مفردات وعبارات الشجب والإدانة لجريمة الاغتيال التي أودت بحياة جاسب الهليجي ، لا يمكنها التخفيف من صدمة العراقيين ومخاوفهم من أن تكون هذه الجريمة البشعة عودة إلى مسلسل الاغتيالات ، أو أن تقود البلاد نحو “انهيار أمني” بعد الانهيار النقدي والاقتصادي والتأزم السياسي.
اغتيال غاشم تقابله اتهامات غاشمة (بالجملة). إفلاس عند البعض، وخبث ومكر عند البعض الآخر. استخدام الجريمة بلا ورع (أخلاقي أو سياسي) بلغ حد الابتذال، والمستثمرون في الأحداث يفضلون الاستثمار بالجثث لا بالأحياء، لكون الأولى مربحة أكثر، وتتيح كوة لنشر الأضاليل والشائعات والتعمية عن القاتل الحقيقي عبر التزييف والرياء وتوجيه الرأي العام، على نحو “يظهرهم” كمستفيد وحيد من الجريمة.
يمكن إضافة أن إصدار التهم بشكل سابق على الفعل نفسه، لن يؤدي إلا إلى انكشاف أمني، ليس لفريق العراقي لوحده، بقدر ما هو انكشاف أمني على المستوى الوطني، ويطال الجميع، ويشرع الأبواب لكل من يريد أن يعبث ويسعى للتأثير في القوى السياسية المختلفة، المتخاصمة منها أو المتحالفة.
سرعة توجيه الاتهامات من قبل السفير الاتحاد الأوروبي مارتن هوث بقوله عودة الأمور بعد انتهاء زيارة البابا في إشارة الي بيان تنسيقية فصائل المقاومة بوقف الهجمات اثناء زيارة البابا في إشارة لهم انهم يقفوا خلف الهجوم بوقوفه خلف كل حدث، مهما كان نوعه، لم تعد بروباغندا بائسة فحسب. إن تجاوزها كل ما هو قانوني بالمعنى الجنائي في صناعة “الاتهام”، يشير بلا لبس إلى تآكل السياسة عند هذه الجماعة. .
توقيت الجريمة الشنيعة في الزمان والمكان اختارها المجرم بعناية فائقة، لأهميتهما في تسهيل توجيه الاتهام إلى الحشد الشعبي (انصار الله الأوفياء) ، لتفكيك وضرب البعد الاجتماعي الوطني الذي يحميها، والذي يعادل بقوته وقيمته وأهميته القوة العسكرية نفسها، إذا لم يتجاوزها. .
.
بالطبع، ثمة من يرفض أي احتمال آخر للاتهام المعد سلفاً الذي قالته مديرية شرطة المحافظة في بيان، إن قوة أمنية داهمت عدد من منازل المتهمين بالحادث إثر شكوى ذوي المجني عليه وبعد إستحصال الموافقات الرسمية، ألقت القبض على المتهم الأول والذي اعترف بضلوعه بعملية القتل وأشخاص مشتبه بهم تم إلقاء القبض عليهم على خلفية الحادث.
، والذي يغطي هنا على جريمة وقعت، ويؤمن الطريق لجريمة أخرى قد تقع. عن قصد وعن غير قصد، تتقدم استحالة أي قول بخلاف ما يراد أن يقال، ما دامت “السفارات جاهزة لتأدية واجب اتهام لفصائل المقاومة وفق ما تتطلبه “وظيفة” وحيدة تمارسها ولم تعد تجيد غيرها. مؤلم وقاسٍ غياب جاسب الهليجي الإنسان والمثقف، وخسارة يصعب تعويضها.