قصة ذلك البطل الذي كان السبب في فتح الحصن لمعسكر مَسْلَمة بن عبد الملك الذي فتح القسطنطينية .
-3-
والسؤال الآن :
من هو هذا البطل ؟
وما هو نَسَبُهُ ؟
وما هي قضيتُه ؟
والجواب :
انّه لمّا :
( نفّذ ومهّد السبيل لغيره أنْ ينفذوا ، ثم استولوا على الحصن )
أمر مسلمة مناديا ينادي في الجيش :
” أين صاحب النقب ؟ “
فلم يتقدم أحد
فأمر مسلمة المنادي ثانية ، (فكانت المناداة الثانية والثالثة كالأولى ، لم يلبها احد )
” وفي المرة الرابعة :
تقدّم رجل ملثم ،
لا يبين وجهُه وقال :
” انا ايها الأمير ” صاحب النقب ” ولكنْ :
آخذ عليكم عهوداً ومواثيق ثلاثة :
ألا تسوّدوا اسمي في صحيفة ( أي لا تكتبوا اسمي في دفتر للعطاء او للتشريف …)
ولا تأمروا لي بشيء ،
ولا تسألوني من أنا “
ثم اندس في غمار الجند لم يعرفه أحد …
فيض الخاطر /ج7/334-335
تتجلى العظمة في أنَّ هذا البطل لم يشأ أنْ يقبض على صنيعة أجراً إلاّ من الله … وحسبه الله جازيا ومثيباً .
لقد في عزوف كامل عن حُبّ الظهور …
وفي عزوف كامل عن الأضواء والبهارج والمفخخات ، لم يُرد الاّ نُصرة الحقّ ، والدفاع عن الرسالة لتكون كلمة الله هي العليا ..
كما انه رفض الأوسمة والمكافاءت المادية كلها .
كل ذلك امعانا في الخلوص والاخلاص .
-4-
إنّ على الذين ينسبون لانفسهم الانجازات التاريخية، – يصطنعونها اصطناعا ، ويخترعونها اختراعا وما هي في الحقيقة الاّ الادعاءات المحضة والأوهام – …
أنْ يتعلموا من هذا البطل كيف يكون العمل ؟!!
لم يكن الرجل نبيّا ،
ولا وصيّ نبيّ ،
ولم يكن من المشار اليهم بالبنان
كان رجلاً بعيداً عن العناوين الفخمة والألقاب الضخمة … ولكنه ينطوي على ذاتٍ طاهرة ، وصفاتٍ باهرة ، استطاع بها أنْ يملك القلوب ، وأنْ يستّل الاعجاب والتقدير لا من المسلمين وحدهم بل من الناس أجمعين .
إنَّ الذين يُثقلون أسماعنا بانجازاتهم في الدفاع عن حياض الوطن وخدمة أبنائه ، هم الذين كانوا وراء المحنة بكل تضاريسها …!!!
إنّ فشلهم الفظيع مكنّ ” داعش ” ،ومكنّ كل المفسدين قبلها، من ايصال العراق الى حافة الهاوية أمنياً وسياسياً واقتصادياً .
*[email protected]