أوهام محببة
لا تدري أتضحك أم تبكي أم تصف إحساسك بالاسى أوهو إحساس سلبي وكفى وأنت تتصفح مقالات مكتوبة بإسهاب تفتقر إلى لمسات أي من العلوم المتعلقة بأحداثمنطقتنا، لا أقول ألّا يكتبها مختصون لان هذه الحال الاختصاص يؤطرها وحسب لكن من يصفها هو إنسانالمعاناة ومن يشخصها هو المثقف، وقد يعطي من الحلول ما تحتاج لحلول، فعقلية الأماني والتقديس لكل ما هو لا يمت للواقع بصلة هو السائد وقومنا في منطقة التصادم التي نعيش فيهالهم حالات:
ولعل من أسباب هذه الحدة أن بعض أنصاف المثقفين أو من ليس لهم علم في أسلوب الطرح، يهاجمون الدين وهم يريدون القول إن العلماء القدامى ليسوا الدين وإنما هو اجتهاد لزمن والزمن تغير، لكن لا يملكون الحجة ويخافون التسفيه فيطرحون الأمر بشكل عدواني فيحتجون بسفاهة تلتقي مع التسفيه في صدام فيضيع العلم فلا هؤلاء يسمعون ويتبعونولا أولئك يسمعون فيهتدون، وهكذا ستضيع المعايير ليبرز ناس باسم الدين يفعلون كل ما نهى عنه الدين ويبقون متمسكين به دعاة إلى الإلحاد والتفسخ بسلوكهم وتيههم كنموذج فاشل متخلف، والصالح عاجز لانه لا يبحث عن الصواب خشية من فكرة العيب في تبديل الانتماء والموقف، وهو أصلا ضد ما أراد الإسلام أن يضعه في المجتمع من نكران القديم والاتباع الأعمى للأجداد.
خطاب المكونات:
عندما ثارت الناس بدوافع السلطة والمال وتلبست بلبوس القومية ضد أخوة الدين لإعانة المحتلين ولا شيء إلا وعود وليهب المحتل ما لا يملك لمن هو أصلا المالك الذي ستنتصر شرعيته فلا يعود يملك، وهو مشهد يتكرر حتىأصبح مطلبا اليوم ولكن بلا دراسة أو رؤية كل ما في الأمر أنى ظُلمت واحل محل الظالم لانتقم، وتعاظم خطاب الوحدة الاندماجية ومبني على الشعبوية وفشلت عمليا الوحدة واضحت الاتهامات بدل الفكرة وبقت الفكرة على اللسان وهي ميتة كما الشيوعية وكما الليبرالية والديمقراطية وهي في رحلة الانحدار اليوم تحول الخطاب إلى المكونات وتشرب به من بيده السلطة من متعدد المكونات، وهي أيضا كلام متداول وواقعا أن لا سلطةللمكونات، ومع هذا ولان الوضع مريح لمن بيده السلطة فهو يقدمه كمشروع حل، بدل الوحدة المجتمعية والتعايش الموجود أصلا بين الناس وهم يريدون أن تكون حياتهم سلسة وليس “اني افضل أن أكون عبدا لاحد أفراد مكوني واكره الحرية مع غيره“، هذا أيضا حبل قصير مهما امتد.
العالم بحاجة إلى إنقاذ
مع فشل النظام المبني على تقسيم الشعب وليس توحيده يبقى هو نموذج المستفيد الذي يأخذ ولا يقدم، كل ما عليه إثارة العصبيات ليبقى دون أن يقدم برنامجا أو رؤية أو خدمة وهو يقر بالفشل ولكن ليس مستعدا لمغادرة موقعه الذي سبب الفشل بل يلوم الفشل والفساد بصيغة المبني للمجهول.
هذه كلها أوهام تعيش على أوهام بغياب العدل والقيمة الآدمية، لكنها مثالية لمن يرى أن وجوده إنجاز وان نجاحه بفشل الآخر وليس لتقديمه شيء بل لم يفكر أن يقدم شيء، غاية أمنياته أن يصل لما هو فيه وقد وصل وسيبقى في منظومة تنمية التخلف، لان الجهالة التي ترعى الجهل وتمجد التخلف بيئة للفساد لا للتطور والتنمية.
كذلك من يرى عظمة دولته بالهيمنة وفرض القوة وسلب الآخرين وامتصاص ثرواتهم هو متراجع لنظام الصراعات الأليم الذي لا يدوم، أو عودة إلى نظام الأباطرة في استلال ما يرى انه حق بالموت والدمار.
أما إن أراد ترامب أن يكون كقيصر بورجيا، فليخيف الشعب، ويفكك المؤسسات كنظام وليس هياكل ويحتوي النظام القضائي، وبدايته بالتعليم مسلك خطأ، رغم أن إحاطة نفسه بالمرايا البشرية خطوة متقدمة لكن لا تكفي.