تشرفت هذه السنة بالمشاركة في زيارة الأربعين لمرقد سيد الشهداء الإمام الحسين عليه السلام ولاحظت العجب العجاب من عفوية الزائرين والمعزين وأصحاب المواكب وغيرهم من بسطاء الناس وعامتهم ممن لم تتلوث أيديهم بزفر السياسة وقاذوراتها، لقد ضربوا هؤلاء البسطاء صورة رائعة في التعايش السلمي العفوي فيما بينهم ولم يطلب منهم احد ذلك ولم تأمرهم مرجعية دينية أو سياسية أو ثقافية أو اجتماعية أو غيرها من المرجعيات، ولم يصرح لهم سياسي فطحل من فطاحل الاحتلال الأمريكي – الإيراني وعلمهم كيفية التعايش فيما بينهم أخوة أحباء لا يفرقهم لون ولا مذهب ولا انتماء، ويجمعهم شيء واحد فقط هو حب الإمام الحسين عليه السلام حبا خالصا لوجه الله تعالى، خرجوا بالملايين يسيرون مسيرة أيام وليال غير آبهين بخفافيش الإرهاب موصلين رسالة إلى العالم اجمع بان شعب العراق شعب مضياف ومتسامح وكريم ومؤمن بقضيته التي سوّفها ودمرها عتاة المنطقة الخضراء بتنازعهم على المناصب والكراسي والسحت الحرام.
كنت أتمنى أن أرى تسامح هؤلاء الناس في أروقة برلمان المنطقة الخضراء وحكومتها وان يتعاطى أبطال المنطقة الخضراء بعفوية كتعاطي هذه الحشود البشرية في إيمانها بقضيتها ومسيرة طريقها الواحد، رأيت الطفل الرضيع والمراة والشيخ والشاب والعجوز ومن كل بقاع ارض العراق لا احد يسألهم من أين أنتم؟ الكل تتسابق في حب الحسين وخدمة زواره مهما كان مذهبهم وانتماءهم، لم أصادف إن سال احد ما شخصا هل أنت من بغداد أم من صلاح الدين أم من ديالى أم من العمارة أم من البصرة؟؟؟ لم أصادف أن سال احد ما شخصا هل أنت سني أم شيعي؟؟؟ لم أصادف أن سال شخصا ما لماذا أنت قادم إلى كربلاء؟؟؟ جمعهم بالفطرة وبعفوية مطلقة حبهم لسيد الشهداء.
لم يتاجر احد منهم بقضية الحسين كما فعل الكثيرون من حكام العراق اليوم وأصبحوا يأكلون السحت الحرام باسم الحسين وقضيته، ولم يستغل أي احد منهم قضية الإمام الحسين للوصول إلى مبتغاه وغايته في تحقيق مصالح ومكاسب شخصية لا تعدو كونها مصالح اقل ما يقال عنها دنيئة أمام هكذا قضية، سارت الحشود وأدت الزيارة وعادت إلى بيوتها بسلام ولم يعكر الأخ مزاج أخيه الزائر ولم تنتصر فئة منهم على حساب فئة أخرى، الكل تهتف بحب الحسين بصدق وعفوية وتلقائية.
لقد أعطت زيارة الأربعين هذا العام درسا بليغا لحكام العراق الجديد القابعين في سراديب المنطقة الخضراء وخارجها والمتنازعين على مغانم السلطة بان عليهم أن يعوا يوما لا تحمد عقباه أمام هذه الملايين التي لم ينسيها ظلم وطغيان البعث الصدامي لعقود هذه الشعائر الحسينية الصادقة، شباب تقتل على أيدي خفافيش الإرهاب وشباب أخرين يقتلون مابين مطرقة المالكي وسندان علاوي وتصارعهم على السلطة، المالكي يقول هو الأحق بحكم العراق وعلاوي يقول بأنه هو الأحق !!!!! ودماء العراقيين تسيل انهرا أمام تناحر هؤلاء، ويالتهم جديرين بحكم العراق وكلاهما قد جاء على سرف دبابة المحتل ويحمل بيده خطاب الولاء والطاعة لمن ارضعوه حليبهم لعقود.
تعلموا ياعتاة المنطقة الخضراء روح التسامح والمحبة من بسطاء الناس، ادعوكم لمراجعة ما بثته كل القنوات من مشاهد ولقطات عفوية لتعايش الناس فيما بينهم خلال هذه الزيارة وأنصتوا لبسطاء الناس لتتعلموا بان حب العراق هو اكبر من (دولة القانون ونوريها) واكبر من (العراقية وعلاويها) ولا تشخصنوا العراق وعظمته ب(نوري) أو ب(علاوي) فكلاكما غير جدير برعي قطيع من الغنم لا أن تحكموا أحرارا كأحرار العراق.
[email protected]