19 ديسمبر، 2024 12:53 ص

يدفع المواطن ليتمتع المسؤول

يدفع المواطن ليتمتع المسؤول

لماذا مطلوب من المواطن أن يضحي ويجوع ويستشهد، وأمامه ساسة يتمتعون بالإمتيازات الضخمة؟! وأين الأصوات التي كانت تقول قبل الإنتخابات؛ أنها تبنت مشاريع خفض الرواتب؟! ومَنْ يحارب فساد أسقط مدن بيد الإرهاب، وباع الوطن بحفنة أفكار أنانية، ساقها وسوّقها حثلات السياسة؟!
لماذا لا نتحدث أو نستحي من ذكر أسم فلان وعلان، وهم لا يستحون من طفل عاري في الشارع وأم تبحث عن عيش في القمامة، ونصف شعبه تحت خط الفاقة؟!
سوف نعمل، ونحاسب ونضرب بيد من حديد كل مفاصل الفساد، ونبذل قصارى الجهود، وسوف وسوف، وكلام دبلوماسي يرافق كل أزمة، وعجاجة تعصف ثلاثة أيام وتنهي، ويخرج منها المواطن خالي الوفاق ويقول: حفظنا ما تقولون؛ كسورة الفاتحة التي نقراْها على أمنياتنا؟!
ليست هي المرة الأولى؛ بعد عشرات التنبيهات تتحدث المرجعية الدينية، عن المفسدين، وكأن الساسة صم بكم، حتى عمدت بعض القنوات على حذف فقرات تتحدث عن الفساد داخل الأحزاب، وجعلوا من كلامها هواء في شبك، عصفت به زوابع الأنا، ولا يريدون إسماع شعبهم ما شُخّص من قباحة أعمالهم.
أكد الشيخ الكربلائي في خطبة الجمعة على ضرورة مكافحة الفساد، وأن تلك الآفة هي سبب بسقوط الموصل وسواها، وأن كان الحديث عن القضاء؛ فأن فساد السلطة الأمنية فساد له؛ ورجل الأمن أول حلقاته، ودفع العراق ثمن سطوة العصابات الإجرامية، وخسر خيرة شبابة، وتأخرت التنمية، وعاد ليبحث عن دينار في جيب سارق.
باركت المرجعية خطوة خفض مخصصات الرئاسات والدرجات الخاصة، ولكن على أن لا تكون حبر على ورق كسابقاتها، وتريد التذكير؛ بقوانين سنت عام 2011 وتضمنت خفض الرواتب بنفس النسب، وبعد إكتساب الشرعية التنفيذية، لم تطبق تلك القوانين، وطعن بها بعد مرور عامين؛ بمخالفة واضحة للدستور؟!
يسأل المواطن عن هذه التخفيضات، التي يقدر فوائدها للخزينة بقيمة 200 مليار سنوياً؟ ويبدو أن القرار في ظاهره أنيق وباطنه عميق مشوش، حيث تحسب المخصصات لتلك الدرجات 400%؛ أي إذا كان راتب المدير العام2.5 مليون؛ فمخصصاته 10 مليون، وإيجار منزل وكيل الوزير 3 مليون، وتشمل تلك التخفيضات 3000 منصب، و2000 موظف، و40 وزير و238 برلماني.
إن المرجعية الدينية وهذا الشعب المحروم، إستطاعوا أن ينقذو البلد من الإرهاب، ومطالبهم أن يتخلص العراق من الفساد، وصلب الحلول أن يبدأ الساسة بحلول من أنفسهم، وأن يطلقوا مبادرة للتنازل عن ما يزيد عن نصف الرواتب وكل المخصصات، والشعب على يقين، أن بعضهم دفع عشرات أضعاف ما يمكن أن يتقاضاه خلال عمر الحكومة، ولديه منابع فساد، كنفط العراق الذي يذهب الى جيوب الفاسدين بلا عداد؟!
الطبقة السياسية السابقة غارقة الى هامتها بالفساد، وقد إستحكم بمناصب ما تزال تُدار بالوكالة، ولن يكون الإصلاح؛ إلاَ إذا ما صلح الشعب وترك لغة التبعية.
تتذكرون جيداً كم مرة خرجت حنان الفتلاوي، وتقول أنا أول من طالب بخفض الرواتب، وكم مرة قال المالكي أنه سيضرب بيد من حديد رؤوس المفسدين، وكم تحدث معظم الساسة والكتاب والشارع، وحتى العبادي وحكومته تحدثت عن الفساد في أولوياتها، ولم يختلف عن تشخيص الباقين؛ لكن الحال كما هو عليه، والقوى التي تحكمت وأدارت الفساد لصالحها؛ ما تزال تحكم العراق بالوكالة، وليس من الغريب أن يعود الخائن قائداً، والسارق نبي النزاهة، وتستغل الهيئات المستقلة، ويدفع المواطن ليتمتع المسؤول؟!