يوم 2 آذار من عام 2015م، صدر أمر من رئيس الوزراء حيدر العبادي، بتعيين السيد علاء الدين الموسوي، رئيساً لديوان الوقف الشيعي، بعد ان رشحته مرجعية السيد السيستاني”دام ظله”، لهذا المنصب.
سيد علاء الموسوي – او كما ينعته خصومه ب”علاء الهندي”، أزدراءاً وانتقاصاً منه، بينما هو لقب للعائلة الكريمة، ومنهم جده العالم الجليل رضا الهندي – علامة محقق، له باع طويل في الدرس والتدريس الحوزوي، كما انه قام بعدة مشاريع خيرية، ونشاطات دينية في الخارج، كالكويت وقم، والهند، واليمن، ومسقط، عندما غادر العراق، وكان وكيلاً في تلك البلاد لمرجعية السيد الخوئي”قده”، ثم السيد السيستاني، ومازال، ولكن الكويت واليمن ومسقط، منعته من مزاولة نشاطه، فقام بعد ذلك بمغادرتها، وكل ذلك كان بسبب وشاية حزب الدعوة به، عند مخابرات تلك الدول.
السبب وراء الوشاية، هو كون السيد علاء الموسوي، واحد من العلماء الذين ردوا على السيد الراحل محمد حسين فضل الله، ورفضوا بعض آراءه العقائدية والفقهية، وعدوها مخالفة لما تسالم واشتهر عند علماء الشيعة، وقسم منهم دعاه للمناظرة في هذه الآراء، ولكن لم يستجب لهم، ومن يريد الاطلاع أكثر، فعليه مراجعة كتاب “الحوزة العلمية تدين الانحراف”، يجد اسماء العشرات من العلماء، ومنهم اسماء مراجع بارزة، فليس السيد علاء الموسوي وحده من ردّ ووقف بوجه السيد محمد حسين فضل الله.
حزب الدعوة يعتبرون فضل الله، زعيمهم الروحي، ولذلك يثأرون له، مع العلم ان حزب الدعوة، رفض سلطة الفقيه وحذفها من نظامه الداخلي، عندما اجتمعوا في سوريا وقرروا ذلك، وكان يومئذ فقيههم السيد الحائري، مما حدى بالسيد الحائري، ان يرد عليهم بكتاب أسماه”قرار الحذف”، وخوفا من الأشكالية الشرعية والتساؤل الذي سيواجههم عن فقيه الحزب، لجؤوا الى السيد فضل الله، لكون أفكاره تنسجم مع الحزب وتروق لهم.
لذا نرى ردة الفعل كانت قوية من إعلام الدعوة، عندما تم تنصيب الموسوي لرئاسة الوقف، كالمواقع والوكالات، ومواقع التواصل الاجتماعي، الوهمية والصريحة، وبعض الكتاب، وكلها تابعة لرئيس الوزراء السابق، الذي يغدق عليهم بالاموال، وهذا الاعلام تم توجيه على التركيز على قضايا محددة، لتسقيط السيد علاء الموسوي، مثل: انه هو قائد الهجمة ضد فضل الله، وانه خريج متوسطة، ومتهم بالفساد، وصاحب خرافة وتجهيل.
ارجعوا الى الإعلام التابع للمالكي، في قضية تنصيبه سابقاً، وقضية الفيديو لاحقاً، ستجدون نفس هذه القضايا يروّج لها بالضبط، بل حتى على مستوى بعض نواب دولة القانون، ولو شئت لأسميت هذه العناوين، ولكن اتركها للإنسان اللبيب.
سرّب إعلام المالكي جزء مقتطع ومقصود من فيديو، لدرس يلقيه السيد علاء الموسوي، في الاحكام الشرعية، كما روّج هذا الإعلام لقضية منع كتب السيد فضل الله، في معرض الكتاب للعتبة العلوية، مع العلم ان كتب فضل الله موجودة في المعرض وتباع، وبأستطاعة اي شخص الذهاب الى هناك والتحقق من ذلك، وبقطع النظر عن ان هذا الفيديو، قديم او حديث، فهي دروس فقهية معتادة في الحوزة العلمية، واحكام الجهاد موجودة في كتب السنة والشيعة عامةً.
احكام الجهاد عند الشيعة، الأعم الأغلب منها تختص بالمعصوم عند قيادته للدولة، اللهم الاّ في الدفاع عن بيضة الإسلام، بالاضافة الى ان هذه الاحكام ثانوية، أوجدها الظرف السياسي، كنتيجة لخيانة العهود والمواثيق من قبل اليهود، ومؤمرات المشركين والكفار ضد المسلمين، والقتال ليس من أصل الدعوة الى الله، فالقرآن واضح وصريح بقوله تعالى:(وادعوا الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة)، وقال تعالى:( لا إكراه في الدين)، وهل يوجد اعلان أوضح وأصرح من هذا القول؟!
دليل آخر، هو ان القتال الذي ذكر في القرآن، انه وجد لخلق النظام، وضد كل من يريد الإخلال بالأمن والاستقرار، فهو حالة ثانوية وليس أصلية، لذا دعا القران لمجاهدة المنافقين والفئة الباغية من المؤمنين، وحروب الامام علي عليه السلام، في خلافته كانت كلها مع المتمردين من المسلمين، فالجهاد لايختص بطائفة ما، وانما هو حالة طارئة وجدت لأمن واستقرار البلاد من المعتدين، وهذا ما تعمل به كل البلدان المتحضرة اليوم.
يذكر ان احد المسيحيين، في كتابه”حضارة الاسلام او العرب”، قال:( كان تعامل المسلمين مع الجماعات الأخرى من التساهل بحيث إنّ رؤساء تلك الجماعات كان مسموحاً لهم بإنشاء مجالسهم الدينية الخاصة).
اقول:وهذه هي ايران الشيعية، في ظل حكم إسلامي، تعيش فيه طوائف من غير المسلمين في أمن وأمان، لهو من أكبر الأدلة على التسامح الاسلامي لدى الطائفة الشيعية الكريمة.
اذن: هذه الهجمة الإعلامية الشرسة، من قبل إعلام المالكي، كان هدفها الرئيسي المرجعية الدينية، والإطاحة بالسيد علاء الموسوي، لطرده من منصب رئاسة الوقف، بسبب:
أولا: موقف المرجعية من الولاية الثالثة.
ثانيا: موقف السيد علاء الموسوي من السيد فضل الله.
ثالثا: موقف الموسوي، من حادثة اعتقال طلبة الشيخ المرجع النجفي، حيث وصف سيد علاء الموسوي هذا الفعل كفعل الطاغية صدام مع طلبة العلم.
انا اتعجب من الإعلام المستقل كيف يتعاطف مع إعلام المالكي؟! وبدون تحليل ورؤية ثاقبة للحادثة، وياليت كان موقف هذا الإعلام نفسه مع سليم الحسني، احد وجوه الدعوة البارزة، عندما وصف كل من يعارض افكار السيد فضل الله، وكل من يمارس شعيرة التطبير، او يفتي بجوازها، باصحاب الخرافة والتجهيل، وبذلك شتم ملايين من الشيعة، ارجعوا الى سلسلة مقالاته، (العراق وهم الدولة) ” 15″، ورقم”54″، واترك لكم الحكم.