالت على سواتر العز والكرامة، وحفظت وطنا تناهشته غربان الظلام وأعادت مجده الزاهر المشرق.
الغاية من الخلق
عبدالعزيز عيادة الوكاع
( وماخلقت الجن والانس الاليعبدون)الذاريات:56. حيث أن العبادة هنا:الخضوع والانقياد،وليس هناك مسلما ولا كافرا الا وهو خاضع لله عز وجل، منقاد لأمره، طائعا أوكارها فيما جبله عليه من الصحة، والسقم، والحسن، والقبح، والضيق، والسعة.
والعبادة:الطاعة،والتعبد:التنسك،فمعنى:(ليعبدون):ليذلوا لله، ويخضعوا يعبدوا. ومعنى(ليعبدون) أي:ليوحدون. فأما المؤمن فيوحده في الشدة والرخاء،وأما الكافر فيوحده في الشدة واالبلاء دون النعمة والرخاء. على أن الغاية من خلق الثقلين هي العبادة.
واستعمل القران الكريم في هذه الاية الكريمة اسلوب القصر ،فالقصر هنافي قوله تعالى:(وماخلقت الجن والانس الاليعبدون) هو قصرعلة خلق الله تعالى الانس والجن على ارادته أن يعبدوه ، وهو قصر اضافي من قبيل قصر الموصوف على الصفة ،وأنه قصر قلب باعتبار مفعول (يعبدون)،أي :الا ليعبدوني وحدي ،أي لايشركوا غيري في العبادة،فهو رد للاشراك وليس قصرا حقيقيا، فانا وان لم نطلع على مقادير حكم الله فمن خلق الخلائق …
وقد ذهب أهل العلم الى حمل هذه الاية على الامر التكليفي الطلبي، دون الامر الارادي الطلبي، والا لم يتخلف المراد عن الارادة. وأخيرافان الثمرة المرجوة من العبادة هي:تقوى الله عز وجل ومخافته بدليل قوله تعالى:(ياأيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون)، والتقوى تعني باختصار شديد: مخافة الجليل والعمل بالتنزيل، والاستعداد ليوم الرحيل.