17 نوفمبر، 2024 11:35 م
Search
Close this search box.

يا برلمان أجبرتنا أن نعود !!

يا برلمان أجبرتنا أن نعود !!

غبنا عن الكتابة في المجال السياسي لفترة أردناها أن تطول ، لأننا نؤمن بأن السياسة بحر ويمكن لها أن تبتلعنا بسهولة كما فعلت مع غيرنا ، لذا كانت لنا فترة إجازة أردناها أن تطول ونكون في مأمنٍ عن العالم المشحون بكل الدسائس التي لا يسلم منها أحد. أجل كانت فترة للراحة أو النقاهة وترتيب المعلومات التي تتزاحم في الفكر ، وعليه لم أكن أتوقّع أن يصرخ بي قلمي ويأمرني ليقول لي انهض يا هذا وأنظر لهؤلاء وماذا يفعلون ، ألا تشعر بكرامتك وكرامة إخوانك من أبناء الشعب المظلوم ؟ طالع بنفسك إلى أي مستوى وصل إليه البعض ، للاستهانة بكم أنتم أيها الشعب الفقير ، شعب العراق الذي كان يعتقد أنّه يمتلك أناساً يدافعون عنه وليس العكس ، لأنّهم يترصّدون به ولا يترددوا أن يمتصّوا دمّه بأعصابٍ باردةٍ ، أصبحوا يمتلكونها من كثرة ترددهم على دول أوربا أو حتى في مقرّات سكنهم الدائمة في بلدان الجوار وأبرزها الأردن التي أضحت مرتعاً لأعدادٍ من أعضاء مجلس النواب العراقي الذين نقسم بأقدس المقدّسات أن الشعب لم يختر أياً منهم ، لأنّهم لو جاءوا حقاً عن طريق الشعب الحقيقي ، لما رأيناهم وهم يمعنون استغلالاً له. ما أجبرني أن أعود للكتابة في المجال المليء بالألغام ، هو ما رأيته من جلسةٍ يقال أنّها للبرلمانيين العراقيين الذين باتوا يحصلون على أعلى الرواتب والمخصصات والامتيازات في العالم ، سواءً كانوا داخل (القبّة) أو خارجها ، أي يوم يحالون على التقاعد ، ليواصلوا عملية حلبهم للمال العراقي الذي لم يجد ولحد الآن من ينتفض ويقول لمن يسرقونه نهاراً جهاراً ، كفاكم ، لأننا لم نعد نحتمل أفعالكم وليتكم ، قدّمتم لنا ما يوازي ما ملأتم به جيوبكم وكروشكم ورفعتم من مستوى معيشة عائلاتكم التي انتفخ أفرادها هي الأخرى ، لأنّها ومن الأساس لم تجرّب العيش في العراق وإن حصل ، فهي ليست أكثر من ساعات يقضونها في مرابع المنطقة الخضراء التي يعلم حتى (الجن) أن النفاذ إليها (صعب) إن لم يكن مستحيلاً ، وإن فكّرتم أن تتواجدوا قرب الشعب ، فهذا معناه أن يدخل الشعب كلّه الإنذار ، لأن السيارات المصفّحة وذات الدفع الرباعي للسيد البرلماني ، ستمر بقربه أو على شارع منطقته وما على المواطن إلا أن يفسح لها الطريق ، لكي يمر (ملك) الشعب وليس (خادمه) كما جرت العادة أن يكون وهو ما نراه في كل بلدان العالم ، إلا عندنا نحن ، لأن الجوازات الحمراء التي نعلم أنّها دائماً حاضرةً في الجيوب ، خير حاميةٍ لهؤلاء الذي نشك بانتمائهم و ارتباطهم بالوطن وليس المواطنة فقط. تلك المواطنة التي عبّرت عنها نائبة برلمانية في لبنان ، حين شعرت بنت (الحريري) أنّها لم تستطع أن تقدّم لشعبها أو لمن اختارها كبرلمانيةٍ أي شيء ، رغم تواجدها وحضور جميع جلسات البرلمان اللبناني وما كان يحدث من دراسة وقراءة لتشريعات قوانين تم البت بها وليس كما يفعل (أعداء) الشعب عندنا الذين عطّلوا كل ما أرسل إليهم ليقولوا لنا أنّهم لا يقدرون على تمرير أي شيء ممكن يرفع من أسهم الحكومة ، عليه كان قرار (الحريرية) الشجاع وهو.. إعادة كافة الأموال والرواتب التي منحت أو خصصت لها عن طول مدة تواجدها في البرلمان ، لأنّها تشعر بكونها لا تستحقها ، ولم تكتف النائبة بذلك وإنما قدّمت ومن خلال الكثير من الفضائيات اعتذارها العلني لشعبها أو لمن اختارها ، لتضرب بذلك خير مثالٍ عن الوطنية الصحيحة وليست تلك التي بنيت من أجل المصلحة ونهب المال العام. الشعب العراقي لم يصدم ، حين رأى مجموعة كبيرة من البرلمانيين يصوّتون على عدم مناقشة المظاهرات التي طافت أغلب المحافظات العراقية وأسبابها وهي تنادي بإلغاء رواتب وامتيازات ومخصصات وتقاعد الرئاسات الثلاث والبرلمانيين والدرجات الخاصة والتي استجابت لها الحكومة العراقية ، ممثّلةً بالسيد دولة رئيس الوزراء ، لكن من رفض حتى مناقشتها ، كانوا هم البرلمانيون (ممثّلو) الشعب الذين انكشفوا أمام شعبٍ لم يعد يرغب أو يرحّب بهم ، بل إنّه يراهم ليسوا أكثر من سارقين لقوته من دون وجه حق .. هل تعلمون بأننا لم نستغرب ما قام به أعضاء البرلمان ، لأننا كنّا واثقين من أن معدنهم الذي رأيتمونه ، سيظهر على حقيقته ، ليؤكدوا أنّهم من بنو ذلك السور العالي ، بينهم وبين الشعب ، خوفاً من نقمة أو رد فعل الشعب ، الذي لم يعد ذلك البسيط الذي يمكن التحكّم به ، لأنّه يرى ويسمع ويستطيع أن يعبّر بحريته التي لم يأت بها البرلمان ، وإنما هو الشعب من أتى بها ولهو قادر على فعل ما هو أكبر منها وما عليهم إلا أن يستعيدوا صور ومواقف وأحداث الأيام والسنوات الماضية وسيعرفون أن أكبر الطغاة في العالم تم قلعه برمشة عين ، لأنّ الشعب أراد ذلك ، فمن هم ومن يكونون أمام شعبٍ يثور من أجل حقّه وماله وحاضره ومستقبل أبنائه. أنتم لا شيء أمامنا وسترون كيف يتم قطع الأصابع التي اتهمت أنّها اختارت بعضكم ، لكي لا تتكرر التجارب المرّة التي نتجت عن سمركم في قبّة البرلمان لبضعة ساعات ، عدّتها كبريات الصحف في العالم أنّها الأغلى على مرّ التاريخ وأن البرلمانيين العراقيون ، هم من أساءوا إلى إرثٍ تاريخيٍ عالمي يطلق عليه برلمان ، ودعونا نستذكر معكم تلك البرلمانية السويدية التي كانت قد نسيت (الفيزا كارد) الخاصة بها ، لتمر بموقف محرجٍ وهي بمحطّة الوقود العامة وليست الخاصة التي نرى الكثير منها لكم ، حيث قامت السيدة (منى سالين) باستخدام (الفيزا كاد) التابعة للدولة ، ليعمّ الاستياء في الوسطين الشعبي والحكومي ، كون القانون السويدي لا يبيح استغلال المال العام لكائن من كان ، مع العلم أن السيدة (سالين) قامت بإعادة المبلغ الزهيد صبيحة اليوم التالي وقبل أن يعرف بذلك أحد ، لكن هذا لم يشفع لها ، لتلجأ إلى الحل الذي وجدته صائباً وهو تقديم استقالتها بعد الاعتذار من الشعب والحكومة ، لتقبل تلك الاستقالة ويبقى تصرف السويدية مثالاً يحتذى به ولكن ليس عندنا في العراق ، كون البرلماني العراقي الذي كنّا نعلم أنّه من ولادة الأحياء التي نعلمها ، بات يردد أنّه مولود من كوكبٍ آخر أو بلدٍ يعلمه ويحمل جنسيته وليته يذهب إليه ولا يعود إلينا أبداً وسترون كيف ينصلح حال العراق من دون برلمانيين لا يتفقون إلا على مصالحهم الذاتية فقط … أجزم أنّكم عرفتم الآن ، لماذا عدنا للكتابة وقطعنا ساعات راحتنا !!..

أحدث المقالات