تكررت كلمة يجب في المحافل الدولية وعلى لسان قادة الدول وكأنهاالإنجاز الأعظم , والصراط الأقوم , وهي لا تعدو كونها كلمة لا تستطيع التحليق في الهواء , فما أن تخرج من الأفواه أو يخطها يراع حتى تندس في رمال التجاهل وتدوسها أقدام الأقوياء.
يجب كذا وكذا وما تحقق شيئ مما تريد , فالفعل أن تقول يجب , وتندد وتستنكر وترفض وترفع رايات أضعف الإيمان , في عالم تحدوه قوانين الغاب لتقهر الإنسان.
المسافة بين الكلمة والفعل شاسعة , وتتناسب طرديا مع مقدار الضعف الكامن في قدرات قائليها , فحركة اللسان أسهل من حركة اليد.
فلماذا يقولون يجب ولا يملكون أكثر من نطقها , وإطلاقها على أشهاد مَن في آذانهم وضمائرهم وقر؟!!
الإستهانة بالقيم والمعايير السلوكية بين الدول والشعوب , صار تأسدا وإقتدارا مسلطا على الآخرين , وعليهم أن يذعنوا له ويهللوا لمعطياته الدامية , فالإبادات الجماعية من حسن السلوك , والدفاع عن النفس , وتأكيد القوة الساطية , والعنجهية العاتية , والتفاعل المؤيَّد بتأمين المصالح الوافية.
سلب ونهب وخراب ودمار وقبض على الأعناق , وسحق للإرادات والسيادات , ومحق لمن يقول أنا , في غاب القدرات التكنولوجية القاهرة , والجرائم المباركة السافرة , فهذا هو السلام , وفيصل الكلام , وعاش الفساد والإمتهان والظلام.
يجب أن تُسرق ثروات الشعوب , وتُهجَّر عقولها , وتتحرر من أسباب التقدم والحياة , وتتعلم الصبر على القهر والحرمان , لتنال ما يقدَّم لها في أطباق الأوهام والأحلام , وعليها أن تنام على فراش الضيم والرعب والإنهزام.
يجب أن يُسحق الإنسان بالإنتقام , ويتغرغر بالأكاذيب والآلام , لأنه عدو الخير والمحبة والسلام , ويستحق النفي والإعدام , في عالم أصبح البشر فيه أرقام!!
