ينتابك الأسى والشعور المفرط بالحزن وأنت ترى معالم و شواهد بغداد التراثية و التأريخية الأصيلة تتهاوى واحدة تلو الأخرى على يد من يجهل القيمة المعنوية لهذه المباني قبل قيمتها المادية.
فكثير من البيوتات البغدادية التراثية أزيلت عن بكرة أبيها بذريعة أنها ملكية خاصة ، مثلما أزيل البيت التراثي الذي كان يشغله معهد الدراسات الموسيقية في الوزيرية دون معرفة سبب الأزالة.
اليوم جاء الدور على خان مرجان الواقع في شارع السمؤال حيث تم عرضه من قبل الهيئة العامة للآثار والتراث بالمزايدة العلنية لتأجيره كمكاتب صيرفه !!!
خان مرجان هو أحد خانات بغداد الشهيرة حيث تم بناؤه للفترة مابين عامي 1356 – 1358 م ، حيث يتميز عن غيره من الخانات بأن فناءه الداخلي مغطى بعقود هائلة من الطابوق ، يبلغ أرتفاع سقفه عن أرضيته 14 مترا ، ويتألف الخان من طابقين يحتوي الطابق الأرضي على 22 غرفة ، أما الطابق العلوي فيحوي على 23 غرفة .
قامت مديرية الآثار القديمة العامة بترميمه ترميما شاملا وجعلته متحفا للفنون الأسلامية وأطلقت عليه أسم ( دار الآثار العربية) فصار الخان مقصدا للسياح والزوار عقود عدة من السنين.
ونتيجة لأرتفاع المياه الجوفية التي غمرت أرضية الخان أجبرت دائرة الآثار نقل محتويات المتحف الى مكان آخر وقامت بصيانته بصورة شاملة وتم أستغلاله في الثمانينات من القرن الماضي كمطعم سياحي يقصده السائحين وعامة الناس لقضاء ساعات في هذا الجو البغدادي الأصيل على أنغام الجالغي البغدادي و المقام العراقي بأصوات الفنانين يوسف عمر ومائدة نزهت وصلاح عبد الغفور وغيرهم.
وليس غريبا أن تعرف أن مرجان مملوك رومي (أيطالي) أسمه (موركان) وهو رئيس الخدم في قصر السلطان أويس وهو أبن حفيد هولاكو المغولي
وهذا الرجل الغريب عن بغداد ترك فيها أجمل معالمها ، جامع مرجان ، المدرسة المرجانية ، خان مرجان والمشفى الملحق به ، حيث تم هدم المدرسة المرجانية من قبل أمين بلدية بغداد أرشد العمري في أربعينات القرن الماضي لغرض أستقامة شارع الرشيد.
لكن الغريب في الأمر أن الدوائر ذات العلاقة بالتراث والآثار اليوم قد أهملت كل معالم بغداد التاريخية و التراثية التي تهتم بها كل مراكز البحوث والجامعات العالمية وأصبحت عرضة للأندثار والأنهيار والأزالة أو تأجيرها لأغراض تجارية بغية الحصول على الأموال ، دون أن يتحمل أحد مسؤولية ذلك .
أنها دعوة مفتوحة للجهات ذات العلاقة الى عرض الخان كفرصة أستثمارية والأبقاء عليه كمطعم سياحي تراثي يستقطب العوائل العراقية والسياح الأجانب حيث يتنفسون من خلاله طيبة وأصالة تأريخ بغداد الغابر، أو ترميمه وجعله مركزا ثقافيا عاما كحال مبنى القشلة التأريخي