7 أبريل، 2024 10:12 ص
Search
Close this search box.

يبكون عليه في العراق، ويفرحون بقتله في إيران

Facebook
Twitter
LinkedIn

هرع الرؤساء العراقيون الثلاثة، رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ورئيس المجلس الأعلى للقضاء، إلى تصدّر الباكين اللاطمين والمطالبين بالثأر، في ذكرى مقتل واحدٍ مختَلف على سيرته وتاريخه وشرفه الإنساني اسمُه قاسم سليماني.

فسواء كانوا مضطرين لمجاملة لإيران وفصائلها وحشدها وإطارها التنسيقي، أو كانوا جادين ومؤمنين بأن المقتول مات شهيدا فعيلهم اللعنة في الحالين، وإلى يوم الدين.

فإن كانت خطاباتهم الثورية الحماسية تزلفا وتقية فهم منافقون، وعليه فهم لا يصلحون لقياد الأمة، وحقَّ عليهم القول.

وإن كانوا، فعلا، مؤمنين بأن القتيل يستحق منهم البكاء وطلبَ الثار فهم منحازون ومعادون لملايين اليتامى والأرامل والمهجرين والمعتقلين والمغيبين من أبناء شعبهم، ضحايا المقتول الذي أجمع الشعب الإيراني، نفسه، والعراقي والسوري واللبناني واليمني وشعوبُ نصف الكرة الأرضية على اعتباره قاتلا مستكبرا أشِرا يستحق القتل، ويباركون يد ترمب الذي أنزل به وبرفيقه القاتل الآخر، أبو مهدي المهندس، قصاصا عادلا، رضي الله عنه وأرضاه.

وأن لرئيس الجمهورية، لطيف رشيد، ومندوبه في العزاء، بعض العذر، لأنه ضعيف وخفيف، فليس لرئيس مجلس القضاء الأعلى المدعو فائق زيدان عذر من أي نوع. 

فلأنه يمثل عدالة القضاء وحياده وشجاعته، ويُلزمه واجبه القانوني والإنساني بالتأني وتحري الحقيقية في أية جريمة، فقد كان لزاما عليه أن يتجنب الترحم على متهم بالقتل لم تثبت براءته، بعدُ، وما زال ثلاثة أرباع العراقيين يطالبون العدالة بأن تقول كلمة الحق فيمن قَتل الآلاف وشرد واغتصب وخان. 

وحين يعلن هذا الفائق زيدان، باسم الدولة العراقية، شعبا وحكومة، أنه أصدر مذكرة اعتقال بحق الرئيس الاميركي السابق ترامب لاصداره أمر اغتيال قاسم سليماني، فلإنه يحكم على نفسه وعلى مجلس القضاء، برمته، بتأييد القتل والخطف وتفجير المدارس والمستشفيات والأسواق الشعبية والمساجد والحسيبنيات، وقتل الأبرياء ، والسطو والاحتلال والاغتصاب.

يقول رئيس القضاء الأعلى عن مقتل سليماني، إنه “جريمة غادرة ليس لها أساس قانوني، وخسارة كبيرة لن تعوض، ومسؤولية القضاء محاسبة من ارتكب الجريمة مضاعفة”.

وهو الذي لم يُنصف أحدا من ذوي المئات من شهداء الانتفاضة، ولم يقم، بحكم واجبه الشرعي والقانوني، بالتحري عن  الآلاف من المغيبين من أبناء المحافظات المحررة من داعش، ولا كشف السؤول عن مجزرة سبايكر، ولا عن تسليم الموصل والأنبار وديالى وصلاح الدين، ولا عن الذي فجر ضريح العسكريين في سامراء، ولا عن قتلة عشرات الصحفيين والكتاب والنشطاء العراقيين الذين تم اغتيالهم في وضح النهار، رغم أن القاتل معروف ومكشوف، ولا يحتاج لدليل.

أما رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، الذي قال في كلمة له إن “دماء شهداء قادة النصر يجبُ أن لا تذهبَ سُدى”، فهو لم ينافق ولم يدلس ولم يكن من أهل التقية، وذلك لأنه كان وما زال ويبقى الإبن الشرعي للحشد الشعبي وإيران.

رغم أنه، في عشرات المرات التي التقى فيها بسفيرة أمريكا في العراق، أينا رومونسكي، وقادة التحالف الدولي (الأمريكي)، كان يكرر اعتزازه بالعلاقة المتميزة بين حكومته الإطارية الإيرانية وبين أمريكا.

من جانبه أكد عبد اللطيف رشيد في كلمة ألقيت نيابة عنه وكانت مليئة بالأخطاء اللغوية، “أن جريمة اغتيال قادة النصر يجب أن تبقى موقعا للاستنكار والرفض”، معتبرا ذلك “ضرب (ضربا) لكل الضوابط الأخلاقية والقانونية والسياسية، مما يؤكد عظمة واهمية وتأثير هذين القائدين في إحباط مخططات العدو، ويؤكد أن المنهج الذي سارى (سارا) عليه انما هو المنهج الصحيح لنهضة الأمم المقاومة ولتحقيق ذاتها“.

شيء مهم لابد أن يقال هنا لهؤلاء الثلاثة هو أن هذه شهادات مسجلة وموثقة وستبقى في ذاكرة العراقيين يُحاسَبون عليها يوم يحين الحساب.

وفي اليوم الذي سالت فيه دموع الرؤساء العراقيين الثلاثة عفي ذكرى  مقتل سليماني ظهر على فضائية أميركية مواطن إيراني في الخمسينات من عمره وهو يعزي ضحايا قاسم سليماني من الإيرانيين وغيرهم من أبناء دول الجوار، ويلعن أن كل من يبكي عليه يكون معه في خانة الجريمة. 

ثم بشر الأميركيين بقرب نهاية ولاية الفقيه، ودليله على ذلك أن قادة النظام الإيراني ووكلاءهم العراقيين واللبنانيين أصدروا حكما قضائيا بإلقاء القبض على الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب، وقال إن هذا دليل على بلوغهم حالة العَتَهِ والجنون، وقرب النهاية.

وحين سأله المذيع الأميركي “ما هي ولاية الفقيه؟” رد الإيراني على الفور، وبتلقائية، “ولاية الفقيه هي دولة داعش الشيعية، وهي الشقيقة الكبرى لداعش السنية”.

والشيء بالشيء يذكر. في تاريخ سابق تنبأ حسن عباسي، رئيس مركز (یقین) للأبحاث الإستراتيجية والعقائدية المقرب من الحرس الثوري في تسجيل مصور بمناسبة ذكرى مرور أربعين عاما على الثورة الإيرانية، بسيطرة بلاده على البيت الأبيض في واشنطن، وعلى قصر بكنغهام الملكي البريطاني، وعلى قصر فرساي الفرنسي، بحلول عام 2065. وقال “إن إيران تخطط للذهاب أبعد من عدن وحلب والموصل خلال العقود الأربعة المقبلة”، مشيراً إلى أنها تريد إقامة مراسم عاشوراء في حسينية في البيت الأبيض، وإقامة ذكرى مولد المهدي المنتظر في مهدية قصر بكنغهام. وتوقع أن تكون استضافة مراسم ليالي القدَر من نصيب قصر فرساي، وأن تكون زيارة بيت المقدس للإيرانيين أسهل من زيارة أضرحة الأولياء في مدينة الري، جنوب طهران.

أما المفارقة المثيرة للضحك بدل البكاء حول ذكرى مقتل قاسم سليماني فهي أن الرؤساء العراقيين يبكون عليه في بغداد، وفي إيران، ذاتها، يُحرق الإيرانيون صورَه وتماثيله احتفالا بمقتله، ويدعون للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب بطول بقاء.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب