23 ديسمبر، 2024 12:23 م

يطالبون بـ (المؤتمر الوطني) ويعملون على تعطيله!!

يطالبون بـ (المؤتمر الوطني) ويعملون على تعطيله!!

لن يستطيع المراقب السياسي، حتى وان أوتي الذكاء كله، ان يتوقع ما ستسفر عنه النزاعات بين السياسيين في الحكم كانوا ام في (المعارضة المشاركة). فالعمل السياسي في العراق مثل لعبة كرة القدم بين فريقين لا يعرفان قانونها وليس هناك حكم يمكن له ايقاف الانتهاكات والتجاوزات، وبلا جمهور يستمتع باداء اللاعبين!
فالسياسة في العراق تختلف عن غيرها في بلدان العالم، لان لاعبيها اميون في اغلبهم، ولعل اسوأ ما فيهم هو انهم لا يعرفون كيف يتصرفون !! والمتابع بمجريات الاحداث الاخيرة ما عاد يتوقع ما ستؤول اليه (معركة كسر العظم) الاخيرة، ومن سيربح او يخسر فيها!.
قبل اسابيع فوجئ المواطن العراقي بان نائب الرئيس يقود عصابة ارهابية ، وان عصابته قد قتلت العديد، بل الكثير من العراقيين، هكذا ادعت الحكومة واجهزتها الامنية فاصدرت امر القبض عليه بعد ان غادر مطار بغداد متوجها الى السليمانية!!حيث استقر به المقام هناك لاجئا عند (فخامة) الطالباني، وكانت هذه الازمة الاولى .
وبعد هذه الازمة تفجرت ازمة (صالح المطلك) الذي وصف المالكي بانه ديكتاتور! ونسى انه كان يعمل بأمرة هذا الديكتاتور الى قبل يوم من لجوئه الى البارزاني في اربيل !
وبعد ذلك تفجرت ازمة الامر القضائي بالقاء القبض عليه وتبعتها ازمة اخرى وهي طلب المالكي سحب الثقة البرلمانية من نائبه صالح المطلك! وحين اشتدت الصراعات بين السياسيين، وظن البعض ان انفراج الازمات المتتالية ليس ميسورا، تناثرت (المبادرات) لانهائها، وكان اخرها دعوة الطالباني الى عقد مؤتمر سماه بـ (الوطني) يضم كافة القوى السياسية الحاكمة (العراقية والتحالف الوطني ونظيره الكردستاني). وفي يوم اطلاق هذه الدعوة ولدت ازمة جديدة حيرت العراقيين. فالعراقية والاكراد يريدونه(المؤتمر الوطني) في اربيل، والتحالف الوطني يريده في بغداد، واشتد النزاع والتلاسن الاعلامي بين شركاء الحكم مما (اجبر) طالباني الى توجيه دعوة اخرى لتشكيل لجنة تحضيرية للمؤتمر، وقد عقدت فعلا برعاية الطالباني وحضرها المالكي النجيفي، وتغيب عنها علاوي والبارزاني المصرزاني المصران على ان يعقد المؤتمر في اربيل حصريا، والا فلا!! وتمخض عن الاتصالات بين الاطراف المتنازعة اختيار اعضاء اللجنة وحدد لها اجتماع جديد قريب! لكن راعيها- الطالباني- فوجئ بمرض استدعى رحيله ترافقه حاشية كبيرة الى المانيا حيث هناك العلاج الشافي! وتعطل عمل اللجنة التحضيرية بانتظار عودة الرئيس (العليل) من العلاج!
اعتقد، بل انا متيقن مما اقول، بأن المؤتمر الوطني الذي دعا اليه طالباني ورحبت به العراقية والتحالف الوطني لن ينعقد، لان (القادة) انفسهم لا يريدون ذلك!! فالسيد المالكي ومتابعيه قد اصروا على ان تكون بغداد مقرا له، وبخلافه سيقاطعون! يقابلهم العراقية والتحالف الكردستاني الذين لا يرون مكانا مناسبا للمؤتمر الوطني غير اربيل! وفي حال تم رفض ذلك لن يحضر البارزاني ولا علاوي الذي يخشى ان يعتقله المالكي حين يصل الى بغداد، وهو القائل : (( لن احضر مؤتمرا تحيط به دبابات ومدرعات المالكي)).
من ذلك نستنج بأن المؤتمرقد حالت (لاءات) المتنازعين من عقده.. يضاف الى ذلك ان جميع الاطراف السياسية لا تفضل عقد مؤتمرها لا في بغداد ولا في اربيل ولا في اي مكان اخر!
فعقد المؤتمر ايا كان مكانه لن يستفيد منه المالكي، بل لعله من بين اكبر الخاسرين، فالمحتم هو ان يتم تصالحا بين العراقية ودولة القانون، وهذا التصالح له شروط ملزمة من ابرزها الشراكة الفعلية في اتخاذ القرار اولا، والشراكة في اقتسام الثروة بين الجانبين ثانيا، والمالكي لن يقبل بالاول، ولا بالثاني. لانه يريد ان يظل وحده ممسكا بالقرار السياسي لا ينزاعه عليه احد، ولانه وحده يرغب ان يظل جالسا على (صندوق المال) يعطي من يشاء ويمنع من يشاء.. والمصالحة والتوافق يحرمانه من كل هذا. فكيف له ان يسهل الامور لعقد المؤتمر الذي لن يجني من ورائه الا خسارة تفرده بالقرار وتوزيع الثروة!!
اما علاوي ورهطه، فلا شك انهم غير جادين ايضا، فالمؤتمر حتما سينتهي الى تصالح- كما قلنا- والتصالح هذا يتقاطع مع (نصائح) الحلفاء من الخارج،وهم خائفون من ان يتخلى عنهم الحلفاء في حال تصالحوا مع المالكي، ثم ان الاخير لايؤتمن في نظرهم، وسيطردهم من (مائدة الثروة والسلطة) في اول فرصة تتاح له. وبهذا يكونوا قد خسروا حليفا يعطي من دون حساب، وان خسروه لن يبقى لهم في العراق ما يهددوا به المالكي!.. من هنا يمكن القول ان العراقية ستضع العشرات من العوائق لكي يتعطل المؤتمر ولا ينعقد!
اما الطرف الثالث الذي لن يستفيد، بل يتضرر من انعقاد المؤتمر الوطني فهو الطرف الكردي الممثل بالرئيسين الطالباني والبارزاني، فالاكراد في حال تصالح العرب(من المكونين) ستضيع منهم فرصة الابتزاز، فالاكراد كانوا يلوحون لاهل الوسط والجنوب بانهم سينحال الغربية) فيهرع اليهم اهل الجنوب ويقدمون لهم تنازلات كبيرة تشمل السلطة والمال معا.. وعندما يريدون ان يبتزوا (اهل الغربية) يشعرونهم بانهم سينحازون لاهل الوسط والجنوب، مما يضطر (اهل الغربية) على تقديم تنازلات سياسية وجغرافية للاكراد! فكيف والحال هذه نصدق بأن الاكراد راغبون فعلا في عقد المؤتمر الوطني المفضي الى مصالحة جميع الاطراف الذين ظلوا يبتزونها منذ ثمان سنوات واكثر؟!
من هذا كله نخلص الى القول بأن المؤتمر الوطني لا يعدو كونه كذبة لم يصدقها من ينادي بها، لانه سيتضرر ويخسر الكثير من امتيازاته في حال انعقاده وانهم ان لجأوا اليه فلغرض ذر الرماد في العيون وتحميل الاخر مسؤولية تعطيله. لان ساسة البلاد لا تهمهم مصلحة العباد(العراقيين). وعليه يمكننا القول من دون تردد بأن المؤتمر المرتقب انعقاده قد ولد ميتا!!
[email protected]