اعتقد أن المرأة العراقية هي الاكثر معاناة واضطهاد وتعسف، وعرضة للمحن والمصائب والمصير المجهول، من سواها من النساء الأخريات في عموم الدول العربية والاسلامية، والسبب، ايضا باعتقادي، يعود الى أن المرأة في العراق تمر بظروف استثنائية، يحكمها الطبيعة السياسية، فالعراق مرّ ويمر بظروف سياسية عصيبة عصفت به، وهذه السياسات خلفت عدة حروب، ومن طبيعة الحروب أن تخلف في المجتمعات بيئة صالحة لتمزق الاطر والاواصر المجتمعية، وبالتالي يثمر كل هذا عن تمزيق الاسرة، فضلا عن اشاعة روح التخلف، وعرقلة كل ما يهدف الى التطور والتقدم، وكذلك تدني الوضع الاقتصادي والثقافي، وجعل المجتمع ينحدر نحو الهاوية، وهو ما رأيناه في كل البلدان التي تعرضت الى حروب، وعانت ما عانت من معاناة واضحة. وعلى اعتبار أن العراق- ومنذ تأسيسه والى يومنا هذا، قد تعرض الى العديد من الحروب- الداخلية والخارجية- كغيره من الدول الاخرى والتي نالت حظها من مخلفات الحروب، فلا نستغرب حينما يحصل فيه ما حصل. وكان نصيب المرأة من ذلك هو الاكبر والاكثر. وهذا الخبر الذي بين ايدينا يحدد لنا ويوضح حجم معاناة المرأة العراقية اليوم. يقول الخبر، وبحسب بيان وزارة التخطيط: ان عدد المطلقات والارامل في عموم العراق بلغ مليوناً و938 الف مطلقة وأرملة حسب نتائج مسح الأمن الغذائي الذي نفذه الجهاز المركزي للإحصاء خلال عام 2016. ويوضح البيان بالقول: ان “عدد المطلقات بلغ 122 الفا و438 مطلقة، منهن 105 الاف مطلقة تتراوح اعمارهن من 14 إلى 49 سنة، فيما كان عدد المطلقات بعمر 50 سنة فما فوق 17 الفاً و432 مطلقة”. وأضاف، “أما فيما يتعلق بعدد الأرامل فقد وصل إلى 878 الفا و455 أرملة منهن 203 الاف أرملة بعمر 14 إلى 49 سنة وهناك 675 الفا و198 أرملة بعمر 50 سنة فما فوق”. وافاد البيان ان “مسح الامن الغذائي لعام 2016 لم يشمل محافظتي نينوى والانبار، وكذلك قضاء الحويجة في محافظة كركوك وقضائي بيجي والشرقاط في محافظة صلاح الدين بسبب الظروف الامنية فيها” مشيرا إلى ان “المؤشرات الخاصة بالأرامل والمطلقات لم تتضمن البيانات الخاصة بالمحافظات والاقضية المذكورة”. وأكد، ان جميع المنظمات التابعة للأمم المتحدة تعتمد البيانات والمؤشرات التي ينتجها الجهاز المركزي للإحصاء لان المسوح الإحصائية التي ينفذها الجهاز تجري وفقا للمعايير العالمية المعتمدة من قبل الامم المتحدة”.
وهذه الارقام المهولة تحدد واقع المرأة العراقية، وما وقع عليها من حيف، بسبب السياسات الخاطئة والتي مارسها سياسيون تعوزهم الحنكة السياسية والخبرة، والوطنية، وكذلك الانسانية، والوازع الاخلاقي، فكل هذا فقده السياسي الذي تصدى لقيادة البلد. واكيد نستثني من هؤلاء بعض السياسيين المعروفين بوطنيتهم وحبهم لبلادهم ولشعبهم، وكان على رأسهم الزعيم طيب الذكر عبد الكريم قاسم.
اليوم المرأة في ازمة اجتماعية ونفسية، وعوز في كل شيء، والسؤال المطروح: من يأخذ بيدها ويوصلها الى جادة الصواب، والى شاطئ الامان؟. كيف حصلت هذه الارقام العالية في حالات الطلاق؟. هناك العديد من التقارير تشير الى أن من اهم اسباب حالات الطلاق والتي تحصل اليوم في العراق هي: الزواج المبكر، والبطالة المتفشية اليوم وبصورة مرعبة، هذه وغيرها من الاسباب جعلت حالات الانفصال بين الزوجين تزداد وتكثر بشكل فضيع، وهو ما اكده ايضا العديد من المحامين العراقيين، ممن التقيتهم بنفسي وقالوا لي بالحرف الواحد.
اليوم تقع على عاتق منظمات المجتمع المدني، والمؤسسات المدنية الثقافية، والتربوية الاخرى، وعلى الحكومة بصورة خاصة، معالجة هذه الازمة او المشكلة، وبعكسه سوف تقع امور كثيرة هي ليست بالحسبان، واكيد أن المرأة سوف تتحمل ذك، ما يزيد من معاناتها اكثر فاكثر، وهو ما لا نرجوه.