23 ديسمبر، 2024 1:41 م

وَمِنَ الكِبْر ما قَتَل

وَمِنَ الكِبْر ما قَتَل

-1-

اعتدادُ الانسان بنفسه ، والترفع عن الانكسار لايُلام عليه ، ولكن الكِبْر وازدراء الآخرين ، والنظر اليهم نظرةٌ ملؤها ” الفوقيّة” شيء آخر …

انّه من العيوب الكاشفة عن (النقص) و (الدونية) المستحكمة في الأعماق ..!!

والناس لايمنحون حبهم وتقديرهم لمن يتعالى عليهم ..

انهم ينظرون اليه بعين الريبة …

وهكذا يحشر المتكبر نفسه في زاوية حرجة لا يُحسد عليها .

-2-

واذا كان الكِبْر مرفوضاً بموازين العقل والشرع والأخلاق ، فانه مضافاً لذلك مصدرُ خطر كبير على صاحبه وقد يودي بحياته … ويُنهيها على أبشع الوجوه ..!!

-3-

وقد حدّثنا التاريخ أنَّ (عمرو بن سعيد الأشدق) آلَ بِهِ الكِبر الى أنْ يذوق كأس الحِمام بطريقة لم تكن تخطر على باله .

-4-

القصة معروفة يمكن الرجوع الى تفاصيلها في كتب التاريخ …

ومنها مروج الذهب للمسعودي ج3 ص87-88

-5-

قال المسعودي عن عمرو بن سعيد الأشدق انه :

(كان ذا شهامة وفصاحة وبلاغة وإقدام ..)

ولعلّ ذلك هو السبب في اختياره مِنْ قِبل (عبد الملك بن مروان) خلفاً له بدمشق ، يوم سار الى محاربة (زفر بن الحارث الكلابي) …

وهنا بادر عمرو بن سعيد الأشدق الى دعوة الناس لمبايعته ، ولم يتمكن (عبد الملك بن مروان) من استرداد السلطة إلاّ بعد أن أرضاه بجعله وليا للعهد ، فرضيَ وصالح …

-6-

قالوا :

انّ عمرو بن سعيد الأشدق أحاط نفسه بخمسمائة فارس (يزولون معه حيث زال )

ومثل هذا العدد من الفرسان كفيل بتأمين سملاته وحمايته – كما هو معلوم –

-7-

وذات يوم (سنة 70 هجرية) قال عبد الملك لحاجبه :

” ويحك ، أتستطيع اذا دخل عمرو أنْ تُغلق الباب ؟

قال :

نعم

قال :

فَافْعَلْ

وكان عمرو رجلاً ، لايرى أنَّ لأحدٍ عليه فضلاً ،

ولا يلتفت وراءه اذا مشى الى أحد ، فلما فتح الحاجب الباب ، دخل عمرو فأغلق الحاجب الباب دون أصحابه ،

ومضى عمرو لا يلتفت ، وهو يظن انّ أصحابه دخلوا معه كما كانوا يدخلون .

فعاتبه عبد الملك طويلاً ،

وكان وَصَىّ صاحب حَرَسهِ بأن يضرب عُنُقَهُ ،

فكلّمه عبد الملك وأغلظ له القول ، فقال :

يا عبد الملك :

أتستطيل عليّ ، كأنَّك ترى لك عليّ فضلاً ؟

إنْ شئت والله نقضت العهد بيني وبينك ،

ثم نصبتُ لك الحرب ، فقال عبد الملك :

قد شئتُ ذلك ، فقال

وأنا قد فعلت “

وَحِينَها أشار عبد الملك الى صاحب حرسه بضرب عنق عمرو بن سعيد،

وهنا التفت عمرو الى أصحابه فلم يجدهم ..!!

فضربه صاحبُ الحرس فقَتَله ،

ثم أمره عبد الملك برمي رأسه الى أصحابه ، فلما رأوا رأسه تفرّقوا ..!!

وتلك هي احدى العواقب الوخيمة لرذيلة الكِبرْ ، وقد حفظها لنا التاريخ لتكون درساً وعبرةً للأجيال .

*[email protected]