صحا عنتر بن بغداد على خبرين صادمين لإنتحار مواطنين إثنين، اﻷول شاب بعمر 19 عاما في الديوانية شنقا حتى الموت ، واﻵخر مفوض شرطة في بغداد بإطلاق النار على نفسه وكلاهما أنهى حياته داخل منزله ﻷسباب مجهولة ، وقبل أن يذهب – عنتر – لشراء الكاهي والقيمر كعادته صبيحة كل يوم جمعة وإذا بخبر ثالث لايقل سوءا عن سابقه خلاصته تسليب ومقتل مواطن عراقي بآلة حادة في عبادان كان قد اضطر للسفر اليها لغرض العلاج ، أعقبها خبر وفاة الطفلة “رهف ” نتيجة التعذيب اﻷسري الذي أشعل مواقع التواصل الاجتماعي في العراق، تلاه خبر إصطدام حافلتين في شرم الشيخ المصرية تقل إحداها سياحا عراقيين ما أسفر عن مصرع اثنين منهم وإصابة تسعة آخرين بجروح مختلفة نقلوا على اثرها الى مستشفيين هناك ، ولم يكد يصل الى – أم القيمر – حتى صفعه خبر جديد توقيتا ، قديم مضمونا يتحدث عن قتل زوجة لزوجها بمسدس في منطقة السيدية وهروبها مع أطفالها الى جهة مجهولة !
كان بوده أن يواصل كتابة مجموعته القصصية الرومانسية ( البشر ..والبقر ) بعد وجبة الإفطار اﻻ أن عاصفة من المشاعر واﻷحاسيس المتناقضة تقاذفته ذات يمين وشمال ، شتت أفكاره ، غيرت قناعاته ، بلورت لديه رؤى جديدة مفادها أنه من العار على الكاتب المحترف أن يظل وقلمه يراوحان مكانهما ويتناولان مجريات اﻷحداث برغم تدهور اﻷوضاع ، وتعاقب الفتن ، وتواتر الخطوب ، وإنهيار القيم ، وصِدام الايدولوجيات من حولهما، بذات اﻷسلوب ومن نفس الزوايا التي درجا عليها طويلا ﻷسباب شتى تتباين بين كاتب وآخر ، ومن الخزي أن ﻻيرتفع صرير قلمه ، صخب أفكاره ، حرارة كلماته ، سخونة أحرفه، ليقض مضاجع المتهتكين وينير درب الحائرين في زمن عادت فيه القوات الاميركية الى العراق بعد إنسحابها التكتيكي منه – اوباميا – وعودتها اليه – ترامبيا – أقوى واشرس من ذي قبل ، وفي وقت تجرأت فيه اللبنانية – ماجدة الرومي – على الغناء في المدينة المنورة ، وكذلك صنعت مطربة الجاز الاميركية ماريا كاري ، على بعد كيلومترات من مكة المكرمة في حدثين مجلجلين لم تشهد لهما اﻷمة مثيلا من قبل ولما يزل وقعها الصادم يتفاعل في النفوس ومواقع التواصل لما للمدينيتين من قدسية ﻻيجوز هتكهما وتحت أية ذريعة كانت ، ومع تسارع المحن في العراق وعموم الوطن العربي من المحيط الى الخليج وكلها تدفع تجاه تغيير اﻷساليب وربما بعض اﻷفكار أيضا ، وتقديم الفاضل على المفضول ، ولابأس هنا بإستدعاء خيال ممزوج بخزين معرفي وأسلوب كتابي كان قد اضطر الى تجميده ردحا من الزمن ﻷسباب شخصية وربما أدبية وعلى طريقة المحكيات والمقامات، مُرحبا بالعائد الى عالم الكتابة إسما وأسلوبا لعله أفصح لسانا ، وأقوى بيانا ، وأرجى حجة ، وأشجع قلما ، وأبلغ حرفا منه كاتبا رومانسيا في زمن ” الكرستال والترياك والكبتي والقتل على الهوية ” .
صعد عنتر محبطا الى – الكوستر – ليضع الخطة الكاملة لكتابات المستقبل أثناء الطريق من باب المعظم الى معرض الكتاب الدولي في المنصور والذي أقيم بعد أيام من إغتيال الروائي والكاتب العراقي علاء مشذوب، الذي حملت الدورة الحالية للمعرض إسمه ولما يوقع روايته الجديدة داخل المعرض بعد ،اﻷديب اللامع المرشح للفوز بجائزة (كتارا) الدولية للرواية العربية بدورتها الخامسة 2019 والذي تحول جسده الى – منخل – بفعل 13 رصاصة غادرة اطلقها عليه مجهولون مفلسون فكريا وعقائديا واخلاقيا في كربلاء ﻷسكات الاصوات الصادحة بالحق خابوا وخسروا ، واذا براكب يثير قضية مطالبة القيصر بتغيير لقبه من السامرائي الى الساهر ، متسائلا على لسان خبير قانوني ” هل يستنكف كاظم الساهر من سامراء التأريخ والحضارة ليغير لقبها الذي يحمله في بطاقة اﻷحوال الشخصية ؟” فأشتعل النقاش مجددا بين العاطلين عن العمل داخل قبة – الكوستر – بين مؤيد ومعارض ، وما إن هدأ قليلا حتى أثار مفلس آخر اللغط بشأن صرخات المطرب الشهير – حسين نعمة – الاستغاثية التي اطلقها على تويتر لإنقاذه من الفقر والفاقة وإيجاد وظيفة ﻷولاده الخريجين الثلاثة العاطلين عن العمل ، فحمي الوطيس ثانية بين متعاطف مع نعمة وأولاده وبين – مطنش – ومشكك بحاجة مبدع ” يانجمة ، وكون السلف ينشال ، نخل السماوة ، ياحريمة ، غريبة الروح ” الفعلية الى الوظيفة والمال، !
ترجل عنتر من الكوستر ،بعد أن فقد شهيته كليا فأهدى الكاهي الى إحدى المتسولات – السوريات – اللائي يفترشن الرصيف العراقي كما إفترشت تظيراتهن ّالمتسولات العراقيات الرصيف السوري أيام الطائفية 2006 – 2007 ، وقبلها الرصيف الاردني أيام الحصار الغاشم 1994- 2003، فيما أهدى القيمر الى مجموعة اطفال من متعددي الجنسية يمتهنون – النصب – لمسح نوافذ السيارات ، وماكاد يصل المعرض حتى عاجله خبر اعتقال ” اوس الخفاجي ” ، بعد دهم مقره في الكرادة واغلاقه مع مقار أخرى في ذات المنطقة ، ليصبح مادة دسمة خبريا في الفضائيات المحلية والعربية غطى على بقية الاخبار اﻷخرى لحين وثوب خبر جديد – طايح حظه – الى النشرة يعمل على تبخير سلفه من اﻷخبار المحلية كما في حكاية كل يوم ومنذ 40 عاما ، ولعل الخبر الوحيد الذي أسعده خلال اليوم – القيمري – ذاك هو إستقدام حارس المرمى العراقي المحترف ” قيس العاني ” وهو من أب عراقي و أم بولندية لحماية الشباك العراقية من ضربات ” بسام الراوي” القوية في المنافسات والاستحقاقات الكروية ، العربية منها واﻵسيوية ، لعل العاني يحظى بعشر معشار التكريم الذي حازه الراوي بعد فوز قطر بالكأس مع الفارق بطبيعة الحال ، فبدل اللكزز ، سيارة فولغا ، وبدل الثلاثة ملايين دولار ، 3 ملايين دينار وبدل الجواز الدبلوماسي ، 10 كيلو كمأ من صحراء الجزيرة – نعمة واللي ينكرها يعمى – ، دخل عنتر معرض الكتاب التي افتتح أبوابه بمشاركة 650 مؤسسة ودار نشر عربية ومحلية وفي نيته شراء أشد الروايات العربية بؤسا لعله يحاكيها في قابل اﻷيام ويضحك من كل قلبه من باب شر البلية ما يضحك على أحداث بقايا عراق ووطن عربي يشغلان النشرات الاخبارية ويشعلانها أكثر مما تفعله الصين والهند والاميركيتين واوربا وافريقيا مجتمعة يوميا .فاصل وراجعين