خلال السنوات المتعاقبة الاخيرة ظل العراق ، بحسب التقارير الأممية المتخصصة ، على رأس لائحة الدول الأكثر فسادا في العالم ، والمواطن العراقي العادي يلحظ هذه الحقيقة التي باتت تتفشى في كل مفاصل الحياة اليومية للدولة ومؤسساتها ودوائرها ، وتتصاعد الى حالات من النهب المعلن للمال العام ، دون اجراءات وقائية او عقابية ملموسة تتناسب مع الوعيد الحكومي بالفاسدين .
الارقام الفلكية التي تصدرها هيئة النزاهة عن عدد قضايا وشخوص الفساد المحقق بها لاتتناسب ابدا مع واقع الادانات التي يصدرها القضاء والخالية بدورها من الفاسدين الكبار ، مما لايستبعد تورط حلقات رقابية وقضائية في منظومة الفساد المتغولة .
خلال السنوات الماضية تعرضت الشخصيات الوطنية التي تصدت بقوة وشجاعة للفساد وعملت على فضحه من خلال القنوات الرسمية او الشعبية الى التنكيل والتشهير والتهديد بالتصفيات الجسدية والدعاوى الكيدية بل واصدار الاحكام القضائية بحق بعضها بهدف التسقيط والاقصاء من المشهد العام ، ومنها القاضي رحيم العكيلي والسيد فرج موسى والشيخ صباح الساعدي والمحامي كامل الحساني وغيرهم ، والذين لم يحظوا للاسف بالدعم السياسي او الشعبي في مواجهة مافيا الفساد الرسمية .
ماأثاره وزير الدفاع خالد العبيدي في جلسة استجوابه الاخيرة في البرلمان ، وبغض النظر عن دوافعه التي يجتهد المحللون في خلفياتها ، انما يؤكد حقيقة راسخة هي ان الحرب على الفساد قائمة ومستمرة وادواتها هي الجمهور المتضرر من نهب ثرواته ومصادر رزقه ، والفاسدون انفسهم بعد تخاصمهم على تقاسم المغانم والمكاسب الحرام وتعارض مصالح امبراطورياتهم على احتكار النفوذ والسوق ، فالفساد يحمل بذرة فنائه في احشائه ، واذا كنا نؤمن بحتمية هذه النتيجة التي تؤكدها الشواهد التاريخية فان من واجبنا التعجيل بالوصول الى هذه النهايات وبأقل الخسائر .