23 ديسمبر، 2024 2:14 م

{إستذكارا لدماء الشهداء التي ستظل تنزف الى يوم القيامة، من أجساد طرية في اللحود، تفخر بها أرواح خالدة في جنات النعيم، أنشر موسوعة “دماء لن تجف” في حلقات متتابعة، تؤرخ لسيرة مجموعة الابطال الذين واجهوا الطاغية المقبور صدام حسين، ونالوا في معتقلاته، خير الحسنيين.. الشهادة بين يدي الله، على أمل ضمها بين دفتي كتاب، في قابل الايام.. إن شاء الله}
عاش التربوي يوسف محسن اسعد، ثلاثة وثلاثين عاما، بشهادته..دبلوم تربية وعلم نفس، منذ ولد سنة 1957، من جيل الخمسينيات الذي أباده الطاغية المقبور صدام حسين.. سحقه بآفتين إثنتين، هما محوري: معتقلات السياسة وحربه ضد ايران.
مات من إنساق الى الحرب، مثلما إستشهد من رفض الانسياق، ولم يبقَ من مواليد الخمسينيات “ولا نفاخ النار” الا ما رحم ربي، وعاش بالصدفة، فالتا من عيون شبكة عزرائيل المحدقة بالعراقيين، باكية!
 
إستخذاء
إستشهد في العام 1990، بعد مقاومة رجولية عنيفة.. يتشرف بها اي عراقي، من يوسف للإنضباط العسكري، الذي عجز عنه! مستعينا بمدد من قوات الطوارئ التابعة لجهاز الامن الخاص.. إنه رجل يشكل قوة متكاملة أبلغ تأثيرا بقياسات الرجولة من هشاشة أزلام أمن غير مؤمنين بظلمهم أتباعا للطاغية يستزلمهم فيخنعون إستخذاءً بين يدي شيطان رجيم.
 
معلم
يوسف من أهالي ديالى.. يعمل معلما، في المدارس الابتدائية.. متزوج وله عائلة يحبها متمنيا العيش في ظلها.. يحميها من تقلبات الظروف الهوجاء التي أحدقت بالشعب العراقي؛ جراء تخبطات الطاغية…
يحبه تلاميذه، مثلما يحبه أهالي محلته، شخصية وجيهة، عندما سيق للخدمة الإلزامية، كأن جزءا ملتصقا، “إنشلع” من بين أضلاع معارفه؛ خوفا على جوهرة الشجاعة والحكمة ان تستحيل حجارة، تحت ضغط العسكرية الحمقاء، وهي تقاتل من دون هدف، ليس سوى بثر النهاية الظلماء ينزلقون فيها بحدة خرافية.
إعتقل جراء الهروب من الجيش، معترضا على المشاركة، في حرب لا معنى لها، سوى تعطيل الجارة ايران عن دورها الدولي في نشر الاسلام الحنيف!
 
إلتهام الرصاص
لم يهن أمام القوة التي داهمت منزله، إنما إستشهد بطريقة تسامى خلالها الى جنان النعيم، أثناء مواجهات مسلحة، أقدم عليها وهو يستقبل بنادق الانضباط، والأمن الخاص، فيما بعد.. ملتهما الرصاص إلتهاما.
إنه من نوع “المضغته البارود.. مفطوم إعلة سركيها” لذا لم يهرب خوفا؛ إنما لعدم قناعة، بدليل جرأته الجسور في مقاتلة أزلام الديكتاتور.. قاتلهم حتى قتل شهيدا..
مات ولم تنتهِ قصته؛ إذ أدامت أجهزة القمع الصدامية، مضايقة عائلته؛ وهو في القبر، لظى بعثيا مستمرا الى ان إنهارت دولة الجور والظلم والقهر.