يوم التهجير…يوم الارهاب

يوم التهجير…يوم الارهاب

كانت صديقتي وكنت ارفق بها واحيطها بالاهتمام والرعاية واحرص ان لا ينالها اذى او الم او جوع …

قطة قبل اليوم كانت صغيرة وهي الان كبيرة وكانت قبل اليوم ضعيفة وهي الان في احسن ما تكون من عافية وكانت قبل اليوم تموء وكأنها تستعطف الاخرين ليمدوا لها يد العون ولأنها تجهل كلماتهم فإنها بطريقة المواء ترسل اليهم اشاراتها …بعضهم يفهم وبعضهم يتجاهل وكأن الامر لا يعنيه بل ويسخر ممن يبدي الاهتمام…

مضت الايام وصارت القطة الصغيرة قطة كبيرة بل وصارت اما تحنو على الصغار وتدافع عنهم بشراسة وقد قرأت يوما ان للقطط من حنان الامومة ما تفوق نسبته اغلب الكائنات الحية وهذا ما جعلني اهتم بها وبصغارها ايضا واحرص على ان ابعدهم عن مواطن الاذى والخطر.

اليوم تغيرت نظرتي وغيرت خطتي ولم اعد اعتبر القطة صديقتي بل هي مجرمة قاتلة وارهابية بعيني تهاجم عش الحمام وتفترس الفراخ الصغيرة وتنزف الدماءفي العش وحوله راسة اقسى صورة الافتراس والقتل …

انه القتل ….!
اعظم الجرائر …!
انه القتل
اعظم الشرور…!
انه القتل…!
وحشية المفترس …وبراءة المفترس…!
اذ يهاجم المفترس فريسته في عقر دارها وهي آمنه مطمئنة تنتظراما وابا حلقا في الفضاء ليعودا بالقوت وليستكملا انجاز مهامهما في التربية والرعاية .
انها عظم الخطايا حين عاد الابوان الى العش بعد انتهاء فصول الجريمة الكبرى وشهدا باعينهماالفاجعة فرفرفا بجناحيهما يخضبانها بقايا الدماء البريئة ….!
رفعا راسيهما الى السماء ….!
كان لهما مع الرب دعاء
قالا ايرضيك يا الله هذا …!
انها لفجيعة كبيرة تعجز قلوبنا الصغير عن احتمالها…!
وليس لنا من قوة لمواجهة القاتل وانزال القصاص به جزاءا وفاقا لما جنت يداه …!

آلمني منظرهما وتتالت كلماتهما وانا ارقبهما وفي كل لحظة يتعاظم غضبي ويزداد حنقي فحملت هراوتي وقررت ان انتقم لهذين المفجوعين وانزل بالقطة القاتلة القصاص لكني حين عبرت الى مكانها وجدتها تحوط صغارها بالرعاية والحنان وهما يتلقفان    رضاعها ويتمسحان بها فهزني المشهد وعدلت عن القصاص .

لكني بقيت متالما وحزينا وصرت ابحث في قوانين الانسان والطبيعة ما يمكن ان توجه لها العقوبة وتنالها بحق وان لم تنص القوانين المعمول بها ذلك.

اعلم ما ستقولون واعلم ما ستوجهون لي اسئلة مختلفة وكلمات منها ما يثير الشك ومنها ما يثير الافكار ومنها اتهام بالقسوة ومنها اتهام بالطوباوية او ضآلة التفكير.

تقدم لي احدهم وواجهني بنظرة حادة قائلا:

العالم ملئ بالإرهاب والتهجير والمرض والجوع والحروب التي تستنزف دماء الابرياء وموارد الشعوب وانت تعرض علينا مشكلتك الكبرى ….قطة ارهابية قاتلة ….!!!!

لم يكتف بهذا بل اضاف بلهجة ساخرة:

الم تدعي انك رعيتها وبذلت لها اهتمامك …كأنك تقول انك ربيتها كما يربي الاب ابناؤه …

قال اخر:

هذه تربيتك ربما كنت انت في اعماق نفسك ارهابيا مجرما قاتلا !!!

وحينما ارتسمت على ملامحي سمات الغضب البس لهجته لبوس المزاح وتمتم:

لا تهتم  كم من الاباء اضاعوا أبناءا في هذا العالم الواسع.

لم ينته الامر عند هذا بل تقدم نحوي آخر وهو يحمل هاتفا خلويا يبث مشاهد من مختلف انحاء العالم اختزلتها عبارة (من هنا …و…من هناك)

المشهد الاول

زلازل تهز بلدان

اوبئة تنتشر في شرق القارة

الجوع يقضي على مئات الالاف في الجنوب

نزوح قسري

تهجير

هجرة بسبب الحرب

هدم منازل وتشريد الاف العوائل

بعضهم مات تحت القصف

بعضهم ينتظر الموت او القتل متمسكا بالبقاء

المخدرات اعلنت موتا سريريا للملايين في شتى انحاء العالم

السرقات الصغرى يحاكم عليها مبتدؤو افعال السرقات ويكرم عليها السراق الكبار بمناصب وارصدة ومكانات ومكافآت .

وتتوالى المشاهد

كانت تحمل عناوين مختلفة لكن الذي استوقفني عنوان كبير

الا وهو:

(تجار الحروب لهم الكلمة الفصل ) …………………..

اجل تجار الحروب (كلمتهم قانون الحرب تقولها شفاهم وتوقع عليها اناملهم ويدفع ثمنها الشعوب تتحمل المآسي .

هنا ساحة حرب…ام ثكلى تتحدث عن فجيعتها وتستعرض حياة ابنها الشاب الذي بنت عليه الآمالواجتهد في دروب الحياة كم كان له من العمر حين قتلته رصاصة لا يعرف مطلقها وليس له معه عداء او لقاء وتتساءل بأي ذنب قتل ولدي ….؟

تتساءل …؟ومن تسال…؟ انها تساءل الضمير الانساني وهي تعلم انه غير قادر على الجواب انه سجين…!اجل الضمير الانساني سجين المكائد والمصالح والخطط التي يرسمها كبار المسؤولون وينفذها صغار المحكومون.

هنا سوق تباع به شتى انواع البضائع شرقية وغربية شمالية وجنوبية وتختلط فيه الانفاس من مختلف قارات العالم والجميع اجسادا وارواحا ونفوسا تدخل مزاد علني مزاد السوق المعلن عنه على مدار الزمن مذ بدء الخليقة وحتى نهاية العالم ………………………………

أحدث المقالات

أحدث المقالات