23 ديسمبر، 2024 1:47 ص

ياترامب نقلك لسفارتكم جريمة وليست خطأ

ياترامب نقلك لسفارتكم جريمة وليست خطأ

لا يرتكب الرئيس ترامب خطأ، ولا يقوم بخطوة سيئة، بل يقترف جريمة موصوفة. فنقل السفارة الأميركية من تل أبيب الى القدس لا يعادل معنويا أقل من «العدوان الثلاثي»، أو حرباً من الحروب التي شنتها إسرائيل على الفلسطينيين والعرب.
تافهة حجة ترامب، بأنه يفي بوعده الانتخابي بنقل السفارة، فهذا الوعد، لو تحقق، سيكون مكملاً لوعد بلفور المشؤوم، الذي دفع ثمنه الشعب الفلسطيني ويدفع ثمنه العرب حتى الآن، وترتد تداعياته على العالم.
وتافهة تلك الإدارة الأميركية التي تسعى الى السلام والصفقات التاريخية لحل الصراع العربي ــ الاسرائيلي وإنهاء «القضية الفلسطينية»، بينما هي تستفز العرب والمسلمين، وتعطي الدليل الساطع على أنها ليست محاوراً نزيهاً، ولا وسيطاً عادلاً، بل طرف متواطئ ومنحاز ويتصف بالوقاحة والصلف.
وغائبون نحن العرب، لأننا بانقساماتنا وحروبنا، وبتجاربنا الدولتية المخزية، منذ نشأت كيانات دولنا، أثبتنا عدم أهلية أكيدة لمهمات التصدي للتحديات القومية، ولمتطلبات البشر اليومية، وفشلنا في الانخراط مع العالم في لعبة التوازن والمصالح والتقدم.
رغم ذلك، فإن الحقيقة لن تتغير.. تلك الأرض اغتصبها الصهاينة، والقدس عاصمتنا، بحقنا التاريخي واعتقادنا الديني وتطلعاتنا الى استعادة الحقوق المسلوبة، والانسجام مع مبادئ العدل والإنسانية.
قد يتمكن ترامب من تحقيق وعده وحلم اسرائيل في فرض أمر واقع وجعل القدس عاصمة يهودية، لكن ذلك لن يلغي إرادتنا في رفع الصوت بالرفض والضغط على حكوماتنا ودولنا من أجل أن تتشدد تجاه خطوة خطيرة من هذا النوع، والمواجهة تستحق أن تخاض، وان تدفع من أجلها الاثمان، وستبقى القدس عربية وثالث الحرمين وأولى القبلتين

وخطورة القرار الترامبي المتغطرس هنا ليست فقط بترسيخ احتلال كيان العدو للمدينة المحتلة والأراضي الفلسطينية ومحاولة شرعنة اغتصابها بل بكل ما يحيط بتوقيته ونتائجه وما سيتبعه من دعم لهذا الكيان العنصري وما يدور من أحاديث عن (صفقة قرن) بين أميركا وأدواتها في المنطقة لتصفية القضية الفلسطينية وطمس حقوق الشعب الفلسطيني.‏

لذلك فمن الخطأ الفادح التعامل مع هذا القرار الخطير على مستوى العالم العربي والإسلامي والعالمي وكل القوى المناهضة للمشروع الصهيوني العدواني في المنطقة بطريقة الشجب والاستنكار والدعوة لعقد المؤتمرات التي ربما لن تخرج إلا ببيانات الاستنكار الخجولة.‏

وكذا الأمر ليس بطريقة الحملات الإعلامية التي تكتفي بالقول إن القرار هو استخفاف بالقانون الدولي والقرارات الدولية، وأنه سيؤدي إلى نتائج وخيمة، أو أن أميركا ستندم على مثل هذه الخطوة الترامبية الهوجاء.‏

الأمر يحتاج إلى خطوات ملموسة على صعيد العالم كله توقف هيجان هذا الثور الأميركي عند حده وإلا فإن ترامب ومن خلفه المحافظون الجدد من أصحاب الرؤوس الحامية في واشنطن سيكونون أسعد الناس بمثل هذه المواقف التي تتوقف عند تخوم الإدانة وهم ماضون في تنفيذ أحلامهم الجهنمية.‏