22 ديسمبر، 2024 11:57 م

يغبطونه على يتمه..

يغبطونه على يتمه..

عنوان إخترته ليس بقصد الاثارة ، ولا هو عنوان لقصة من نسج الخيال .. إذ ليس هناك من يغبط أحدا ، أويحسده على فقد أبيه ، أو أمه ، أو على معاناة اليتم القاسية.. بل وجدته مناسبا لهذه القصة الواقعية عسى أن نعتبر بها جميعا …
أطفال يغبطون طفلا من أعمارهم ، حرمته ظروف قاهرة من أن يمارس اللعب معهم في العيد ، بعد أن فقد أباه فعاش يتيما محروما من عطف الاب ، وحنان الام التي تزوجت وتركته ، واستحوذوا على ماله ، فأخذ الفقر مأخذه الكبير في جسده الغض ، وقلبه الرقيق ، ومشاعره الحالمة.. فكان حزينا في يوم سمته الفرح ، ورث الثياب في وقت كان الاطفال يمرحون بملابسهم الجميلة الجديدة ، فاعتزل جانبا ، لم يشاركهم بما هم فيه من سعادة وسرور بهذا اليوم البهي ، حزينا باكيا يندب حظه ، وهو ينظر اليهم ، وهم ينطلقون في لهوهم الطفولي ، وضحكاتهم النقية البريئة تملأ المكان …
فهل يُغبط مثل هذا الطفل البائس الحزين ـ أويُحسد على حاله ..؟!
نعم …وذلك عندما يصبح الرسول الكريم محمد ( ص ) أباه ، وعندها يتمنى كل طفل أن يكون بمستواه …
كيف ..؟.. 
اليكم قصة هذا الطفل اليتيم المعروفة ، ولا بأس من تكرارها لكثرة ما كتب عنها في مناسبات الاعياد وغيرها ، وما فيها من عبر ودروس نحن أحوج ما نكون اليها ، خاصة في مثل هذه الظروف …
قصة أتمنى أن يطلع عليها كل سياسي ومسؤول ، ومن له علاقة بالشأن العام وكل انسان .. وخلاصتها أنه بينما كان الرسول ( ص ) خارجا ليؤدي صلاة العيد رأي اطفالا يلعبون ، غير أن هناك طفلا وحيدا خارج الجمع لا يلعب ، كان يتأمل هؤلاء الاطفال ، وهم يمرحون ويلعبون وهو في حالة بائسة يرثى لها .. يبكي ، وكانت ثيابه رثة ممزقة .. فرأه الرسول ( ص ) على هذه الحالة ، فلفت إنتباهه وتوقف أمامه ، وسأله بعد أن مد يده الكريمة يمسح على رأسه … مالك حزين ، ولا تلعب مع الاطفال الأخرين ..؟.. فرد عليه الطفل دون أن يعرف أنه الرسول الكريم ( ص ) : إتركني وشأني .. لقد قُتل أبي في إحدى الغزوات مع الرسول محمد ( ص ) ، وتزوجت أمي ، وأكلوا مالي ورموني في العراء ، بلا بيت ، أو مأوى يأويني ، أو مأكل أو مشرب ، أو رعاية .. وعندما رأيت هؤلاء الاطفال يلعبون تذكرت مصيبتي تألمت ، وبكيت على حالي ..
فقال له الرسول ( ص ) أما ترضى ، أن أكون لك أبا ، وفاطمة أختا ، وعلي عما ، والحسن والحسين أخوين ؟ ..
عندها إنتبه الطفل الى إنه يكلم رسول الله ( ص ) فقال له : وكيف لا أرضى يارسول الله ؟! .. فأخذه الرسول الى بيته وكساه ثوبا جديدا ، وأطعمه ، وبعث السرور في قلبه .. وبعدها إنطلق راكضا الى الاطفال ليلعب معهم فقالوا له .. لقد كنت حزينا تبكي فما الذي جعلك فرحا مسرورا ..؟
فقال لهم .. كنت جائعا فشبعت .. وكنت عاريا فكسيت .. وكنت يتيما فاصبح رسول الله ( ص ) أبي وأم المؤمنين أمي ، وفاطمة أختي ، وعلي عمي ، والحسن والحسين أخوتي .. 
فيا له من شرف كبير .. تمنى الاطفال أن يكون لهم مثل هذا المجد الرفيع ، والرعاية الكريمة ، والقرب من الرسول ( ص ) وآل بيته الاطهار ..
وإستمر هذا الطفل في رعاية الرسول ، وكنفه الى أن توفي ، فخرج باكيا يقول الان أصبحت يتيما بالفعل ، غريبا فتكفله أحد الصحابة ..
فمن من الكبار والصغار ، ومن كل الاعمار لا يتمنى أن يكون تحت رعاية الرسول الكريم ، ويحظى بشرف أن يكون ( ص ) أباه وأم المؤمنين أمه ، وأهل بيته قريبين اليه ..
ومن لا يغبطه على هذا الحظ العظيم .. والدرجة الرفيعة ، والمنزلة المباركة..
قصة فيها درس كبير لكل مسلم ومؤمن ومسؤول في أن يرعى اليتيم ، لانه بهذه الرعاية يرتقي الى أن يكون بمجاورة سيد البشر في الفردوس الاعلى ، حيث قال ( ص ) أنا وكافل اليتيم كهاتين – واشار الى السبابة والوسطى ..أي متقاربين – في الجنة ..
فما أكثر الايتام اليوم في بلادي الذين فقدوا آباءهم في الحروب ، وفي تلبية نداء الوطن وفي الدفاع عنه ، أو في الاحداث التي عصفت به ، ويمكن الرجوع الى أرقام منظمة اليونسيف والمنظمات الاخرى المتخصصة ووزارة التخطيط وغيرها من الجهات المعنية لمعرفة ارقامهم الكبيرة .. وليعرفوا كم هي المسؤولية كبيرة ..
فهل ما يقدم لهم من رعاية رسمية تناسب هذه الاعداد ..؟
وهل تناسب مستوى التضحيات التي قدمها الأباء المضحون الفادون الوطن باعز ما يملكون … ؟
وهل إقتدى من يعنيهم الأمر بالرسول الكريم في أن يكونوا آباء للايتام ، يعاملونهم كما عاملهم الرسول ، ويكونوا بمستوى أبنائهم في الرعاية والاهتمام والحب ؟..
  واقع الايتام يغني عن الجواب ..
00000000000000000000000000000