23 ديسمبر، 2024 7:31 ص

أُوسكَارُ شِنْدِلَرْ رَجُلٌ تَوَسَّمَ بِوِسَامِ اَلنَّازِيَّةِ ، بَدَأَ نَازِيًّا وَانْتَهَى بِهِ اَلْمَطَافُ إِنْسَانًا ، بَكَى فِي نِهَايَةِ رِحْلَتِهِ اَلْإِنْسَانِيَّةِ لِأَنَّهُ نَسِيَ أَنْ يُقَايِضَ شِعَارُ اَلنَّازِيَّةِ اَلذَّهَبِيِّ – اَلَّذِي كَانَ يَفْخَرُ بِهِ – مُقَابِلَ يَهُودِيٍّ آخَرَ وَيُضِيفهُ إِلَى قَائِمَةِ شِنْدِلَرْ أَوْ اَلْ ( 1800 ) يَهُودِيٍّ اَلَّذِينَ أَنْقَذَهُمْ مِنْ ( اَلْهُولُوكُوسْت أَوْ اَلْمَحْرَقَةِ اَلْجَمَاعِيَّةِ ) وَاَلَّذِينَ اِشْتَرَاهُمْ بِأَمْوَالِ طَائِلَةٍ ، وَرَغْمُ أَنَّنَا لَانْمِيلْ قَطْعًا لِمَا يُسَمَّى بِدَوْلَةِ إِسْرَائِيلَ اَلْيَهُودِيَّةِ لِاحْتِلَالِهَا أَرَاضٍ عَرَبِيَّةٍ إِلَّا أَنَّنَا نَبْقَى إِنْسَانِيُّونَ وَهَذَا مَايفَرَضَهْ عَلَيْنَا دِينُنَا اَلْإِسْلَامِيُّ . وَالْمُتَفَحِّصَ لِهَذَا اَلْعَمَلِ اَلْإِنْسَانِيِّ وَمَا اِنْطَوَى عَلَيْهِ فِعْلُهُ ، يَجِدَ أَنَّ بَذْرَةَ اَلْإِنْسَانِيَّةِ بَقِيَتْ مُتَأَصِّلَةً بِأُوسكَارٍ وَنَمَتْ وَعَوَامِلُ نُمُوّهَا وَتَغْذِيَةِ جُذُورِهَا ، كَانَتْ اَلْأَحْدَاثُ اَلدَّامِيَةُ اَلَّتِي اِفْتَعَلَهَا حِزْبُهُ اَلنَّازِيُّ ضِدَّ بَعْضِ اَلْعُرُوقِ اَلْبَشَرِيَّةِ وَاَلَّتِي رَفَضَتْهَا رُوحهُ وَأَبَتْ نَفْسُهُ قَبُولُهَا فَكَانَتْ نَتِيجَةُ هَذَا اَلرَّفْضِ هُوَ اَلْخُلُودُ بِسِجِلِّ اَلْخَالِدِينَ بِصِفَتِهِ مُنْقِذًا . أَلَيْسَتْ هَذِهِ اَلْبَذْرَةِ مُتَوَاجِدَةً بِنَفْسِ كُلِّ مِنَّا . أَوَلَيْسَ اَلْأَجْدَرَ بِنَا سَقْيُ جُذُورِ هَذِهِ اَلْبَذْرَةِ وَجَعْلِهَا تَرْبُو صَرْحًا عَظِيمًا يَطْغَى هَذَا اَلصَّرْحِ عَلَى تَصَرُّفَاتِنَا وَنَكُون مُنْقِذِينَ حَتَّى وَإِنْ كَانَ عَمَلاً مُتَوَاضِعًا وَيَكُونُ كُلٌّ وَاحِدًا مِنَّا شِنْدِلَرْ ، لَيْسَ مُهِمًّا أَنْ تَتَحَدَّثَ عَنَّا اَلْأَجْيَالِ اَلْقَادِمَةِ وَلَيْسَ مُهِمًّا أَنْ يُذْكَرَ اِسْمُكَ كَمُنْقِذٍ لِلْبَشَرِيَّةِ لَكِنَّ اَلْمُهِمَّ هُوَ رِضَا اَللَّهِ وَرِضَاهُ لَايتَحَقِّقْ بِأَنْ نَتَغَاضَى عَنْ اَلْفُقَرَاءِ وَالْمَعُوزِينَ مِمَّنْ هُمْ حَوْلُنَا اَلْمُهِمَّ أَنَّ لَانْقَايْضْ مَطْلَبُ اَلْآخَرِينَ بِمَطْلَبٍ دَنِيءٍ وَنُحَقِّقُ بِهِ مَأْرِبْ اَلنَّفْسُ اَلدَّنِيئَةُ ، اَلْمُهِمَّ أَنْ نُكَفْكِفَ دُمُوعُ اَلْيَتَامَى وَنَحْنُو عَلَى اَلْأُمَّهَاتِ اَلثَّكَالَى وَنُوَاسِي اَلْمَفْجُوعَ وَنُعِيدُ اَلْمَرِيضَ . اَلْكُلَّ إِخْوَتِي بِحَاجَةِ اَلْكُلَّ ، وِلَايْمِكْنْ أَنْ يَعِيشَ اَلْإِنْسَانُ بِمَعْزِلِ عَنْ أَخِيهِ اَلْإِنْسَانِ فَنَحْنُ نُكْمِلُ بَعْضُنَا اَلْبَعْضُ وَمِيزَانِ اَلْعَبْدِ عِنْدَ رَبِّهِ لَيْسَتْ سَيَّارَتُهُ وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَنْ تَدْخُلَ مُومِسًا اَلنَّارِ فَجُلّهُنَّ أَصْحَاب سَيَّارَاتٍ فَارِهَةٍ . مِيزَانُ اَلْعَبْدِ عَنْ رَبِّهِ لَيْسَ بِلَوْنِ عَيْنَيْهِ اَلْخَضْرَاوِيتِينْ وَشِعْرُهُ اَلْبُنِّيُّ فَسَيِّدُنَا بِلَالْ اِسْوَدَّ حَبَشِي وَهُوَ تَاجٌ يَتَمَنَّى كُلٌّ مِنْ أَنْ يُوضَعَ عَلَى رَأْسِهِ ، وَقَدْ بَشَّرَهُ رَبُّهُ بِالْجَنَّةِ عَنْ لِسَانِ نَبِيِّهِ اَلْكَرِيمِ ، وَأَبًا لَهَبُ اَصْهَبْ قُرَيْشِي وَقَدْ بَشَّرَ بِالنَّارِ . لَايْغِرْكْ يَا بُنَيَّ آدَمْ سَيَّارَتَكَ وَأَمْوَالَكَ فَأَنْتَ سَتَذْهَبُ وَحْدكَ لِمُلَاقَاةِ خَالِقِكَ . وَسَتَسْأَلُ وَسَيَّارَتكَ وَأَمْوَالِكَ وَأَبْنَاءَكَ لَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ ، فَأَنْتَ أَوَّلاً وَأَخِيرًا صِفْرًا وَلَاتَظْنْ بِنَفْسِكَ أَنَّكَ أَكْثَرُ قِيمَةٍ مِنْ اَلصِّفْرِ وَهَذَا دَيْدَنُ اَلْحَيَاةِ وَلَّدَتْ حَاسِي اَلرَّأْسَ وَسَتَذْهَبُ هَكَذَا وَوُلِدَتْ لَاشَيْءً يَسْتُرُ عَوْرَتَكَ وَسَتُغَادِرُ هَكَذَا وَأَنْتَ تَصَوُّرِ هَذَا اَلْمَوْقِفِ فَقَطْ كَيْفَ أَنَّكَ سَتُغَادِرُ وَأَنْتَ عَاجِزٌ تَمَامًا عَنْ تَغْطِيَةِ عَوْرَتِكَ وَأَنْتَ تَفَهُّمِ جَيِّدًا بَانَ قِيمَتَكَ اَلْحَقِيقِيَّةَ هِيَ صِفْرٌ فِي قَامُوسِ اَلْحَيَاةِ ، وَإِذَا أَرَدْتُ أَنْ تَضَعَ رَقْمًا أَمَامَ هَذَا اَلصِّفْرِ فَكُنْ إِنْسَانًا لِأُغَيِّرَ . وَرَغْمُ أَنَّ اَلرَّقْمَ اَلَّذِي جَعَلَتْهُ بِجَانِبِ اَلصِّفْرِ لَنْ يُنَجِّيكَ مَنَّ ذَهَابُكَ عَرَّيَانَا عَاجِزًا مَسْلُوب اَلْإِرَادَةِ ، لَكِنَّ أَثَرَهُ هُوَ تَرْحَمُ اَلنَّاسَ عَلَيْكَ وَرِضَاهُ تَعَالَى عَنْكَ . دُمْتُمْ بِخَيْر .