23 ديسمبر، 2024 3:39 ص

يد الله مع الجماعة      

يد الله مع الجماعة      

حين يكون معيار تفوقنا وتيهنا على الناس وعلى العالم أنّ لهم النار ولنا الجنّة فلنعلم أننا في خسران وأننا لن نضمن حتّى الجنّة.
من أدخل في مخّنا أنّ الدين مناف للتقدم والتطور والعمل والتفوّق؟
وإن لم يكن هناك من أدخل هذا في روعنا فما بالنا لا نتقدم ولا نتطور ولا نعمل ولا نتفوّق؟
وإذا كان ديننا وأدبياته وتعاليمه تدعونا إلى كلّ ذلك فلم لا نستمع إلى ما يقولون ولم لا نلبّي دعواهم؟
لمَ انحشرنا أو حشرنا أنفسنا في زوايا ضيقة لا تغني ولا تسمن؟
وإن لم نكن نحن من حشر نفسه فمن الذي حشرنا في هذه الزاوية الضيقة المظلمة؟
لنراجع معا مواضيع حديثنا ونقاشاتنا
لنراجع أمور حياتنا ومشاكلها
لنراجع ما نشغل به الناس ونملأ به العالم
ولنراجع ما بقي من تراثنا؟
هم يحاربوننا.
الجميع يحاربوننا
فماذا فعلنا وماذا نفعل للردّ عليهم؟
لإقناعهم؟
كيف نكّف شرّهم ونحن نريد الشرّ بأنفسنا؟
وكيف نطلب من الغريب العدو أن يرأف بحالنا ويتفهم موقفنا إن كنّا نحن نحن لا نرأف بحال أنفسنا ولا ندري ما هو موقفنا أصلا؟
ضاع نجمنا الذي به نهتدي
وضيّعنا القدوة التي بها نقتدي
بل أضعنا أنفسنا
ولمّا بحثنا عن النجم وعن القدوة وعن الحل وجدناه في الدين وفي التدين وفي الإسلام
وكأنّ الدين والإسلام اختفيا من حياتنا فعدنا إليهما نبحث عن السبيل.
عدنا. لكنّ العود لم يكن أحمد
بل أحمر
أسود
عود غريب عدواني منتقم بالمطلق
يتخذ من الجميع عدوا له
ومشروعا مشروعا للقتل والفتك والدمار.
وفي مجتمعاتنا تقوقعنا أكثر
وانغلقنا على أنفسنا أكثر
بل نقلنا كلّ تقوقعنا وانغلاقنا إلى سوانا
نقول لهم: هكذا نحن فاقبلوا بنا كما نحن
وإن لم تقبلوا بنا كما نحن فلا خيط بينا ولا تواصل.
لكم دينكم ولنا ديننا.
حدّثوني بالله عليكم عن إسلام اليوم؟
لن أتكلم عمّا يخطر على الذهن ونحن نحكي عن إسلام اليوم
بل أتعجّب ألا يخطر على الذهن ونحن نتكلّم عنه غير ترهات وأساطير أولين.
ماذا حلّ بالبنيان المرصوص؟
ماذا حلّ بالأمّة التي ساحت جيوشها مشارق الأرض ومغاربها مدفوعة بقوة العقيدة وصدق الإيمان؟
إلام صارت حواضرها وجامعاتها ومراكز علمها؟
ماذا بقي من الأمانة والمروءة والأثرة والكرم والعمل الصالح الجمعي؟
عدنا أفرادا لا نفع فينا غير إرضاء أنفسنا وإرضاء الربّ عنّا منفردين.
ولن يرض الله عن عبد عمل لنفسه ولخيره ولمصلحته الدنيوية والأخروية.
هل قرأتم في القرآن الكريم خطابا غير الخطاب الجمعي؟ 
هل قرأتم غير: ” يا أيّها الناس ” أو ” يا أيها المؤمنون ” أو ” يا أيّها الذين…”.
الله يريدنا مجتمعين
يريد عملا جماعيا يصدر من الجماعة ويصبّ في خانة الجماعة والإنسانية جمعاء
لأنّ يده – سبحانه – مع الجماعة لا مع الفرد.