23 ديسمبر، 2024 5:27 ص

يتهموننا بالبوق ونحن لم نبق  

يتهموننا بالبوق ونحن لم نبق  

لاشيء غريب في هذه البلاد، كل شيء قريب من الواقع، الأحداث التي لاتحصل سوى في افلام الاكشن وافلام الخيال العلمي، تحصل في العراق فقط، كل شيء هنا ممكن، لاتستغرب ياعزيزي المواطن حينما تصادفك الاحداث غير المنطقية، فأنت في العراق، ولاشيء أكثر من ذلك. أبتسم رجاءا. ما الذي يجعلني استغرب أو افرح حينما تعلن جهة حكومية اكتشافها او عثورها على ستة الاف درجة وظيفية كانت مخبأة لدى جهة حكومية أخرى، كانت تستمتع بها تلك الجهة الحكومية على مدى سنوات ليست هينة وهي تسرب اموال تلك الدرجات بين جيوب المتنفذين، دون ان يكون هنالك ادنى شعور بحجم البطالة الكارثية التي تعانيها محافظة منكوبة مثل ذي قار، هذه المدينة الجنوبية التي ذاقت كل عذابات الله، منذ بدء الخليقة ولهذه اللحظة. الأكتشاف المذهل الذي حصل بالصدفة، بعد العثور على ستة الاف درجة وظيفية في احدى دوائر ذي قار، لايدفعني بأي شعور، غير الشعور بالخيبة، وأننا نعيش في دولة بوليسية، تمسك زمام أمور الحياة مثلما تمسك مافيا او عصابة مسلحة لحي أو مدينة او زقاق، بل لايختلف هذا السلوك، عن سلوك داعش، الذي يقتل ويذبح، ماهو الجديد في ذلك غير أن داعش يقص رقابنا، بأسم الدين وبأسم الله، وهولاء يذبحون أحلامنا ويسرقوننا بأسم الدين وبأسم الله، ويتسابقون الى الصلاة في كل مواعيدها وأوقاتها.  

ما الذي يجعلني أفرح وأنا المواطن الفقير “المكرود”، الذي سرقت أحلامه منذ ان مسك بشهادة تخرجه وهو حالما ببناء بلده والتقدم به نحو الأمام، لم يجد غير السرقة، مثله الالاف من الشباب، الذين تحطمت آمالهم في بلد يتداعى كل يوم، ولا سبيل من النجاة، ما الذي يجعلني أفرح، وانا ارى الاف الدرجات الوظيفية يتستر عليها “اللصوص” والحرامية، مثلما يتسترون على بيت دعارة، لا يريدون أن يكتشفهم أحد، اشباع رغباتهم التي لاتنتهي أبدا. المفارقة الاخرى التي يجب ان نقف عندها، هو من يمتلك الجرأة على ان يعلن عن تلك الوظائف دون ان تكون هنالك نسبة معينة للاحزاب ودون ان تكون هنالك نسبة أخرى لأقرباء المسؤول، الذين تكرشوا حتى صاروا بلارقبة. لاجديد في الأمر سوى ان تلك الوظائف انتقلت من جيب واحد او اثنين وتوزعت على جيوب كثيرة، ولاشيء يوقظ الناس هنا من أجل المطالبة بحقوقهم. أنها اللحظة التاريخية العظيمة التي نعيشها اليوم، ضمن هذا الشعار العظيم الذي رفعه أحد اللصوص في السلطة، حينما قال، “يتهموننا بالبوق ونحن لم نبق”، لايوجد أي شعور يصف اللحظة التي نعيشها الآن، حينما يحيط بك، اللص، والقاتل، والقانون الذي لايرى فيك غير الاتهامات المكررة.غضبي ليس على سرقة درجات وظيفية او الكتمان عنها، بل يتعلق بما سرق منا خلال السنوات الطويلة التي نعيشها، ولم نتحرك ازاءه، وماسرق من طموحاتنا واحلامنا وهدموا بلادنا اولئك السفلة اللصوص، الذين يمتلكون اجنحة عسكرية متعددة لديها القدرة على التصفية، ووجود قانون يحمي الفاسد ويشرعن الفساد، كل ذلك لن يوقف نزيف هذه الارض، الاف الدرجات الوظيفية لاتعني شيء أمام الارواح التي استشهدت من أجل الدفاع عن الارض التي سبب دخولها الفاسدين الذين يتربعون على عرش السلطة، نحتاج الى ماهو اكثر من الاحتجاج، بل الثورة من اجل القضاء عليهم. لغة الخطاب لاتنفع ابدا معهم، طالما ان هناك فاسد وهناك قانون يحميه.