18 ديسمبر، 2024 9:57 م

ينقضون المواثيق ولا يوفون بالعهود

ينقضون المواثيق ولا يوفون بالعهود

لقد بات من العسير أن تفرق بين من هو الصادق في توجهاته ونواياه، وبين من هو المرائي والمتلبس من ذوي الأقنعة التي تغطي وجوههم والتي عادت هي الحالة السائدة للكثير من المسؤولين و الدستور العراقي حدد قسم المنصب بالتالي “أقسم بالله العلي العظيم أن أؤدي مهماتي ومسؤولياتي القانونية بتفان وإخلاص وأن أحافظ على استقلال العراق وسيادته، وأرعى مصالح شعبه وأسهر على سلامة أرضه وسمائه ومياهه وثرواته ونظامه الديمقراطي الاتحادي، وأن أعمل على صيانة الحريات العامة والخاصة واستقلال القضاء، وألتزم بتطبيق التشريعات بأمانة وحياد، والله على ما أقول شهيد “لقد عاد العراقي، سيما المواطن البسيط في حيرة من أمره في فك هذا الاشتباك وما تتسم به الحالة السياسية من التباس وعدم الوضوح لان العملية السياسية في العراق اليوم تقبع أمام متناقضات خطيرة، بينما كان من المتوقع ان يعيش بحالة بحبوحة من الأمن التي جاءت بفضل تضحيات الشرفاء من الشهداء والجرحى، ومن وقفة أبطال مختلف صنوف قواتنا المسلحة من جيش وشرطة ومكافحة الارهاب ورجال الحشد الشعبي وكان يجب ان تكون هناك مواقف مشرفة للساسة في العراق تجاه هذه التضحيات، وعدم نسيان افضالهم والتي كانت السبب في عودة العراق لموقعه الريادي في المنطقة، يينما نرى ان المشتركين في العملية السياسية ينزلقون من منزلق الى منزلق بافعال يندى لها الجبين في خيانة الامانة التي وصلتهم لهذه المسؤولية متناسين ان الوفاء بالعهود وّ احترام المواثيق والذي يقول الكتاب الحكيم عنهم ( فبِما نقْضِهِم مِيثَاقَهمْ لَعناهمْ وجَعلْنا قُلُوبَهمْ قَاسِية يحَرفُون الْكَلِم عن مواضِعِهِ ونسُواْ حَظا مِما ذُكِرُواْ بِهِ ولاَ تزالُ تطَلِعُ علَىَ خَآئِنة مِنهمْ إلاَ قَلِيلا ( المائدة : 13 ان الالتزام بالمواثيق من الشروط الضرورية للاستقرار الاجتماعية واستقامة الحياة وتدل على إحترام الدستور والقوانين والشعب من قبلهم ، وخيانته يعد إنعطافة خطيرة تؤثر بشكل سلبي على الحياة السياسية برمتها ، ويبدو إننا نسير بإتجاه ميول ورغبات الأحزاب وقادتها وليس الدستور،، بعد فقدان تلك الثقة المتبادلة التي تعتبر ركن أساس لهذه الحياة، ولا تتحقّق هذه الثقة المتبادلة إلا بالوفاء بالعهود، والاحترام المتقابل للعهود المقطوعة ، ولهذا، أمر الله سبحانه وتعالى بلزوم الوفاء بالعهد، وقال: «وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُول» (الإسراء: 34). ويقول عن صفات المؤمنين: «وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ» (المؤمنون: 8). وتبلغ أهميّة ذلك، أنّ القرآن كما يمدح الموفين بالعهد، ويقول: «الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَلا يَنقُضُونَ المِيثَاقَ» (الرعد: 20)، يذمّ في المقابل الناقضين للعهود، ويقول عنهم: «وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ» (الرعد: 25). بل يشبّه الناقض للعهد بالمرأة الناقضة لغزلها، بعد أن تعبت على صنعه، إشارة إلى ما يتركه نقض العهد من اختلال في الحياة الاجتماعية، فيقول: «وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلا تَنقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ * وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثاً» (النحل: 91 92)

تعد خيانة الأمانة من الجرائم المخلة بالشرف وتتشابه جريمة خيانة الأمانة مع جرائم السرقة وجريمة الاحتيال وجريمة اغتصاب الأموال وجريمة اختلاس الأموال العامة التي تلطخت ايدي الكثيرين بها من خلال مكاتب الوزراء ومدراء المكاتب في الوقت الحالي الذين لهم الباع الاطول في الفساد وهو اغلى من مكتب الوزير نفسه لان الكمشنات والمزايدات تنطلق منها وعلى مدى السنوات السبع عشرة الماضية وتعد جريمة الافلات من إرجاع الاموال المنهوبة معدة مسبقاً بكل بساطة بعد هروبهم خارج العراق إلى جانب الضرر العام الذي يصيب المجتمع الذي تترتب على ارتكاب جريمة خيانة الأمانة فقد يترتب عليها ضرر خاص يصيب المجني عليه أو غيره وهذا الضرر الخاص هو سبب تحريك الدعوى المدنية وغالبا ما يترتب على الجريمة ضرر يصيب المال المؤتمن فلابد من اللجوء إلى وسيلة معينة لإصلاح هذا الضرر.

الخيانة تنشأ من خيانة العلاقة بين طرفين في الحياة لتشمل العلاقات الاجتماعية وحالة من الحالات الشاذة المعوقة والمدمرة للتواصل الإنساني، عُرفت منذ بداية الخليقة وكانت من أهم أسباب الحروب والصراعات القبلية وتهديم الدول. والخونة أفراد يخرجون على شعوبهم ويتعاونون سِرًّا مع اي جهة تحمي مصالحهم ويصبحون عملاء لهم لقاء مال أو جاه أو منصب،. هؤلاء لا ينظرون الى اذنابهم بعين من الاحترام والتقدير بل ينظر إليهم بعين من الاستهجان والاستخفاف وبسوء الأخلاق والانحطاط ومجرد ادوات يعملون لصالحهم ويأتمرون بأوامرهم.ودائما ما تكون نهايتهم مفجعة و يبررون خيانتهم وقد يتحولون إلى جبهتهم الأخرى( أوْلَـئِكَ الَذِين لَعنهم الله ومن يلْعنِ الله فلَن تجِدَ لَه نصِيرا ( النساء : 52 ).. و يتعايشون مع تلك القوى معملاء وذيول دون ضمير ويحركونهم مثل ادوات الشطرنج بعد تحطيم القيم الأصلية والاستهان بها. ان خيانة الأوطان جريمة كبرى لا تُغتفر.. فحب الوطن فـرض.. والدفاع عنه شرف وغاية.. ولا يوجد أمريء يحب وطنه ولا يهب للدفاع عنه في أوقات الشدة والتصدي للأعداء ودحر الغزاة والطامعين والدفاع عن الأرض و الشرف، وتسجيل البطولات الخالدة والوقوف في وجه من يطمعون في خيرات الوطن وسرقة ثرواته، بأحرف من نور في صفحات التاريخ والخلود، تتذكره الأجيال جيلاً بعد جيل، ليغدو مثلهم الأعلى في التضحية ونكران الذات بملاحم خالدة في النضال في سبيل إعلاء شان الوطن واستقلاله دون أن يرضى بديلاً عن ذلك.