18 ديسمبر، 2024 6:56 م

يسرق، فيهب الأمير ما لا يملك…كي يملك!!!

يسرق، فيهب الأمير ما لا يملك…كي يملك!!!

وهب الأمير ما لا يملك، هذا هو (بإيجاز) واقع الخليفة،السلطان، الحاكم،الرئيس، القائد، السياسي، المسؤول….،عبر كل العصور فهو موروث يتوارثونه جيلاً بعد جيل، سيطرة مطلقة على الثروات والأموال وسرقتها وبذلها بالشكل الذي يخدم مشاريعهم الخبيثة ومصالحهم الشخصية، وحرمان الشعوب منها، وإذا كان ثمة إنفاق أو بذل فهو من فتات الفتات ولا يخرج عن دائرة نفعيتهم، فيكون ريعه عائداً لهم، كأن تبذل الأموال من أجل شراء الذمم وكسب الولاءات وتحصيل الأصوات ومواجهة كل ما يهدد وجودهم ومصالحهم، فيحصل الانقياد والتبعية لمن يملك المال، فيكون ذلك الحاكم هو صاحب الفضل في حين أنه هو المتسلط الفاسد السارق الذي سرق المال وتصدق بفتات الفتات كما أشرنا…!!!، والأنكى من ذلك أن السرقة تجري تحت مضلة القانون وباسم الدين، وكما هو الحاصل اليوم في العراق الذي استنزفت أمواله وثرواته وسرقت وأودعت في الجيوب والبنوك الخارجية وشعبه يعيش تحت خط الفقر والعوز والحرمان من أبسط مستلزمات الحياة الطبيعية…
حول هذا الموضوع تحدث أحد العلماء المحققين المعاصرين حيث قال:
((…وهذا هو أسلوب المتسلّطين وأسلوب الفاسدين وأسلوب السرّاق، ماذا يفعل؟ يسرق كلّ الأموال، يسرق كلّ خزينة الدولة وبعد هذا يعطيك على نحو التصدّق، يعطي لرؤساء العشائر هنا، لطلبة هناك، لشريحة اجتماعية هنا، يتبرّع بأرض هنا، يتبرّع بأموال هناك، يبني شيئًا هنا ويفتح وينشِئ مستشفى هناك، وهكذا يعبّد شارعًا هنا ويأتي بمنشأ خدمي هناك، وهكذا، إذن يسرق كلّ الأموال وبعد هذا يتصدّق على هذا وعلى ذاك ويكون هو صاحب الفضل وصاحب العطاء، وهو السارق الأوّل، فهذا ما كان يميّز سلاطين الدولة الفاطميّة، قلنا: نحن نتحدّث بواقعية، فالسلطان الفاطمي كان يسرق كلّ شيء كما يسرق باقي السلاطين كلّ شيء، يسرقون كلّ شيء ويتسلّطون على كلّ شيء، وبعد هذا يكسبون ولاء الناس وواجهاتهم وعناوينهم ورموزهم، فتنقاد وتُقاد الرموز المرتزِقة والمرتزَقة فتنقاد الناس معهم، هذا هو الأسلوب، فكان الناس تنقاد للحاكم الفاطمي وترتبط بالحاكم الفاطمي؛ للعطاءات التي تعطى من قبل الحاكم الفاطمي، كما هو واقع الحال في هذا العصر وفي هذا الزمان، في كلّ الدول وفي كلّ مكان، فصلاح الدين ليس أمامه كي يكسب ولاء المصريين إلّا أن يأتي بالخط المضاد لخط الخليفة وبنفس الاتجاه وبنفس التوجّه وبنفس الأسلوب، فكان يعطي الخليفة الفاطمي وبنفس الأسلوب سار صلاح الدين فأحبّه الناس، مالوا إليه، على أقلّ تقدير كسب هذا الولاء ونافس الولاء الفاطمي، فصار ولاء المصريين منقسمًا بين صلاح الدين والخليفة الفاطمي، ومع وجود السلطة ومع مرور الزمن ومع وجود الجانب الإعلامي إضافة إلى الجانب الديني مع إبراز القضية المذهبية والطائفية طبعًا يكون الأمر والقوّة والسطوة والعلو لصلاح الدين فيكون الولاء له أكبر عددًا وأعمق قلبًا وفكرًا)).