25 نوفمبر، 2024 4:06 م
Search
Close this search box.

وين الصحة ياعديلة ؟

وين الصحة ياعديلة ؟

غابت وزارة الصحة عن مشروع الإصلاح الحكومي، وكأنها غير مشمولة بحملة إجتثاث الفساد، ولعل عدم ذكرها صراحة في التظاهرات الشعبية، جعل صناع القرار يهملونها أو يضعونها جانباً، برغم أن قوام أية دولة يرتكز على ثلاثة أسس : الأمن والصحة والتعليم، وعليها تدور كل حملات الدعاية الإنتخابية، لكن كما يبدو أن سعة الخرق لاتسعها رقعة الإصلاح، ولاسيما أن بعض السياسيين بدأوا يتبادلون التهم في ما بينهم مع الخطوة الأولى من الإصلاحات التي أعلنتها الحكومة وأيدها مجلس النواب، فيما لم يتردد سياسيون، و قادة ميليشيات، من إتهام التظاهرات بالعمالة وتنفيذ أجندات خارجية، وهذه الأوصاف لطالما تطلق عندما يخرج الناس يطالبون بحقوقهم المسلوبة، وليس منا ببعيد تلك المصطلحات التي تبنتها السلطة ضد التظاهرات السلمية في المحافظات الست، من أمثال ” فقاعة”، وتلقي الرشا، والتهديد بإنهائها بالقوة، وكانت النتيجة هذا الإنهيار الذي لم ينته بعد.
وكي لانبتعد عن جوهر الموضوع، وهو وزارة الصحة، التي تشكل واحدة من المفاصل المهمة للمواطن، لكنها غير عابئة بآلامه ومعاناته، كما هو الواقع، فيما كانت هذه الوزارة في سنوات الحصار القاسي تؤدي دوراً أفضل للمرضى، برغم إمكانياتها المحدودة، ولاسيما في تأمين أدوية الأمراض المزمنة، ومن مناشيء عالمية، إضافة الى إيجاد منافذ دوائية بأسعار مدعومة، والتي كانت تعرف بـ ” بلاط الشهداء”، ناهيك عن أن المستشفيات والمراكز الصحية والعيادات الشعبية كانت لم تزل تحتفظ بملاكات صحية وطبية يمكن الإطمئنان اليها، ماتقلل من حاجة محدودي الدخل الى الذهاب الى العيادات الخاصة، أو التفكير بالسفر الى خارج البلاد للعلاج.
الواقع ربما لايخفى على معالي وزيرة الصحة، الدكتورة عديلة العبودي، ويكفي أن تسمع وصفاً للمستشفيات الحكومية من مواطنيين فقدوا إعزاء لهم فيها بسبب الإهمال والتقصير، بأنها ” ثلاجة موتى”، فيما يسخر آخرون     بالقول : ” الله ستر .. طلعناه قبل مايموت وعالجناه بره”، ويقصدون مريضهم الذي كان يرقد في المستشفى، و” بره”، لها إحتمالات عدة، أولها الطبيب المشرف على المريض نفسه، الذي لايمكن أن يعتني به في المستشفى الحكومي، وعليه يحتاج الى نقله الى مستشفاه الخاص لعلاجه على قاعدة ” بالمال ولا بالصحة”.
أما الإحتمال الثاني، فهو السفر الى خارج القطر، بعد بيع البيت أو أي ممتلكات أخرى، ” ويكعدون على الحديدة”، فيما الإحتمال الثالث فهو اللجوء الى مراكز الدجالين المنتشرة اليوم، ومن دون رقيب، وبعد ذلك يبقى العنوان العريض ” كل واحد يموت بيومه”.
وبالنسبة لأدوية الأمراض المزمنة، فيا معالي الوزيرة، أكثرها غير موجودة، وفي أحيان كثيرة يسلم صاحب البطاقة الدوائية أدوية لاعلاقة لها بالدواء الموصوف له، ولسنا هنا نتحدث عن شركات وإنما عن تركيبة دواء أخرى قد تؤدي الى تدهور حالة المريض أو تكون سبباً في وفاته ، لاسمح الله، وللفقيد الرحمة.
العيادات الخاصة ، معاليك، أصبحت مرهقة لمرضى الدخول المحدودة وغير الموجودة، فيما البدائل الحكومية تغص بالمرضى، إضطراراً، و يسمع منهم الى جانب أنين الوجع، الشكوى من فقدان العناية والرعاية الصحية.
مشاهدات حية أنقلها لمعاليك عن مرضى تركوا العلاج الموصوف لهم لعدم قدرتهم على نفقات الدواء، وآخرين إستعانوا بالعطارين لعلاج حالاتهم التي لاعلاج لها الا بالتداخل الجراحي، فيما كتب مرضى وصيتهم بإنتظار الموت بعد أن عزّ عليهم الدواء وعجزوا عن وضع حد للمرض.
أسعارالأدوية التي تباع في الصيدليات الأهلية متباينة، فهنا بسعر وهناك بسعر آخر، إضافة الى وجود أدوية من مناشيء مختلفة، وهذه أسعارها تثير الريبة لدى المرضى، وهم يرون الفارق كبيراً بين هذا الدواء ومثيله من ” ماركة” أخرى، ” والدواء الغالي فلوسه بيه”، لكن ” كل واحد يمد إيده على كد دواه”، وبالتالي ” كله دوه” لمن لايملك حق المفاضلة.
صحيح، لم تذكر وزارة الصحة بالإصلاح، لكن الرائحة فائحة منذ سنين، وتحتاج الى علاج سريع وفعال، قبل فوات الأوان. 

أحدث المقالات

أحدث المقالات