23 ديسمبر، 2024 6:13 ص

د.نبيل جاسم..هل يعيد المصداقية والحيادية لشبكة الاعلام العراقي؟؟

د.نبيل جاسم..هل يعيد المصداقية والحيادية لشبكة الاعلام العراقي؟؟

كان إختيار رئيس الوزراء السيد مصطفى الكاظمي، للدكتور نبيل جاسم ، رئيسا لشبكة الإعلام العراقي ، خطوة متقدمة في الإتجاه الصحيح ، بعد إن وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، لاعادة الإعتبار لتلك المؤسسة الإعلامية الثقافية الواسعة الإمكانات، ووضع أولى لبنات بناء إستقلالية هذه الشبكة ، وان تلتزم بالحيادية والمهنية وبمعايير حرية التعبير لكل مكونات الشعب العراقي، ووفقا لمباديء الدستور، الطابع الذي يحكم مختلف توجهاتها وأنماط مضامينها وبرامجها وقنواتها وصحفها ، لتكون هي المقدمة لإرساء معالم مؤسسة إعلامية تمتلك من قنوات الاتصال الجماهيري واسعة المدى ما يؤهلها لأن تحظى بمقبولية ، من جميع المكونات العراقية واطيافهم السياسية والدينية والمذهبية ، وترتقي فوق كل الميول والإتجاهات المتحزبة والمتفردة ، بعد أن وجهت لها انتقادات كثيرة في سنوات مضت، من جهات عراقية إعلامية ونخب ثقافية ، في أنها شبكة منغلقة على نفسها، وقد عرضت سمعة شبكة الاعلام العراقي الى إنتكاسات، لم تكن لها مبرر بأي حال من الأحوال!!

لقد تحولت شبكة الاعلام العراقي وقناة العراقية الرسمية وحتى صحيفة الصباح الرسمية ، في سنوات خلت، وهي قنوات تعبر عن وجهة نظر الدولة، الى” بوق ” للحاكم ولسلطة رئيس الوزراء ، أيا كان، وكانت تردد أحاديثه وانشطته وما تريد ترويجه من توجهات طائفية ودينية ، لتحتل ما نسبته 80 – 90 % من مجموع برامج وتوجهات هذه الشبكة وانشطتها، وكأنها تمارس “دكتاتورية ” جديدة لاتختلف عن كل ممارسات الدكتاتوريات المتعارف عليها، إن لم تزد أو لنقل تتفوق عليها كثيرا في إشاعة أجواء الطائفية وهيمنة الطائفة وسطوتها على مقدرات الشعب العراقي ، وكأن الطوائف والاقليات الاخرى ليس لها مكان في إهتمامات هذه الشبكة، في برامجها وأنشطتها ، ولا حتى في كواردها التي انغلقت طائفيا على نفسها وحاربت كل توجه وطني مستقل، وخلقت طوقا من العزلة لقطاعات مجتمعية كبيرة وجدت نفسها خارج إهتمامها، بل عدت تلك القطاعات والمكونات وكأنها من الدرجة العاشرة في أكثر تقدير، وقد كتبت شخصيا، قبل سنوات ، ملاحظات مهمة عن مضامين وتوجهات قناة العراقية الفضائية ، ضمن إسلوب تحليل المضمون ، ضمنتها كثيرا من تلك النقاط، لكن توجهاتها تحسنت بعض الشيء ،قبل فترة قليلة من الزمن، وراحت تنفتح على طيفها العراقي الأوسع، بعض الشيء، وخرجت من دائرة الهيمنة وفرض الرؤى والتوجهات، لأن يكون لها مكان من الاهتمام لدى قطاعات عراقية واسعة ، يفترض أن تجد فيها ما يعبر عن آمالها واحزانها ورغباتها ومطامحها المشروعة في أنها تجد نفسها ممثلة في مؤسسة تدعي أنها عراقية، ذات توجه إعلامي ثقافي توعوي، وعلنا نجد في المستقبل القريب ما يوسع من دائرة اهتماماتها الوطنية العراقية، لتشمل كل العراقيين من كل الاطياف بمضامين أكثر واقعية، وتحتضن كل النخب والكفاءات العراقية ليكون لها تمثيل حقيقي، يوازي تلك المكانة ، وتبدو وكأنها مستقلة وجامعة حقا للجميع ، وتنهل من أسس الحيادية والشفافية والمهنية والمصداقية والمهنية، ما يجعل مقبوليتها تجد صدى واسعا لدى كل العراقيين!!

ومن طبيعة معايشتنا لتوجهات الدكتور نبيل جاسم في كل برامجه الحوارية وكفاءة الرجل المجربة في المجال الاعلامي والدعائي، أننا وجد تلك الكفاءة المشهود لها بالخبرة والمهنية العالية ، أنها تميل الى تلك الأسس الإعتبارية والقيمية ، ومنها الإستقلالية والحيادية والمصداقية في التوجهات، وهو ما ينطبق وتوجهات تلك المؤسسة الاعلامية العراقية التي يطلق عليها شبكة الاعلام العراقي، التي عاشت ، كما يبدو، في كنف الصراعات السياسية وتناقضات تلك التوجهات وأجواء الهيمنة على مقدراتها، وها هي اليوم تحت قيادتها المنفتحة المتسامحة المحايدة الكفوءة المستقلة ، ما يمكن أن يؤسس لشبكة اعلامية وثقافية عراقية، تكون ممثلة لكل الاطياف العراقية ، بلا تمييز او عنصرية او حشر نفسها بتوجهات طائفية ودينية ، أشعرت الكثيرين بأنها كانت تدافع عن توجهات قوى سياسية بعينها، وتقف حتى مع جماعات تحمل السلاح ، وكانت هي من تهيمن على مقدراتها وتفرض رؤيتها عليها، وليس بمقدور كل من يأتي الا أن يخضع لغطرستها، وما تفرضه سطوة المال والسلاح والتفوق السياسي المتقوقع على نفسه وعلى طائفته، دون مراعاة لحق العراقيين جميعا في أن يجدوا فيها أنها هي صوتهم والمعبر عما يدور في خلجاتهم ، مما يريدون إعلانه على الرأي العام ، وان تحظى محافظاتهم وقدراتهم ونخبهم بالاهتمام من قبل شبكة الاعلام العراقي، المؤسسة التي بقيت حكرا على جماعات معينة ولسنوات طوال!!

وبالرغم من أننا لانعلق آمالا كبيرة على شبكة الاعلام العراقي في أن تنهض بمسؤولياتها كمؤسسة أعلامية عراقية رسمية، ليس لأن الدكتور نبيل جاسم، غير قادر على اعادة الاعتبار لها، ولكن لأن الضغوط التي تمارس عليه من جهات مختلفة وتناقضات المتحكمين بها، تجعل من المتعذر تطبيق تلك المباديء وهي الاستقلالية والحيادية والمصداقية والمهنية ، على شبكة الاعلام العراقي ، المنقادة للدولة تماما ولسطوة الحاكم ، وليس للشعب بقواه وقياداته وفئاته ومكوناته وأطيافه الأصيلة ، لكننا يحدونا الأمل في ان نجد الصوت والصدى الشعبي العراقي حاضرا ومعبرا عن توجهاته وآماله من خلالها ، وفي أن يحظى بالقبول الواقعي من الآخر، لا أن ينظر اليه الآخر ـ “بعين العطف”، وكأنها ” منة ” يتصدق بها على الآخرين، الذين يعدهم ” أتباعا” وهو ” السيد ” الذي لاينازعه أحد على تلك المكانة، وهو ما نأمله من الدكتور نبيل جاسم الرجل المهني المحترف والمستقل والشجاع والذي لاتأخذه في الحق لومة لائم، ودائما ماكان الصوت المعبر عن ” الضمير الغائب” لكل عراقي ، لايكون بمقدوره أن يعبر عن وجهة نظره، أو ايصال مايريد من رؤى وتوجهات مشروعة ووفقا للقانون والدستور ، واختيار الرجل لهذه المهمة الصعبة والمعقدة ، وهو يعيش وسط حيتان كاسرة تريد ان تبتلعه، كان أفضل إختيار للسيد مصطفى الكاظمي، وهو ، أي الكاظمي، يدرك أن تلك الشبكة كانت ” مختطفة” إن صح التعبير، وهو يريد الآن أن تعود ملكا لكل العراقيين أو على الأقل لقطاعات عراقية كثيرة ، تريد أن يكون لها حضور مميز بين أنشطتها.. وأمنياتنا بالتوفيق للدكتور نبيل جاسم، وهو أهل لتلك المهمة الكبيرة ، بكل تأكيد !!