22 ديسمبر، 2024 11:40 م

ويبقى الحسين مناراً

ويبقى الحسين مناراً

لا يمكن المرور دون إضفاء رونق التضحية التي قدمها الامام الحسين ابن علي (عليهما السلام) التي جسدت القيم التي تربى عليها, فهو الذي استقى من جده رسول الله الاخلاق والمبادئ المثلى واستلهم من والده الشجاعة والاباء ليكون الحسين (علية السلام) النبراس الذي انار لنا عتمه طريق الحق واســـس في طف كربلاء مدرسة للأجيال نستلهم منها دروسنا التي تبقينا اقوياء بوجه كل الطغاة، نثور ضد كل جور، ويتجدد ذلك العهد كل عام، لتستمر مدرسة الطف بما يروى فيها من تفاصيل ما جرى سواء بما فعله الامام الحسين(علية السلام) منذ خروجه من مكة المكرمة الى استشهاده في رمضاء كربلاء في العاشر من محرم الحرام من عام 61 للهجرة، وما تلاها من احداث برزت فيها قدرة السيدة زينب الكبرى على اكمال ما قام به اخيها الامام الحسين(ع) وايصال صوته الى العالم اجمع ، ويأخذنا المشهد الى مجتمعنا الحالي وما يقوم به احفاد تلك الثلة الباغية التي قتلت الامام الحسين(ع) وأصحابه ضد انصار منهج الحق المتمثل بمدرسة البطولة والفداء.
ان صراع الحق والباطل مستمر منذ الازل ، ونحن كذلك مستمرون في احياء ايام وليالي عاشوراء رغم كل ما يحصل فنحن نقتدي بعليل كربلاء الامام السجاد(ع)عندما وقف بتلك الشجاعة والصلابة أمام الطاغية عبيد الله ابن زياد في مجلسه، وهو أسيرٌ ومكبّلٌ بالسلاسل ينظر إليه وهو ينكث بالقضيب ثنايا أبيه تشفّياً وانتقاماً، فلم تمنعه شدّة الحزن من التصدّي له والوقوف بوجهه فقال له بكلّ ثباتٍ وجرأة ويقين (أبالقتل تهدّدني !! أما علمتَ بأنّ القتل لنا عادة وكرامتنا من الله الشهادة).
من هنا كانت كربلاء التي مضت على نهج الحق ودين نبينا العظيم محمد (صلى الله عليه وآلة) العطاء للأمة والعالم، وكانت عاشوراء الفداء للدين والإنسان، ومن هنا كان الحسين (عليه السلام) هدفا ومنهجا ومنطلقا للثوار في كل بقاع المعمورة، ومضى شهيد كربلاء العظيم على الدين حتى آخر نفس من أنفاسه الزاكية وآخر قطرة دم على طريق الشَّهادة، لا ينثني ولا يحيد، ولا يلين ولا يستكين ولا يعطي بيده إعطاء الذليل وهو يسير في حملته الأخيرة على أعداء الدين والإنسانية، مرتجزاً بشعار اللَّحظات الحاسمة والفصل الأخير، ليعلن الخاتمة المتصلة بالبداية والمستمرَّة للنهاية قائلاً أمضي على دين جدي رسول الله(صلى الله علية واله) ونحن اليوم نرفع شعار الحسين (عليه السلام) في حملته الأخيرة, لنؤكد نفس المنطلق والهدف والنهج الخالد، والخارق لكلِّ الحدود، لنقف وقفة نجدِد بها البيعة، ونركز بها كلمة الصمود والثبات الحسيني الأبدي، ليكون شعار عاشوراء شعارنا حتى نُفنى.
ومسيرنا سيبقى على القاعدة التي سنتها السيدة زينب (ع) في مجلس الطاغية ابن زياد عندما سألها عن رأيها بما جرى في كربلاء، فقالت بكل عز وإباء “ما رأيت إلا جميلا”، ومن هنا نؤكد على الاعتزاز بانتمائنا الى مدرسة كربلاء، وترسيخ منهجها فكرًا وشعورًا وعملًا وممارسة، والتزود من شريان الصمود والثبات الزينبي لتعزيز قدرات الامة امام محاولات عرقلة المضي في طلب الحق والعدل والكرامة.

مخطئ من يعتقد أن ينهي منهج الإسلام الحق والمتمثل بخط أهل بيت الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآلة) أو أن يلحق بهم الضرر أَو يزيف الحقائق، فدعونا نبدأ من حيث نتفق ونجعل مشتركاتنا نقطة البداية للوصول الى الهدف الذي نسعى الية ونتخلق بسلوك الحسين (ع).
ختاما، على جميع الحسينيين المضي قدمًا بكل ما يمتلكون من كلمة وقلم وعمل وموقف وصورة وصوت وسلوك، لنتعاون جميعا على ترجمة كلمة سيد الشهداء (صلوات الله عليه) وتحريكها على أرض الواقع وإيصال دلالاتها ورسائلها لكل الأمَة، بل لكل العالم المتعطش للحقيقة وللحياة الحقيقية.