23 ديسمبر، 2024 11:18 ص

يا فقراء العالم “تكأسوا” بالأرجنتين !

يا فقراء العالم “تكأسوا” بالأرجنتين !

القارّة الجنوبيّة أنجبت خيرة قادة التحرّر في العصر الحديث , ( في كلمة واحدة، هل تريدون أن تعرفوا لماذا نذرونا للحقول لزراعة الحبوب والقهوة وقصب السكر والكاكاو والقطن وللسهول الشاسعة المعزولة لرعاية قطعان الحيوانات ، ولأحشاء الأرض , لاستخراج الذهب الذي تتعطش إليه اسبانيا ) هكذا هتف “سيمون بوليفار” قائد حركات التحرّر في القارّة الجنوبيّة هبّ بعدها شعوب أميركا اللاتينيّة لتحرير بلدانها من الاستعمار الاسباني وغيره , وبرز قادة عدّة , دييغو يبارا بريثينو مينديث أوغو شافيز فيدل كاسترو ايليتش راميز سانشير الملقّب ب”كارلوس” وغيرهم  , لعلّ أبرزهم لربّما في ذاكرة الشباب ولأجيال , الارجنتيني “جيفارا” !  , فليس بالمستغرب أن تكون هذه القارّة العصيّة على الامبرياليّة رغم مجاورتها اللصيقة في القرنين الأخيرين ممثّلةً بالولايات المتّحدة لها مركز استقطاب فقراء العالم في لعبة كرة القدم أيضاً ! فلطالما جمهور المناضلين هو نفسه جمهور الفقراء هو نفسه جمهور كرة القدم ! الألعاب الرياضيّة عديدة لكن الكلف المادّيّة الضروريّة لممارستها عصيّة على الفقراء حتّى ولو كانت بعض منها زهيدة , لذلك يعزف عن ممارستها الغالبيّة من سكّان الأرض إضافة لطبيعة غالبيّة تلك الألعاب الّتي لا تلائم وأحاسيس سكنة الأرصفة والأزقة الضيّقة وعلب الصفيح ومجاري المياه والمقابر وضيوف الزواحف في المغارات والكهوف , فمادّة كرة القدم فقط كرة مكوّرة من قش وخرق بالية أو جوارب “مسحوبة من حبل غسيل !” وتبن وهدفين من حجر وتستطيع استيعاب أكبر كمّيّة من اللاعبين الهواة يلتفّوا حولها ! بالإمكان صناعة كرة تلعب بها الأقدام من أوراق الشجر العريضة أيضاً وكمّيّاتها متوافرة في بلدان خطّ الاستواء والأمازون ولا حصر لها ! .. كرة القدم اللعبة الوحيدة الّتي دائماً ما ينتصر فيها الفقراء على الأغنياء ! .. وهي الفرصة الوحيدة للفقراء للتنفيس عن “كرههم” للأغنياء ! ورغماً عنها في أغلب البطولات ورغماً عن البذخ الهائل الّذي تنفقه تلك الدول الغنيّة على هذه اللعبة ! , إذ لو عزونا بعض من الأسباب للإصرار على الفوز لربّما لأنّ الفقير يصبّ عصارة ولعه بالحياة بحب كرة القدم فتتحوّل لديه إلى “مزاج” ! وهو لربّما سبب أيضاً في اعتماد طريقة اللعب في القارّة اللاتينيّة على المهارات الفرديّة , فالمزاجيّة في اللعب تعني المهارات الفرديّة تعني بالتالي متعة للناظرين وفوز للفقراء .. الارجنتين موطن الثائر تشي جيفارا , أو بلاد الفضّة , أنجبت للكرة العالميّة لاعبون كبار أمثال خوزيه

مورينو 1936 ـ 1950 والحارس العملاق أوبالدو فيلول ودانييل بازاريلّا وخافير زانيتي وعمر سفيوري وكامبس , أفضلهم على الاطلاق وعلى مرّ المئة عام “مارادونا”  بحسب استطلاع أجرته “الفيفا” قبل عشر سنوات تقريباً أو أكثر تخطّى به نجوميّة مسّاح الأحذية الريوديجانيري الأسطورة فيما بعد “بيليه” ! لكنّ الفيفا ساوى بين الاثنين ! المهم أن يبقى دليل مضاف على الاستحواذ التام لكرة القدم لصالح الفقراء ! .. بصمات الارجنتين على الكرة العالميّة لكثرتها تجبر الكثير منّا الوقوف إلى جانبه  وخصوصاً وقد ضمّ الفريق إلى أعضائه “أفضل لاعب في التاريخ” , ميسّي” ! , لست من المشجّعين الدائمين لهذا الفريق لكنّني دائما ما أجد نفسي تلقائيّاً وقد خصّصت مشاعري المساحة الأوسع لفريق الارجنتين في ظروف معقّدة مختلط فيها السياسة بالاقتصاد بالاجتماع ب”الفوكلاند” ! مثل مباراة الأحد القادم ! , لكنّ ما أن تكون مباراتهم ضدّ البرازيل ألقى عذري بكامل ثقله على ميزان سحرة الكرة العالميّة البرازيليّون !  صُدم جمهور الكرة في العالم بمنتخبهم المفضّل , البرازيل , بلاد الفقر وبلاد “الثأر الكروي” من الأغنياء بلاد النووي ! بلاد الخمس الاقتصاديّة الناهضة “البريكس” وهو يتهاوى أمام فريق ألمانيا الحديدي , هذا الفريق الأوروبّي الكروي الّذي نجت بلاده من أزمة ماليّة خانقة ضربت الغرب خصوصاً وأثّرت على بلدان العالم عموماً فنجا هو أيضاً ! وقد تجلّت هذه الأزمة الماليّة على مستوى الكرة في أوروبّا في خروج فرق إسبانيا والبرتغال وهما الحلقة الأضعف في الاقتصاد الأوروبّي غادرا مبكّراً بطولة كأس العالم الوشيكة نهايتها ليلحق بهما الفريق الإيطالي الأغنى أوروبّياً والأتعس بينهم حاليّاً !  .. ما هي متعة نهائي كأس العالم وهي تشارف على نهايتها , إنّه الأبرز , ليونيل ميسّي ! وهنا تبرز أهمّيّة المباراة لا حديديّة اللعب الألماني “الثقيلة” عالفؤاد ! , الفريق الألماني لا شكّ  فريق متكامل خير من يعتمد على جماعيّة اللعبّ  ككلّ في أوروبّا والّتي انحاز لمثل هذه الطريقة في الأداء الكروي الفريق البرازيلي منذ بطولة 1982 تحت شعار “المهمّ الفوز لا فقط اللعب الجميل”! فتلقّى تخلّيه عن السامبا ما لقيه على أيدي أساتذتها أخيراً كما عزا ذلك , البعض! , فالفريق الكروي الألماني لا يعتمد في الغالب على النجوميّة وهذا سرّ عدم هبوط مستواه في البطولات إلاّ نادراً بحسب تحليلي الشخصي ! وهي ظاهرة نادرة , لكنّ أعضاء الفريق سوف لن يجدوا لهم حضور في نوادي العالم الأقوى , لذا فهو فريق نستطيع تسميته بفريق “ابن بلاده” ربّما نستطيع وصفه هكذا.