القيادة الشرعية في الأمة هي قيادة الأحرار، لشعب بأكمله بلا تمييز أو طائفية، فلا حرية بدون بذل للدماء وإيثار للفداء، كما فعل سيد الشهداء (عليه السلام)، والتي صنعت أوطاناً للكرامة والإنسانية، في محراب ثوري مدو يزخر بالبلاغة والفصاحة، فكان بحق شهيد محرابه، كجده علي (عليه السلام)، وإنا على فقده لمحزونون.
عيون الفقراء، متجهة دائماً نحو الحرية بعد عودته، ليحتضن العراق بين ضلوعه، لكن يد الغدر الآثمة، سلبتنا أحلامنا، وها هي الأمنيات تنحر فوق محرابه الطاهر، رغم رحيله مازالت أمنياتنا تحوم حول عمامته المقدسة، التي أشعلت فينا جذوة الأمل والرجاء، بحلول دولة عصرية عادلة، تتسم بالحرية، والمساواة.
إن روح الأمل هي من أعظم المعنويات التي تمد الإنسان بالقدرة على الإستمرار، في الحركة والثبات والصبر والتحدي، كما إن عملية تغيير النظام لشعب مقهور محروم، لا يمكن أن يتم بصورة صحيحة من خلال مشاعر مليئة بالحقد والإنتقام، وإنما من خلال الأخلاق لارتباطها بعملية التغيير والتزكية والتطهير، لأن للشعب العراقي عدواً مشتركاً واحداً، فكان الشهيد السعيد بحق مفكراً ومرجعاً، لرأب الصدع الذي أصاب المجتمع العراقي، لهذا كان يرعبهم حتى اغتالوه غدراً في محراب جده.
العراق مدرسة الجهاد والشهادة، إذ في كل يوم تتخرج وجبة جديدة، من الأحرار الشرفاء الذين واجهوا الطغيان، وأبوا الضيم، ورفضوا أن يكونوا أعواناً لفرعون، ولعبة بيد الشيطان فبحثوا عن الخلود، بين صوت ينادي بالشهادة، وبين الدفاع عن العقيدة والحق، فنالوا ما يصبون اليه، فهنيئاً لهم حسن الخاتمة، فأمسوا مفاتيح الصبر والخلود، إنهم هويتنا في كل زمان ومكان، لأنهم دعاة: هيهات منا الذلة.
إن ما قدمه شهداؤنا، هو أعظم أنواع العطاء والجود، فقد قدموا أغلى ما يملكون، قدموا أرواحهم لنعيش بكرامة وحب، موحدين من الشمال الى الجنوب، والواجب الحقيقي المحتم علينا هو أحياء ذكراهم، ونكافئ عوائلهم بعيشة كريمة، تليق بما قدمه آباءهم لهذا البلد العزيز.
يوم الشهيد لابد أن يكون مقدساً لكل أبناء العراق، ولا يقتصر على جهة معينة كما يحصل كل عام، فنجد تيار شهيد المحراب، يعمل بجهد وصدق لإحياء هذه الذكرى، وباقي الأحزاب كأنها من دولة أخرى، ويحسب عليهم هذا التغاضي، وكأن الشهداء فقط من هذا التيار!
ختاماً: كونوا على يقين أن الشهداء بدمائهم الطاهرة، هم مَنْ حافظوا على كرامة العراق ومقدساته، فلا تبخلوا عليهم في إحياء ذكراهم، وأن تؤمنوا لعوائلهم العيش الكريم ومتطلباته، فهذا هو الواجب الشرعي والإنساني، الذي سيبقى في أعناقنا الى يوم يبعثون.