لم ينم تلك الليلة فالخروف الذي جلبه كأنه يشعر انها ليلته الاخيرة، ملأ الارض ضجيجاً وصياحا، كان ينتظر الصباح بفارغ الصبر، وما ان فرغ من صلاة العيد حتى امسك الخروف من تلابيبه وذهب به الى القصاب، هذه الاضحية السابعة، لقد ضحيت عنهم جميعاً، ونذرت نذوراً كثيرة، هم هناك هاجروا الى اوربا، وانا هنا اقتل الخراف، وساستمر، هناك لاتوجد عمليات خطف او اغتصاب او قتل، ولكنني وجدت انها طريقة رائعة، ولذا ساتمسك بها، امرأة تمسك خروفاً بالقرب منه، انا نازحة من تلعفر، لي خمس بنات، كلهن خرجن من تلعفر عذارى، ولذا نذرت باني ساذبح لكل واحدة خروفاً او نعجة يقولون الانثى للانثى والذكر للذكر.
لم يغتصبهن احد، صحيح ان زوجي مات هناك ، لكني سلمت معهن، كانت الخراف تنتظر دورها، وتحدق في عيون المارة، صمت رهيب يلف المكان، ومنظر الدماء جعلها مجزرة حقيقية، هذا الكائن الذي وقع عليه وزر كبير، منذ اسماعيل وحتى الآن، لم يكن مذنبا في شيء سوى انه كان مكملاً للاختبار الذي اجراه الله لابراهيم، الحمد لله انهم لم يغتصبوا فتياتي، وهذا يتطلب الشكر، لتذهب الاموال والبيوت، الشرف يبقى هو سيد الموقف، وانتم اهل بغداد، عليكم ان تضحوا عن انفسكم وبسرعة، قبل فوات الاوان، فهم في الانبار، ولاتعلمون متى يدخلون العاصمة.
لقد اختارت اختي مدينة العمارة ونزحت اليها، قالت ان بغداد قريبة عليهم، وهي ايضا صاحبة بنات، لا ادري لمن سوزع اللحم، نحن اكثر حاجة من اي واحد سنعطيه، ولكن الشارع يقول تقسم الاضحية ثلاثة اقسام ونحن لانستطيع ان نخالف، علينا ان نفعل وبسرعة، اصدقني القول ، هل ستقوم بدفن عضام الاضحية؟، لا اعتقد فلا احد يفعل هذا، وحشر مع الناس عيد وهانحن في العيد ايامكم سعيدة، وانشاء الله السنة المقبلة انتم في بيوتكم، هذا الامر صار حلماً، لا اعتقد انه ممكن التحقيق، السنوات تمر ونحن بدأنا ننسى لهجتنا، لقد اندمجنا هنا في هذه المدينة وبالامس تقدم احدهم لخطبة احدى بناتي، لا اعتقد ان هناك عودة الى مدينتنا ، اصبح كل شيء من الماضي.
كان يسحبه بقوة فاعترضت طريقه، بهدوء ارجوك ، فهذا حيوان مسكين، اي هدوء، بعد لحظات ستفعل السكين به الافاعيل، الله انقذ اولادي من كارثة كبيرة، لقد حاصرهم الدواعش في بيجي، لكن ربك كريم، وها انذا ابدأ بالتضحية عنهم، فانا متأكد انهم سيتعرضون لذات الموقف في الايام المقبلة، فهم يعملون هناك، كان
يعامله باحترام كبير، وكأنه ابنه، هذه اضحيته الخامسة، يقولون يجب ان اكمل سبع اضحيات، ابني الطبيب الشاب الذي غادر بظروف غامضة جدا، كان يتوسل القصاب ، ( على كيفك وليدي، هذه اضحية الغالي، الذي تعبت عليه كثيرا)، وكنت ارفع رأسي به عالياً، غادرني وانا الآن بامس الحاجة اليه.
هل هذه اضحية؟ كلا انه نذر، نذرته لوجه الله، فقد نجوت من موت محقق، وكان الموت قريباً، صدقني لقد اقترضت ثمنها، ولكن ماذا افعل، اخشى من القادم كثيرا، حين انفجرت السيارة لم اكن بعيداً عنها، من كان خلفي مات، ومن كان امامي مات، الا انا، سلمت وها انذا مامك، فكر ملياً بقول الرجل، نحن في العراق نقتل الخراف بكثرة، هل اولادي يحتاجون الى الاضحيات هناك في اوربا، او يحتاجون الى النذور، لا اعتقد فهم يعيشون بهدوء كبير، لاحرب ولامفخخات، وهناك الخدمات الصحية المجانية، الفقر بعيد عنهم، والاوبئة كذلك، لماذا اتعب نفسي، وازهق روح هذا المسكين، ساعود به الى الدار، واقدم له العلف والماء، واعامله كواحد من اولادي.