الدول الراعية للديمقراطية تغض الطرف عن العزلة المفروضة على المجتمع العراقي , بسبب التظاهرات المطالبة بأبسط الحقوق الإنسانية المسطورة في لائحة حقوق الإنسان الصادرة عن الأمم المتحدة , والتي تتغنى بها الدول المتشدقة بالديمقراطية , لكنها عندما تتعلق بالعراق والمواطن المسحوق المقهور المحروم تصبح لائحة عدوان وإمتهان وإتهام وإرتهان بالحاجات.
فلماذا لم تنبس الدول الديمقراطية ببنت شفة فيما يخص عزلة العراق التواصلية , وكأنها تشارك في التعتيم على الإمتهان والتطاول على المتظاهرين االيائسين من حكومات لا تنفع , بل تتشرس بأضرارها وضراوتها العدوانية على حقوق الناس.
هل سمعتم خبرا في وسائل الإعلام يدين العزل التواصلي؟
وهل قرأتم تصريحا لمسؤول ديمقراطي واحد يستنكر فيه العزل المتنافي مع الديمقراطية , وحق التعبير عن الرأي وممارسة الحياة الحرة الكريمة؟
وكم ثارت ثائرتهم لقطع الإنترنيت عن بعض المجتمعات لبضعة ساعات , وكم تواصلت التصريحات التي تشجب ذلك , وعندما تعلق الأمر بالعراق أصابهم صمت عجيب.
إن هذا السلوك من قبل الحكومات الديمقراطية تجاه الشعب العراقي يدلل على أنها تساند الأساليب القمعية التي تمارسها الحكومة تجاه الشعب الذي يريد أبسط الحقوق اللازمة لحياة كريمة , وأنها تقول بسلوكها بأن مصالحها هي الديمقراطية , فما يتفق مع تلك المصالح مهما كان بشعا وآثما يمكن قبوله , وما يتعارض معها مهما كان نبيلا وساميا فأنه مرفوض.
فعلى الناس أن تكون رهائن مسلوبة الإرادة خائبة المصير , لكي تتحقق المصالح وتتأكد الأهداف والمطامع , وبأنها ستبذل الغالي والنفيس لحماية الحكومات التي تؤمّن مصالحها , ولا يعنيها من الشعب أمر , وما دام قاتلهم حكوماتهم فهذا شأن داخلي صرف.
المهم أن المصالح بخير والمشاريع تمضي على مايرام , وبما أن المصالح في مأمن من المخاطر , فكل مَن يهددها هو من الأشرار ومن الذين يجوز تسميتهم وتوصيفهم بما يسوّغ إبادتهم , وقاموس التسميات يزدحم بالأسماء الجاهزة لقتل الملايين فأنهم أرقام!!
فهل من غيرة ديمقراطية يا أمم الديمقراطية ؟!!
وإن العراق حيٌّ لا يموت لو كنتم تعلمون!!