23 ديسمبر، 2024 5:09 م

 يكده ابو كلاش وياكله ابو جزمة…..!؟

 يكده ابو كلاش وياكله ابو جزمة…..!؟

وضع عامل المقهى كوب الشاي وعينه مسمرة على شاشة التلفزيون ، يشاهد مقابلة لاحد اعضاء البرلمان وهو يكيل سيل من اتهامات وسباب وشتائم لزملائه ونعتهم باللصوصية ويخرج نفسه من الفرمة كالعادة معتقدا ان الشعب العراقي لا يفهم ما يدور بأروقة البرلمان والحكومة والسيناريوهات المفبركة للنهب وتحقيق الامتيازات الشخصية والبعيدة كل البعد عن خدمة الشعب…..!!
 صحت بعامل المقهى منبها :
–  ” احذر لا تسكب الشاي فوق ملابسي..!!؟:   انتبه عامل المقهى للموقف  واعتذر وسمعته يهمهم:
–  “يكده ابو كلاش وياكله ابو جزمة..!”
 فضحكت ومن سمعه لان ما قاله نابع عن الم كامن في نفس هذا الشاب ، البسيط بعمله والكبير والمثقف بشهادته لكونه يحمل شهادة البكالوريوس بعلم التاريخ ولعدم شموله بالتعيين فرضت عليه الظروف العمل في تلك المقهى، وهذه الشريحة من الشباب التي يتصورها السياسيين في العراق بانها فاقدة للتبصر و البصيرة ويظهر هذا التصور بوضوح في تصرفاتهم الهوجاء الغير مسؤولة المغمسة بالعنجهية واللامبالاة وبعملية مدروسة للنهب والسلب بافتراض راسخ بان هذا المال سائب و ليس وراءه مطالب و يبدو ان هذا المثل العراقي التراثي و الذي سمعته عن ابي وعن جدي ومن افواه العقلاء من ابناء مدينتي ,يطلق في حالات الاستغلال الاستثنائية و الشديدة جدا….!!؟
بالطبع كان معظم رواد هذه المقهى هم من المتقاعدين وان تلك الشريحة هي ضحية اخرى من ضحايا التغيير والتي اصبحت بعوزها المادي مضربا  للأمثال بمناسبة او بدون مناسبة لما عانوه من ظلم وتعسف واهمال من قبل ابطال التغيير السياسي المشؤوم الذي اصبح من اكبر الكوارث التي مر بها العراق، فكل متقاعد قد ادى واجبه اتجاه بلده و افنى عمره واجمل سنين شبابه في خدمة هذا الوطن وفي النهاية اقصي من وظيفته بالقسر بأيادي ابطال ورجالات الديمقراطية والتغيير براتب تقاعدي لا يكفي اعالته منفردا لمدة اسبوع واحد..!!؟ وكأن كلمات هذا العامل صارت مفتاحا سحريا لجدال دام ساعات ….!!
قال ابو علي ، و هو مدير عام متقاعد وينث غضب وحنق على هذا الوضع البائس وشخوصه:
 
– ” صدقت يا اخي فالشعب يكد وهم ينهبون، يعتقدون ان قوت الشعب هو مال مشاع توارثوه عن اجدادهم..!؟”
هز الحاضرون رؤوسهم بالموافقة على ما قاله ابا علي .
اضاف ابو منتظر الجالس بجواري وهو مدرس متقاعد منذ خمس سنوات وهشاهد عيان حي عن العهود السابقة التي مرت في العراق من الخمسينات ومرورا بالستينات والسبعينات اي شهد حتى العهد الملكي:
–         “لماذا لا يتعظ السياسي العراقي ويحترم شعبه جيدا…..! والله الشعب العراقي شعب واع ويستحق كل الاحترام ، لا يضيع حقه وسوف يحاسب كل من ظلمه بدقه….!؟ الا نتذكر ما فعل الشعب بنوري سعيد والملك فيصل الثاني و ومحكمة المهداوي عند اندلاع ثورة الرابع عشر من تموز عام 1958 ..!؟؟”
قاطعه الاستاذ شامل وهو مهندس سيتقاعد في نهاية هذا العام قائلا:
“كنا صغارا لكننا نعي ذلك واتذكر ان الشعب اقتص من الظلمة اشد القصاص العادل وهو السحل في شوارع بغداد لجثث حكامه الظلمة بالرغم من ان ظلمهم لا يقاس بما نراه من ظلم الان ..!؟….فهؤلاء احتقروا الشعب العراقي ويبدو انهم استضعفوه الى درجة ان البعض منهم شكل مليشيات وعصابات من القتلة والمجرمين لقتل ابناء الشعب بشكل يومي ولقد استباحوا الدم العراقي والمال العام وبدأ الكل يهبش ويرحل الاموال الى دولته الغربية التي جاء منها ليخدم تحت جنسيتها الشعب العراقي ،طبعا ، باخلاص ووطنية…..!!؟؟…..يا لها من وطنية…..لهم يوم اسود سيأتي انشاء الله عن قريب ،ان الشعب يكد وهم ينهبون..!!”
بالطبع كان الجميع يصغي الى حديث الاستاذ شامل بانتباه وهدوء حتى انك لا تسمع اية صوت او حركة سوى صوته الجهوري المتحمس حتى انتهى من كلامه تحت نظرات الاعجاب والتايد لكلامه الواقعي والذي ذكرنا بقوة الشعب العراقي و جبروته مع الطغاة واستمر الحديث والجدل حول نضال الشعب العراقي وكل من الحاضرين يستشهد بواقعة او حكاية حتي  حانت الساعة العاشرة مساءا وهو موعد نشرة الاخبار والتي سيظهر فيها نضال سياسينا الابطال واخبارهم المخزية وتصريحاتهم التي يندى لها الجبين من التهديد والوعيد وكيل الاتهامات واعلان ملفات السرقات والنهب والسلب التي يذخرها بعضهم للبعض ولا شيء غير ذلك ، ونحن لا نزال في  جدالنا هذا انقطع التيار الكهربائي وهو خير شاهد لجدية العمل والاخلاص لممثلي الشعب العراقي وخدماتهم الجليلة والرصينة للوطن ….!!…وقلت في نفسي وانا اودع زملائي :
سيبقى  الشعب العراقي يعمل ويتعب، وينهب تعبه السياسيون…..!؟