-1-
اعتدادُ الانسان بنفسه ، والترفع عن الانكسار لايُلام عليه ، ولكن الكِبْر وازدراء الآخرين ، والنظر اليهم نظرةٌ ملؤها ” الفوقيّة” شيء آخر …
انّه من العيوب الكاشفة عن (النقص) و (الدونية) المستحكمة في الأعماق ..!!
والناس لايمنحون حبهم وتقديرهم لمن يتعالى عليهم ..
انهم ينظرون اليه بعين الريبة …
وهكذا يحشر المتكبر نفسه في زاوية حرجة لا يُحسد عليها .
-2-
واذا كان الكِبْر مرفوضاً بموازين العقل والشرع والأخلاق ، فانه مضافاً لذلك مصدرُ خطر كبير على صاحبه وقد يودي بحياته … ويُنهيها على أبشع الوجوه ..!!
-3-
وقد حدّثنا التاريخ أنَّ (عمرو بن سعيد الأشدق) آلَ بِهِ الكِبر الى أنْ يذوق كأس الحِمام بطريقة لم تكن تخطر على باله .
-4-
القصة معروفة يمكن الرجوع الى تفاصيلها في كتب التاريخ …
ومنها مروج الذهب للمسعودي ج3 ص87-88
-5-
قال المسعودي عن عمرو بن سعيد الأشدق انه :
(كان ذا شهامة وفصاحة وبلاغة وإقدام ..)
ولعلّ ذلك هو السبب في اختياره مِنْ قِبل (عبد الملك بن مروان) خلفاً له بدمشق ، يوم سار الى محاربة (زفر بن الحارث الكلابي) …
وهنا بادر عمرو بن سعيد الأشدق الى دعوة الناس لمبايعته ، ولم يتمكن (عبد الملك بن مروان) من استرداد السلطة إلاّ بعد أن أرضاه بجعله وليا للعهد ، فرضيَ وصالح …
-6-
قالوا :
انّ عمرو بن سعيد الأشدق أحاط نفسه بخمسمائة فارس (يزولون معه حيث زال )
ومثل هذا العدد من الفرسان كفيل بتأمين سملاته وحمايته – كما هو معلوم –
-7-
وذات يوم (سنة 70 هجرية) قال عبد الملك لحاجبه :
” ويحك ، أتستطيع اذا دخل عمرو أنْ تُغلق الباب ؟
قال :
نعم
قال :
فَافْعَلْ
وكان عمرو رجلاً ، لايرى أنَّ لأحدٍ عليه فضلاً ،
ولا يلتفت وراءه اذا مشى الى أحد ، فلما فتح الحاجب الباب ، دخل عمرو فأغلق الحاجب الباب دون أصحابه ،
ومضى عمرو لا يلتفت ، وهو يظن انّ أصحابه دخلوا معه كما كانوا يدخلون .
فعاتبه عبد الملك طويلاً ،
وكان وَصَىّ صاحب حَرَسهِ بأن يضرب عُنُقَهُ ،
فكلّمه عبد الملك وأغلظ له القول ، فقال :
يا عبد الملك :
أتستطيل عليّ ، كأنَّك ترى لك عليّ فضلاً ؟
إنْ شئت والله نقضت العهد بيني وبينك ،
ثم نصبتُ لك الحرب ، فقال عبد الملك :
قد شئتُ ذلك ، فقال
وأنا قد فعلت “
وَحِينَها أشار عبد الملك الى صاحب حرسه بضرب عنق عمرو بن سعيد،
وهنا التفت عمرو الى أصحابه فلم يجدهم ..!!
فضربه صاحبُ الحرس فقَتَله ،
ثم أمره عبد الملك برمي رأسه الى أصحابه ، فلما رأوا رأسه تفرّقوا ..!!
وتلك هي احدى العواقب الوخيمة لرذيلة الكِبرْ ، وقد حفظها لنا التاريخ لتكون درساً وعبرةً للأجيال .