كل جُمعة يجتمع الشباب و الشيب و النساء يخطون اللافتات الخاصة و العامة و يحملون الاعلام العراقية و الورود متجهين الى اماكن تجمع التظاهرات في ساحة التحرير في بغداد و المحافظات لا يعرفون ماذا يريدون فقط يسجلون حضورهم و يلتقطون الصور التذكارية و منهم من يشعر بالظلم و هذا متنفسه الوحيد او من يريد ان يعيد ذكرياته في ستينيات و سبعينيات القرن الماضي عندما كان يتظاهر تأييداً للشيوعية او البعثية و القومية لكل واحد من هؤلاء رأي و فكرة و منطلق يختلف عن الاخر و اسبابه تختلف عن الاخرين في الخروج للتظاهرات لكن يجمعهم شعار التغيير و الاصلاح بمعناه الفضفاض الواسع بدون اي تفاصيل كيف نغير و متى و نصلح ماذا و من معنا و من ضدنا .
كل ثورة او تظاهرة في العالم لها سقف مطالب منها آنية و سريعة و منها على المدى القريب و منها طويل الآمد لكن المتظاهرون في العراق تركوا الاساس و الجوهر و راحو يبحثون في القشور بتحسين الكهرباء و الغاء رواتب تقاعدية لبرلمانيين و امور اقل ما يمكن ان يقال عنها انها تافهة بنظر السياسة و الواقع و المنطق وبدون اي سقف زمني لهذه المطالب التي لم يتحقق منها شيء حتى انهم لا يفرقون بين الحقوق و المطالب ، قادة الظل للمتظاهرين المرتبطون بالسلطة الحاكمة بطريقة او بأخرى لم يصلوا المنطقة الخضراء التي لا تبعد عن ساحة التحرير الا مئات الامتار لم يصلوها و لم يقتحموها ولم يعتصموا امامها حتى ساعات و ليس ايام بحجج واهية اطلقوها و ثقفوا الناس لكي يصدقوها لا بل جعلوا انفسهم في دائرة الشكوك هم و من معهم الى ان توضحت الصورة للجميع ، ادخلوا من سرق المواطن و قتله و هجره بين اوساط المتظاهرين من ميليشيات و سراق و أرهابيين حتى صاروا هم من يعلنون اسماء التظاهرات و جمعاتها و يسيطرون على حركة المتظاهرين و التظاهرات و حولوها من شعبية الى فئوية و حزبية و اسلامية و نزعوا عنها ثوب العفوية و الوطنية ، انتم من حما الفاسدين نعم انتم من دعمتم الفساد و اعطيتم له الشرعية الشعبية و حشدتوا الفقراء و المساكين و السذج من الشعب ليمشي ورائكم بلا وعي و بلا مطالب محددة و بلا اي هدف ، جعلتوا المظاهرات بلا قادة بلا مطالب بلا سقف زمني و توهمون الناس انكم من البساطة و الوطنية لا تريدون ان يرفع اسمكم كقادة للتظاهرات و في نفس الوقت تعترضون على من يريد ان يقود الجماهير ، هكذا تظاهرات لايحتاج لها فيلسوف اغريقي حتى يفهم ان هذه التظاهرات امتصت غضب البسطاء من الناس و مصيرها الفشل فقد دعمتم العبادي الذي هو أبن الدعوة و أبن دولة القانون و سيده الذي خرب البلاد و العباد بحجة ان العبادي جاء للأصلاح وانه يختلف عن المالكي و هو اشد معارضيه و الحقيقة التي تعرفونها كما تعرفون اسمائكم ان العبادي هو من غطى على الفاسدين و يعمل على تجميل صورهم البشعة الغبراء و هو عبارة عن دمية تحركها خيوط عدة بدأً بأميركا و ايران و مروراً بالدعوة و الحاشية الفاسدة التي هي رأس الافعى .
اما واذا كنتم تعتبرون ان الغاء مناصب و تقليل رواتب و حمايات لم نراها فقط الا على شريط الاخبار في القنوات التلفزيونية و فتح شارع في المنطقة الخضراء و رفع بعض الكتل الكونكريتية و الغاء حظر التجوال بعد منتصف الليل انجازات حققتموها فأنكم واهمون او متقصدون بأيهام الاخرين لأن هذه الانجازات كارتونية ورقية لم تغيير شيء في جسد الوطن المنهك امنياً و اقتصادياً وحتى نفسياً لكنكم نجحتم في مسعاكم بتحويل التظاهرات من ثورة ضد الفاسدين الى ثورة لدعم الفاسدين حتى قل الزخم الجماهيري للتظاهرات و صار بضع مئات لانه بلا فائدة و بلا جدوى ولم يؤتي ثماره للشعب الذي كتمتم آخر انفاس الروح الوطنية و الثورية داخله .
[email protected]