في قراءة سريعة للاحداث السياسية في العراق , ليس طبعا ما يتعرض له الابرياء من التفجيرات اليومية والتي ازهت مئات الارواح فهذا امر يصعب الخوض فيه بسبب عمق المأساة التي يتعرض لها الابرياء , فنطالع التجاذبات السياسية تحت قبة البرلمان وفي اروقته وانقسامات الساحة السياسية نلحظ ان الاكراد يقتاتون على الازمات ولهم الدور الاكبر في اشعال فتيلها سندهم في ذلك المصالح الحزبية والفئوية للكيانات السياسية الاخرى ..
لم تبتعد كثيرا عنا ازمة تشكيل الحكومة السابقة والتي كان للاكراد الدور الاكبر في تعطيلها وذلك لضمان حقوقهم القومية والتي لم يفتأوا يتشدقون بها على كافة الاصعدة سواء في العراق او خارجه وما تمخض عن ذلك من تحصيلهم لوزارات مهمة كوزارة الخارجية والتي هي محور سياسة العراق الخارجية والتسي يتحصلون من خلالها على دعم المحيط العربي والاقليمي وما التنازلات التي تقدمها هذه الوزارة بسبب سياستها المريضة الاخير دليل على ذلاك وخصوصا دول الخليج .
قبل مدة اثيرت مسألة تعدد الولاية لمنصب رئيس الوزراء والمطلع يعرف ان جذور هذه المسألة هي شيعية بامتياز وذلك بسبب الاختلاف داخل الكيان الشيعي وخصوصا الخلاف بين كتلتي المواطن والتيار الصدري من جهة ودولة القانون من جهة اخرى الامر الذي ادى الى ان تحاك الامر بينهم ضد بعض , وبعد حسم الامر امام المحكمة الدستورية بان النص الدستوري لا يتضمن تحديد الولاية لرئيس الوزراء , علما ان الدستور كان للمكونات الشيعية دورا مهما في كتابته وان تثبيت هذه الفقرة (اي عدم تحديد مدة رئاسة الوزراء) كانت من مقتضيات المرحلة لدى المكونات الشيعية , علما ان اثارة هذه المسألة كان من قبل المكون السني والتي كان الخوض بها لاجل عدم اعطاء المالكي فرصة اخرى للترشح لهذا المنصب .
بعد هذا الحسم من قبل المحكمة الدستورية تغير اصول اللعبة وبان المتضرر من هذا التشريع وبدات تتضح الامور وتأخذ منحى خطير جدا من قبل الاطراف الشيعية اتضحت رؤيته في التحالفات في الانتخابات الاخيرة (المحلية) حيث تحالف التيار الصدري مع المجلس الاعلى لتشكيل الحكومات المحلية لعدد من محافظات الوسط والجنوب باقصاء الخصم (دولة القانون) في معادلة تسحب بساط الضمير من تحت اقدام مدعي الوطنية والتي افرزت محافظ لديالى متهم بالارهاب ورئيس مجلس محافظة لبغداد تصريحاته على الشيعة ابشع من ان تذكر (طبعا بدافع الوطنية) لماذا لا يختار الشيعي سني والسني شيعي ولمتتبع يرى ان لاحظ مطلقا وحسب نتائج الانتخابات بان يتولى السنة اي منصب في مجلس بغداد وهذا ليس اقصاء لكنها الديمقراطية وكثافة الوجود وان حظ السنة في محافظ ديالى لا يرقى الى ان يصل الى المنافسة وايضا حسب نتائج الانتخابات.
والذي يتتبع القنوات الفضائية وينظر بنظرة تفحص يرى ما تعرضه قناة الفرات وبجميع برامجها انما هو نابع من هذا الامر , التنافس ليس مذموم لكن ان يصل الى هذه المرحلة التي قد تؤدي الى انهيار البلد او الى اختلال التوازن الشيعي على الاقل والذي يمكن ان يعيدنا الى سلطة البعث ولكن باسلوب (ديمقراطي).
طالعتنا اليوم الصحف والمواقع الالكترونية بخبر مفاده ان التيار الصدري والمجلس الاعلى يتنازلون عن المقاعد التعويضية للمناطق الجنوبية لحساب اقليم كردستان واعتقد ان هذه الصفقة التي تحاك اليوم انما هي استكمال لمشروع تبنته هذه الكتل من الحصول على رئاسة الوزراء لاحدهما واعتقد انه حلم ما زال يراود اذهان سياسيي المجلس الاعلى واما التيار فلا يضر عنده من يحصل على الغنيمة مقابل تسقيط خصم مفترض (طبعا حتى ولو على حساب الاكثرية من ابناء الشعب العراقي وهم الشيعة) فان العقيلة التي يعمل بها التيار الصدري انما هي عقلية المعارضة البحتة والغير ممنهجة ومواقفهم تشهد بذلك.
ان ما يتنازل عنه هؤلاء السياسيين من اجل مطامح قد تهدم بنيان اريقت من اجله الدماء وارى ان ذلك شبيه بتشكيل مجلس الحكم والذي وجدت به بعض التيارات السياسية اثبات لوجودها ولو على حساب مصلحة العراق فهم لم يتبنوا مشروع الحكومة المؤقتة وهو مشروع متكامل طرحه المرجع اليعقوبي لانهم يشعرون انهم سيعيشون المنافسة الطبيعية مع الكيانلات الاخرى وخصوصا (عراقيي الداخل).
ان الموقف الذي يجب ان يقفه الشرفاء من العراقيين هو الموقف الحازم امام التنازل الذي يقدمه السياسيين عن اصواتهم وهم لا يملكونها. فانهم يتاجرون اليوم بمقاعد هي لاصوات ابناء الوسط والجنوب ويهبونها مقابل الوعد بالحصول على المغانم . وأخيرا اعتقد ان الامر لن يقف عند هذا الحد مالم تكن هناك وقفة حازمة تجاهه واني لأرغب بان يبين العراقيين موقفه تجاه من يتاجر بأصواتهم في الانتخابات المقبلة ..