في غفلة من الزمن بينما كنا نرسم خارطة هذا الوطن في مساحة القلب بسعادة لها أجنحة ترفرف بنا الى السماء، وفي غفلة من الزمن بينما كنا ننشد اناشيد الايمان وتراتيل السماء الصافية بمعزوفات القلب النابض في حنايا مساحة الوطن، بدأت غيوم سوداء قاتمة قاتلة تزحف الى سماءنا الزرقاء الصافية بات كل شيء في ظلمة وظلام ، الصراخ يتعالى الانسان منا يذبح السعادة من الوريد الى الوريد ليتحول كل شيء الى مديات حادة الاقلام الرايات الالسن باتت كلها تجرح وتذبح كالموس الملوثة بسموم صفراء .
الكلمات الاشعار باتت كالنار المقذوفة لتحرق الاخضر واليابس لتحول الخضراء في الواحات الى ارض محروقة سوداء وتحول رائحة الازاهير الملونة الى رائحة الدم والبارود والاجساد المحترقة .
في وطننا أصبح كل شيء غريب الاطوار والادوار وعيون تلتقي كل يوم مفردات وشواهد تعصف بنا الافكار والعقول .
السكاكين والسيوف تسيل من حدها الدم الصارخ، والرؤوس تتدحرج في الشوارع واخرى معلقة في معارض الاجرام، خراب واطلال باتت مدننا ومساجدنا وكنائسنا وآثارنا ومعابدنا وحدائقنا ومدارسنا .
انساننا يفقد الانتماء لوطن تحت سقف السماء، ارضنا بصراخات ترفض ان تُسفك عليها الدماء ، قلوبنا يعصرها الالم في صدورنا فبات تنبض اللعنات وتحلم افتراق اجسادنا شجبا واستنكارا ، اطفالنا مشردون في ازقة الوطن شمالنا يرفض جنوبنا وشرقنا يلعن غربنا، وطن غير ساكن الاّ الكذب والنفاق والاجرام، وطن مشرد في نفوسنا واضلاعنا، وطن صباحه خيانة وظهيره قتل وسفك وعصره تشرد ومساءه جهنم، وطننا يحكمه مرتزقة الخيانة وأمراء الحرب يدخلون أبوابه المشرعة ليلا
ليمزقوا أجسادنا وأحلامنا وأفكارنا وآمالنا وفي نهاية اليوم نستسلم لهم بقراراتنا وسيادتنا ومستقبلنا وآمالنا .
الى متى يبقى التل يحمل هذا البعير( مجلس الأمن ) الصامت عن كل شيء، الى متى يبقى هذا الوطن يحتمل الغباء ويحتمل من يبيع حضارة الانسان ويحتمل من يسفك الدماء ويمزق أحلام الاطفال، الى متى يحتمل هذا الوطن العقول العفنة والقلوب والضمائر النتنة .
الى متى يحتمل هذا الوطن من يقتل شبابنا ويسبي نسائنا ويطفئ نور أيماننا ويعيق عن الحياة أنفاسنا .
والله من خلقنا وعدنا أنه لا يغير ما فينا من عيوب حتى نغيرها بأنفسنا .
فالأمل في الاصلاح فينا لا في غيرنا وعلينا الاّ ننتظر من يصلح أحوالنا ويكرم أمواتنا ويعيد البسمة الى وجوه أطفالنا ويعيد الخضرة والنقاء الى أرضنا والصفاء الى سماءنا ونفوسنا والسماحة الى قلوبنا والنقاء الى عقولنا … فيا أهل العراق كفاكم الشقاق والنفاق .