23 ديسمبر، 2024 11:01 ص

يا عشاق الدولة المدنية تحالفوا

يا عشاق الدولة المدنية تحالفوا

كثيرة هي الاحزاب والتيارات العلمانية التي تؤمن وتسعى لبناء دولة مدنية ديمقراطية ..تلك الدولة التي نادت بها الجماهير المنتفظة  لوعيها الكامل ان الاسلام السياسي بشقيه الشيعي والسني فشل فشلا بائنا في تحقيق أي من تطلعات واهداف الشعب ،بل انها لعبت دورا في وضع المتاريس بين الشعب وتطلعاته  
ولعله من البديهي القول ان احزاب الاسلام السياسي بشقيها هيمنت على المشهد السياسي وهي التي تمتلك المال والنار ومزايا التبعية الكثيرة ..كون الاديان  برمتها عابرة للاوطان والقوميات والقارات وبالتالي هي لا تؤمن بالحدود الدولية ومفهوم الدولة  والانتماء لها بل تؤمن بالحدود العقائدية مما ينسف الحدود الدولية الحالية وينسف الانتماء الوطني والقومي ، وهذا ما يعطي الحق الشرعي  (التبعية في المفهوم الوطني) للمسلم العراقي  في ان يتبع عقيدة اي بلد مسلم ،وأي قائد مسلم غير عراقي ، وبالتالي يكون الانتماء للوطن والدولة العراقية في خبر كان والأدلة اكثر من الدلائل في هذا المجال ومنها على سبيل المثال لا الحصر ان السيد اردوغان اصبح الرمز الوطني للبعض من اهل السنة العراقيين وحامي السنة رغم ان الدستور التركي لم يذكر الاسلام ولا السنة اطلاقا ، ومنها ايضا ان السيد زعيم سرايا الخراساني قال في لقاء متلفز انه اطلق اسم سرايا الخراساني على فصيله تيمنا بالسيد الخراساني (الخامنئي) ولعل امضى الادلة ان فتوى السيد السيستاني ((تطوعوا في القوات الامنية)) وضفت لتشكيل الحشد الشعبي خلافا لفتوى المرجعية العراقية وصار الامر الى تقنينه على طريقة الحرس الثوري الايراني
متى بدأت هذه الملهاة المأساوية ؟؟ انها برأيي المتواضع بدأت مع مجلس الحكم البريمري حيث دخل الكل على اساس الانتماء المذهبي والقومي بل ان حتى السيد حميد مجيد موسى الشيوعي العلماني دخلها حسب المذهب ، ولعلكم سمعتم قبل يومين خطابه المر في وصفه لما آلت اليه العملية السياسية ، وكيف دعى بوضوح الى ان الحل يكمن بالدولة المدنية ، ولا يفوتني ذكر انه صار صاحب السبق الاول في الاحزاب العراقية منذ اكثر من نصف قرن كونه سجل اول امين عام يتنازل عن عشه الذهبي ونتمنى ان لا يكون الأخير…هذا مثل واحد فقط سبقته الجماهير المنتفضة برفع شعارات الدولة المدنية العلمانية ، وشخصيات وتيارات كثيرة منها التحالف المدني ، ولعل مبادرة موطني وزعيمها المفكر العربي غسان العطية ا لذي رفض اي موقع في السلطات الثلاث ونذر نفسه لمشروع يقول فقط ( كلا للطائفية كلا للفساد )رغم اني ارى ان يكتفي بكلا للطائفية لأن زوالها يعني زوال الفساد والتبعية والتفكك والارهاب والتطرف وغياب القانون وكل سوء بالضرورة وبشكل آلي ..
لماذا اصبحت الدولة المدنية مطلوبة شعبيا ؟؟ كونها باختصار شديد تعني (المواطنة) المغيبة التي هي القاسم المشترك الاعظم للأيزيدي والمسيحي والتركماني والكردي وعرب السنة والشيعة ..انها الدولة التي تقدس كل الاديان والمذاهب ..ولا يقول دستورها ((لا يجوز سن قانون يتعارض مع ثوابت احكام الاسلام)) لبلد متعدد الاديان والمذاهب ولو كان فيه مندائي واحد او كاثوليكي واحد ،ولا تسن قانونا بمنع الخمر وفيها (مواطن مسيحي واحد ) يقول كتابه المقدس ((قليل منه ينعش القلب)) ونبيه المسيح (ع ) حول الماء الى خمر في عرس قانا الجليل (يوحنا 2/11)
انها دولة الجميع وتحترم الجميع والاغلبية برؤيتها لا تقلل ابدا من شأن الاقلية ولو كانو خمسة فقط ، ولاتجعل ابن الاغلبية يتخيل انه افضل من ابن الاقلية ، وهي تطبق المادة 14 من الدستور العراقي النافذ ((العراقيون متساوون)) ولا تخرقها كما يحصل ، بل لو انها قامت لما كان هناك قاعدة ولا داعش اصلا لسبب واحد بسيط وهو ان داعش هي ابنة الطائفية التي تلغي الآخر بل وتقتله كما حصل من غير داعش ممن يحملون  الفكر الداعشي الذي هو باختصار فكر طائفي ، ولما كان هناك مفسدون يحتمون بطوائفهم  ..انها الدولة التي لديها جيش وشرطة فقط بلا حشد عشائري ولا حشد شعبي ولا حرس وطني ولا حرس نينوى ، ولديها قوات خاصة من الجيش نفسه وليس جهاز مكافحة الارهاب
هذا هو الحل رغم صعوباته  ورغم الفقر والعوز لانصار هذا الحل فليس من بين الحكام المحيطين بنا والبعيدين عنا  من يريد عراقا سيدا بلا تبعية  وبلا ابواب مشرعة لهم ، وهؤلاء المدنيون الفقراء عليهم ان  يتنافسوا مع احزاب اسلامية حكمت في ظل تبعيات متعددة ، وموازنات بلا كشوفات نهائية ، والله والشعب العاشق للحرية والتقدم معهم..فليتحالفوا
[email protected]