23 ديسمبر، 2024 11:35 ص

يومي الاول مع طارق عزيز

يومي الاول مع طارق عزيز

في اواخر اذارمن عام 1963 ،تم تعييني موظفا في جريدة الجماهير ،كنت يومها في الثامنة عشرة من عمري ،ولم يكن تعييني في هذه الجريدة قد جرى على اساس الكفاءة او الخبرة ،بل كان على اساس انتمائي لأحد الاحزاب المتنفذة وقتذاك .
وكان علي ان اقابل رئيس التحرير (الاستاذ كربم شنتاف ) قبل ان اباشر عملي، ولما كان الرجل مشغولا بمهام سياسية ،اضافة الى رئاسة التحرير ،فقد ابلغت بعد يومين ثقيلين من الانتظار،بان (الاستاذ طارق عزيز) هو من سيقابلني ويحدد القسم الذي ساعمل فيه .واثناء يومي الانتظار كنت ارى الاستاذ طارق وهو يتنقل بين غرف الجريدة ،واسمعه يتحدث مع العاملين ويوجههم باعتباره مديرا للتحرير.وحين حاءني احد العاملين ليبلغني بان الاستاذ ينتظرني ،لم اشعر برهبة ،كما يحصل لكل موظف صغير حين يقابل المدير. ولا ازعم باني كنت وقتها شجاعا لا اخشى المسؤول، بل ان بساطة المسؤول الذي كنت اراه واسمع احاديثة وضحكته التي لم اسمع اعذب منها طيلة حياتي، كل هذه تركت عندي انطباع بان عزيز يمكن الاطمئنان اليه ..وعندما دخلت عليه لم اشعر برهبة المسؤول. ومن استقباله الحميم شعرت ان الرجل قريبي ،ولا حرج في الحديث معه من دون رسميات.
بعد ان رحب بي وحديث استمر اكثر من ريع ساعة، سالني :يا فلان اين تريد ان تعمل؟ و لقد فاجأني بسؤاله، فالمدير عادة يقول للموظف الجديد: اذهب لتعمل في القسم الفلاني. الا طارق عزيز فقد تعامل معي كأب وليس كمدير. وعندما خرجت من غرفته شعرت ان لي قريب في هذه الجريدة .ومنذ ذللك اليوم (2 نيسان 1963 )وطوال عملي في الصحافة لازمني هذا الشعور حتى يوم احلت نفسي على التقاعد بنهاية عام 1989.
وكنت كلما التقيه بعد التقاعد، اتذكر يو م اللقاء الاول فابتسم، ليرد عليّ بابتسامة تغسل كل هموم القلب.