23 أبريل، 2024 7:57 م
Search
Close this search box.

يا حكيم .. الشعب في العراق لا يؤمن بالوطنية

Facebook
Twitter
LinkedIn

وما الوطنية في اصل مكنونها الا سراب كان علينا مديدا فقد كبر مقتا وخداعا على اهل السواد ممن سكنوا الارض التي بين البلاءين ان يخرج عليهم من يبعث بالكلمات العابرة الغابرة من قبورها فيطلق البدعة والضلالة فيدلي كل يوم بزخرف القول وبحجة اثمها اكبر من نفعها ساقطة من اصلها فيطلق الحديث “أن لا نجاة لكم الا بما باركنا عليكم من (الوطنية)” فمن بايعني فقد نجا ومن نكث فهو من الهالكين؛ وما خلفية هذا الشعار على اهل العراق الا نذير شؤم منذ عهد قديم لما مر من اثر بالغ عليهم ابان الحكومات المستبدة في العهود الغابرة والبائدة والسائدة وحتى قبل ذلك بمئات السنين حين كانت الارض مرتعا للتحارب والتكالب عليها من السلاطين العثمانيين والملوك الصفويين والاعراب الوهابيين وما شواهد التاريخ السوداء في حصار بغداد وحصار الموصل الا دليلا على ذلك مبين اما بعد ان رسمت الخارطة فقد كانت الوطنية لباس للسلطة انزلت حديد على الاعناق فيه بأس شديد فكل القتل والتنكيل والاعدامات والمؤامرات كانت باسم الوطنية التي عصمت السلطة وفي المقابل كانت كل المعارضة والانقلابات والتصفيات والسحل بالشوارع وغيرها باسم الوطنية ايضا وورثنا من ذلك تركة ثقيلة وازمة فكرية وتعبوية هجينة رقيدة فأن سكتنا عن القول اصبحنا مدلسين وان فتحت الذاكرة فستنكشف العورات والعوالق والجاهلية التي فينا منذ زمن الاولين فما ان يحصل انقلاب على عرش السلطة حتى تتأجج الوطنية في نفوس العراقيين فينزلوا الشوارع لتطبيق الشريعة الفرهودية ويكونوا من الغوغائيين الناهبين وقد تراكبت كل تلك الصور علينا وتشابهت فلا وطنية انزلت لنؤمن بها ولم نعد نعرف من هم الوطنيين.

ولا حاجة في الاستغراق والامادة في المنهج البحثي لمفهوم الوطنية فلن يزيدنا ذلك الا بالتنظير والابتعاد عن الرؤية والفكرة انما نريد ان يكون العمل السياسي ذو طبيعة مجتمعية وسيكون على الرموز الوطنية ان تقرن خطابها بالعمل والانجاز قبل ان تنعق بالشعار وقبل ان يسطر التابعون فيتبعه الناعقون؛ ومن عنده حجة غير التي أسلفنا فليأتي بتعريف للوطنية واحد مستقيم يكون متفقا عليه من الخاصة والعامة ثم عليه ان يبدع ويضع لنا مسطرة قياس او معيارا نعرض عليه ادعيائها والمتشدقين لنمحص الصادقين من الدجالين ولنميز بعضهم عن بعض درجات؛ ثم نكون خير امة اخرجت للناس تأمر بالوطنية وتنهى عن العمالة فنتبع الاحاديث المجربة فلا فرق بين عراقي وعراقي الا بالوطنية؛ فان لم تردوا بالحجة وبالبرهان المبين ولن تردوا فعرّفونا كيف بدا للذي تربع على عرش مجلسه الذي يعلى ولا يعلى عليه ثم استوطن مملكة الترف والاسراف في وسط بغداد فاستوى انه قادر على الابحار بنا بسفينة النجاة ورايتها الصفراء ليعبر بنا ما هو قادم من الطوفان فهل نُسخت او نُسيت ما قبلها من الشعارات والفرق والانسجام؟ او ان سفن النجاة فيها كانت مخرومة او لعلها صحف محفوظة ومسطرة وعلينا ان نتبعها ونحن صاغرون منذ ان بدأت صفحة البعثة والدعوة السرية ثم صفحة الهجرة وتقلب الولاءات في البلدان والاجندات الداعمة ثم صفحة السلطة والغنائم الخمسية وما هو قادم من الصفحات السرية فهل كان ذلك بامر او لعله وحي من عبد صالح من القادمين اذ قال اذهب الى ارض الكنانة فان بها ملك لا يظلم عنده وطني ابدا واجعله منبرا لك في التسويق لمشروع قد ولد عقيم؛ فان سألك الناس عن المستقبل وبر الامان؛ اهذا اخر المطاف بنا وهل رضيت لنا الوطنية شرعا وصراط مستقيم؟ فأن قبلت وباركت علينا ذلك فنقول اين ميراث العقيدة ونصوصها والروايات والاحاديث وتأويلاتها واين العدل والحق والمساواة والزهد والاولياء الصالحين فهل ذهب موروث القرون هباء منثورا ام انه لم يعد يناسب الموظة السياسية او انها بضاعة قد كسدت واصبحت لا تليق بالاسياد الحاكمين ام هي من متطلبات الديمومة للسلطان وحفظ الال الى امد غير مسمى واغراق المشهد بالتابعين والناعقين واصحاب الاقلام الصفراء ذو البدلات المترفة والربطات الصفراء المتأنقة وهم يحتلون الصحف والمواقع بمقالات التمجيد وتعقيبات التعظيم ويغرقون المنابر الاعلامية باحاديث التبجيل لسماحة سيدهم ومولاهم فان قال كلمة اصبحت حكمة محكومة من لدن الصادق الحكيم لا شية فيها ولا تبديل وكيف لا وهو وريث الشهادة والعزة وصاحب السيادة وملك مستديم؛ ولا يحتاج المتلقي ان كان يملك القدر الكافي من الوعي الى الكثير من البحث والتحقيق ليدرك ان صحابة الاسلام السياسي والقائمين على النعيق فيه قد اوصلوا المجتمعات الى درك الهاوية من التأويل والتضليل فهل نشهد ربيعا فكريا كما شهدنا ربيعا فوضويا قبر شعارات الوطنية والقومية وامجادها والمتشدقون بها الى حيث لا رجعة ؛ لم يكن هذا الفشل وليد الحاضر بل يمتد في اماد التاريخ الى واقعة الرزية والسقيفة وربما قبل ذلك بسنين عندما لم يستطيع الفكر الاسلامي ان يؤسس اي مشروع يرتبط بمفهوم الدولة واسلوب الحكم واعتمد على الوصاية والمبايعة والعهود والخلع والى يومنا هذا لم يتمكن من ان ينجح في انتاج اي مشروع وفي اي نسق من الانساق الاقتصادية والسياسية وحتى الاجتماعية ولعل تجربة الاخوان المتأسلمين في مصر وتجربة الاسلام السياسي في العراق بعد عهد الطاغوت دليلا لا ريب فيه ولا شك من انها أسرت الشعوب بأسوء مرحلة تاريخية تمر بها في ظل عهد الحضارة والفكر بعد ما وصل اليه الانسان الذي لا يسلم تسليما من التقدم التكنولوجي والبرامج التي نجحت في محاربة الفقر ومشاريع التنمية المستدامة التي نقلت الفرد من ان يكون معدما في الفكر فقيرا في العيش مغرقا بالزخرف من التراث والخطاب ومتفضلا عليه بالصدقة من الخمس والزكاة والثواب الى انسان منتج متعلم متنور ليس من التابعين ولا الموالين ولا المقلدين وقد رضي المجتمع عنهم ورضوا عنه واصبحوا في ركب الحضارة والتمدن من السائرين .

الجاهلية هي العمق الاستراتيجي للعراق ويصدق القول على عمقه التأريخي والاجتماعي وبالاخص العمق الوطني ولا يختلف اثنان على ذلك من المفكرين والباحثين الذين عاهدوا انفسهم صادقين؛ بسبب التأصل بالماضوية والايديولوجية والاعتقادية بعد ان انقطع عن التاصيل الحضاري قبل الاف من السنين وما نراه اليوم من الممارسات الشعائرية وعدادات

التجهيل المليونية والاعراف العشائرية الا شاهد صريح لاشك فيه ولا ريب مهما تصاعدت صيحات المعترضين المتارجحين؛ هذا ما يؤمن به العامة من العراقيين وليس الوطنية الا شعار ساذج غادرتة الدول المتنورة بالفكر التطبيقي والعلم والبرامج عندما ادركوا وتقينوا بان الشعارات والصيحات ان هي الا وهم عظيم فاستبدلوها بوثائق تخضع لمعايير قياسها الانسان اولا واخيرا فجعلوا الحقوق والواجبات في اولوياتها والقوانين العادلة تطبق على الجميع فلا فرق بين سيد وشيخ ورمز وكلهم للمحاسبة خاضعين وجعلوا للمجتمع هوية فكرية متحررة من طوق الاستعباد وسفن النجاة التي يعتقد بها الغافلين؛ وكل المشاريع الوطنية الحاضرة وهمية اعتقادية وليس تطبيقية واقعية محاسبية لان الوطنية هي الكساء الذي يقبع تحته الافلاس السياسي والسلطة التعبوية بعد سنوات من الفوضى والعبثية فمن يريد بالعراق خيرا فليغادرها كما فعلت البلاد الغربية وبعض البلاد الشرقية فان فعلنا وتساوينا تحت مظلة القانون وحده لا بديل له عندها يكون يوم الحساب عليكم وعلينا أجمعين فان جلسنا في مثل مجلسكم عندها يحق القول على الجميع فنقول لمن يرفع الشعارات والوطنيات دعوا عنكم هذة الكلمات التزويقية ولنفتح دفاتر الحسابات والموازنات فلا فرق بين اسياد اليوم وطغاة الامس فكلهم ادعياء الوطنية وان لم ينتموا .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب